لم أكن أؤمن بالحب لأن كل النهايات التي عرفتها وسمعتها وقرأتها بدت مبتورة مشوهة، ونتائجها تنذر بالشؤم، وكأن الحب لعنة على بني الإنسان .. الى ان جمعتني بك تلك الصدفة أو ربما هي الأقدار لتثبت لي أن هناك دائما استثناءات، وأن المعجزات ما زالت موجودة.
التقت نظراتنا على الرغم من معرفتي بك العميقة - إلاّ ان إحساس تلك اللحظة بدا مختلف .. وكأنك كنت تزهر في قلبي، تنمو دون علمي .. ومع كثره إنشغالاتي لم أعرك إهتمام فظللت تنبت تتوغل جذورك في روحي حتى صرت بمثابة «شجرة المنتهى» يقضي فيها السائر عمراً فلا يقطعها.
هكذا غصت في عمق روحي، وغمرت كل مساماتى حتى ملأتها حباً وعشقاً وهياماً .. لتتراءى لي أن تلك النظره لم تكن سوى السهم الذي أيقظ ملاكك الغافي في أعماقي .. لأعلم أنك توحدت فيني وأنك استوليت على كل مفرادت وتفاصيل الروح.
حينها شعرت وكأن كوكبنا توقف عن الدوران .. وأني والكرة الأرضية هذه صرنا ندور في فلكك انت وحدك .. نعم فلكك ذاك المليء بالأسرار والخفايا والعجائب والغرائب والمفاجآت، وكأن أسرار الكون العظيم هذا اجتمعت فيك، حيث أني مازلت حتى هذه اللحظة اواجه صعوبات في معرفتك عن كثب .. والشيء الوحيد الذي بت متيقن من معرفته هو أنك ومن خلال تلك النظرة صرت مبتدأ الحياة وخاتمتها، وأن رفاتي ستوارى تحت شجره منتهاك.
نعم هكذا اضحت قناعاتي .. أنك وحدك من زعزع مملكتي، و خلع سلطاني ووحدك من غير نظرتي لهذا العالم .. ووحدك زعزعت إيماني بأنه لا وجود للحب في هذا العالم السوداوي المسكون بالقبح والبشاعة .. ووحدك جعلتني أعيد النظر والتفكير في كل مفردات وتفاصيل هذه الحياة .. ووحدك جعلتني اتيقن بأن لكل نهاية مبتورة ومشوهة طرف آخر في مكان آخر أكثر روعةً وإكتمالاً .. وبلا شكأنت فأنت النصف الآخر المبتور مني والذي امضيت حياتي السابقة بحثاً عنه .. وكأن القدر أراد أن يثبت لي بأن لكل جانب مظلم جانب آخر مضيء .. وأن النهايات ليست جميعها دائما سوداوية.
تعثرت بك .. فعثرت عليّ وعلى العالم من حولي .. وتصالحت مع الحياة كما تصافحت مع الأيام .. وتشكلت لدي قناعة جديدة بأن للمحبة روح وكيان .. صحيح ذلك الكيان قد يتراءى لنا في البدء مبعثر ومشتت، كشتات روحي قبل لقاءك لكنه يبقى موجود فقط يلزمنا بعض الوقت للبحث عنه.
التقيتك فزاد يقيني بأن لكل شخص في هذه الدنيا معجزته الخاصة .. وانت معجزتي ومبتدأ حيلتي وخاتمتها .. كيف لا وقد صرت بعضي ونفصي وكلّي، صرت معي في كل حالاتي في ضعفي في قوتي .. في كبريائي في سلامي الداخلي، في حزني وفي فرحي، في غضبي وفي ابتساماتي، وبالتأكيد في ضحكتي التى أشرقت مذ لقاءنا القدري ذاك .. ولأنهم يقولون في الأثر: ««من الحب ما قتل» .. أقول أنا: «ومن الحب ما جعلك تزهر وتضيء».
دمت لي،،،
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً