هي: الوووو ... الوووو.
هو: خانتني حروفي واعتذرت لي قائله اعذرني لكنى لا استطيع ايصال الكلمات .. لا تكن قاسيا فما فيها يكفيها.
هى: الوووو .... الوووو.
هو: ترتد حروفي من حنجرتي .. فقلت لها .. اليوم زفافي فهلا حضرتِ لتكتمل فرحتي؟ .. أتاني صوتها عبر الأسلاك لكنه كما عهدته دائما .. دافئاً وحنوناً.
هي: نعم لقد استلمت الدعوة .. ساحضر لكن نبرتها تغيرت قليلاً أصبح بها بحة حزن.
أقفل الخط .. وبقيت واقفة في مكاني يداي تمسكان بالسماعة وكأنما أناملي تجمدت .. مر شريط حياتي أمامي في تلك اللحضات .. وتبادرت الى دهني العديد من التساؤلات: هل هو فعلاً من أحببت؟ .. هل هو نفس الشخص الذي تقاسمت معه كل ما املك؟! .. هل هو ذاك الشخص الذي بعت لأجله الغالي والرخيص؟!.
لم ابخل عليه بشيء .. أكملت نقصه المادي والعاطفي .. تنازلت عن كل شي فقط لأكون نصفه الثاني .. لكن يبدو أنني وفي غفلة مني تنازلت حتى عن النصف الذي كنت أحتفظ به لنفسي .. ليصبح هو كل شيء .. ملّكته ذاتي فملكني واستعبدني.
وماذا عن ما ينبض بداخلى لأجله؟! .. لقد كاد أن يمزق صدري ويقفز من شدة الألم الوجع .. وبلا شك ذاك أمر طبيعي لأن جرحه أعمق من أن يداوى.
ها هو اليوم وبعد زمن طويل يذكر رقم هاتفي ليسحق ما تبقى من حب .. ويعلمني بأن هناك أخرى أخذت مكاني، وهي من سترتدي له الأبيض بدلاً عني .. ثم يدعوني كي أراها تمسك يده .. ونظرات اعينها تقول للحاضرين وكل العالم لقد أصبح ملكي انا.
تدعوني لأنك مصر على أن تسحق قلبي حتى النهاية .. تدعوني لتدمي الفؤاد قبل أن تدمى العيون، لتوئدني حية..اا .. ومع ذلك لا مشكلة .. لكن ثق أن الله سيسالك يوما ما: «واذا الموؤده سئلت بأي ذنب قتلت» .. وبلا شك هناك معانِ أعمق من تلك الكلمات .. فكل نهاية ظالمة موجعة .. قاتلة تعني الوئد حيا.
هو: أقفلت الخط وانا اعلم أن قلبها يعتصر الماً عليّ .. كما أن قلبي هو الآخر يتمزق الماً عليها .. فهي ما زالت حبيبتي ولن يسكن هذا الفؤاد غيرها .. يمر طيف ابتسامتها أمامي وتنهمر دموعي قائلة: إننا الفؤاد يهواها وإننا لا نزال نهيم عشقاً بها .. فلم تدميها وتدمينا؟!.
أتذكر كل الايام التي قضيناها سوياً .. ليتها تعود مرة اخرى .. ما أروع تلك اللحظات التى كانت تأتي بها لتهمس لي: حبيبي أحبك .. فأبتسم وأنظر إليها وأقول لم تاتِ بجديد فأنا اعلم ذلك .. فتترقرق عيونها بالدموع .. واقوم أنا لأحتضنها وأهمس في اذنها: وانا ايضا اعشقك حتى الثمالة يا توأم روحي .. فتنتفض من احضاني كنسر يوشك أن يطير .. ثم تقول لي متباهية: لم تاتِ بجديد فأنا أعلم ذلك.
حقا كم أفتقد شراستها حين تدافع عن حقها .. وذلك الكبرياء الذي يملأها؟! .. كم أعشق جنونها وطفولتها وكل ذلك التناقض في شخصيتها والذي شكل منها إمرأة استثنائية محال ان تنجب حواء مثلها.
اذكر آخر مرة التقيت بها كانت متأنقة كعادتها جميلة في كل شيء .. أتتني تمشي بإستحياء وقد تناثر شعرها على وجهها جراء النسيم الذي يابي الاّ ان يداعبها .. نظرت إليّ وسألت: ما بالك؟ ما كل هذا الحزن؟ .. كانت الوحيدة القادرة على فك شفراتي، وقراءتي من الاعماق كحالة الطقس .. وعلى الرغم من جمود ملامحي وقسوتها كانت دائماً ما تجد ذلك الطفل الذي أحاول جاهداً أن أبقيه بعيداً عن أعين الجميع.
اجبتها لا شيء يذكر .. فسألت عن نتائج التحاليل الطبية التي أجريتها مؤخراً .. لأننا أخيراً حصلنا على فرصة للهجرة وكانت تلك آخر خطواتنا قبل إستلام الفيزا التي كنا انتظرناها سنين .. فرصة العمر للهرب من كل شيء والعيش بسلام .. انا وهي خططنا لها كثير والآن تبخر كل شيء مع الريح.
كانت تلك المرة الأولي التي أكذب عليها .. لكنها لم تكن الاخيرة .. فقد توالت الأكاذيب بعد ءلك خوفا على قلبها من الفجيعة.
جلسنا سوياً تبادلا أحاديث مطولة تمنيت لو أنها كانت أطول .. ودعتها وقبّلتها وطبعت على جبهتها قبلة حانية كنت اعلم انها الاخيرة .. وقد أحست حينها بذلك .. اذ أنها تأملتني مبتسمة ثم قالت: لماذا تتصرف بكل هذه الغرابة؟! .. فضحكت انا وقلت لها: كفي عن التوهم لا يوجد شيء.
اليوم أقفلت الكتاب .. وسأكتب سطور النهاية على سنين عشناها سوياً .. أعدت التحاليل أكثر من مرة لكن النتيجة كانت في كل مرة مفجعة فأنا مصاب بذلك الداء اللعين وقد تمكن من الانتشار في كل مسامات جسدي .. وأعلم أن نهايتي باتت وشيكة .. لكني لا أود ان تنتهي هي أيضاً .. لا اريدها أن تموت وتذبل وهي على قيد الحياه .. لا اريدها ان تترمل وهي ما زالت عزباء في مقتبل العمر لذلك أردت لها الحياة.
اعلم أنها ستتوجع كثيراً .. لكنها بلا شك ستنساني يوماً، وتبدأ حياتها بمعزل عني .. فضلّت أنا فكرة الظهور أمامها كخائن حتى تتمكن هي من مواصلة مشوار حياتها من جديد .. إخترعت لها كذبة زواجي وأنا اعلم أنها لن تأتي .. انها إبنتي .. أختي .. صديقتي .. وحبيبتي وانا أحفظها عن ظهر قلب.
أحببتها وسأعيش ما تبقى لي من عمر على ذكرى ذلك الحب الجارف .. سامحنى يا الله على كل الخذلان والألم الذي سببته لها .. فأنت تعلم أنني لم أكن املك سوى ذلك الخيار .. علّها تعش بسلام.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً