ناقش الدكتور محمد ردمان التجربة النقدية للأديب الراحل عبد الله عبد الرزاق باذيب، في كتابه الصادر مؤخراً عن «دار أمجد» للنشر والتوزيع في الأردن، والموسوم بـ«التجربة النقدية عند عبد الله باذيب».
وأكد المؤلف في مقدمة الكتاب أن «عبد الله عبد الرزاق باذيب (1931 _ 1976م)، كان ناقدا أدبياً غزير الإنتاج قبل أن يترك هذا كله، ويتحول إلى الكتابة في الشأن الوطني والسياسي»، مشيراً إلى المكانة التي كان يحتلها باذيب في النقد والسياسة في أربعينيات القرن الماضي من عمر اليمن، وأكد أنه «اكتسب شهرته بوصفه رائداً من رواد العمل الوطني والسياسي والحزبي في بلادنا، لكنه لم يُعْرَف كناقدٍ أدبيّْ إلا بين أوساط عدد قليل من المهتمين والدارسين».
وتطرق المؤلف في كتابه إلى نشاط باذيب النقدي من زاويتين، الأولى تناولت في التهميد، المؤثرات الثقافية والأدبية التي أحاطت بالناقد، والثانية نظرت في الكتابات النقدية من جهتين تطبيقية ونظرية.
وأظهر الكتاب أهمية الجهد النقدي الذي قدمه عبدالله باذيب خلال سنوات عمله بالنقد الأدبي، وهو جهد دل على سعيه الدؤوب ومثابرته في سبيل النهوض بالحركة النقدية في اليمن، التي كانت تعاني من الخمول والجمود في ظل غياب النقاد المتخصصين، وقد حاول باذيب أن يسدّ هذا الفراغ في الساحة الأدبية، إذ اتخذ لنفسه رؤية نقدية نجح في تمثيلها للخروج بمنهج نقدي يحمل بصماته، ويعكس موهبته المتفردة، فضلاً عن ثقافته النقدية التي جمع فيها بين معطيات الثقافة العربية والأجنبية.
وتوصل الكتاب إلى نزوع باذيب المبكر نحو التجديد، وتفاعله مع أحدث المناهج التي كانت سائدة في الساحة النقدية العالمية، وهو تبنى منذ وقت مبكر الدعوة إلى خلق أدب واقعي، فكان أول ناقد في الساحة اليمنية يتأثر بالفكر الواقعي النقدي الاشتراكي ويسعى إلى تطبيقه. وقد تصاعد التركيز في كتاباته عن الوظيفة الإجتماعية للأدب شيئاً فشيئاً، حتى وصل إلى أقصى درجة من الوضوح في منتصف الخمسينيات. وأكد المؤلف أن باذيب لم يكتب النقد وفق منهج نقدي محدد، وخلت كتاباته من الصرامة المنهجية، فهو كان صارماً في أحكامه النقدية، الأمر الذي جعله يدخل في أتون صراعات نقدية حادة مع بعض الأدباء.
وجدير بالذكر أن أهمية هذا الكتاب تنبع من كونه يقدم ويحلل جهود أحد أهم المؤسسين للحركة النقدية اليمنية الحديثة، إذ كان باذيب على وعي بتجربته النقدية وأدواته الفنية التي يشتغل عليها، ناهيك عن أنه كان في تعليقاته يتطرق إلى ظواهر أدبية وفنية لم تكن مألوفة في الساحة الأدبية العربية، كحديثه عن قصيدة النثر في زمن مبكر، وهي النوع الشعري الذي لم يكن مألوفاً عند النقَّاد والأدباء العرب حينها.
(المصدر: العربي)