في الحادي عشر من فبراير ثار شباب اليمن فيما اسموه ربيعاً لتحقيق التغيير، ولكن لا الربيع صار ربيعاً ولا التغيير حدث.
منذ البداية تسامح اليمنيون مع فكرة التزييف، حتى بعد أن علموا انهم كانوا ضحية أوهام بعيدة عن مبادئ وقيم الثورة التي تعرضت للمساومة والتزييف هي الأخرى، هذا لايعني أنهم مجرد ضحية، بل شركاء في القبول باستضعافهم واستمراء أساليب الخداع على الشعب تحت ذريعة "تحقيق اهداف الثورة تدريجياً"!!
عمليات التزييف التي تكشفت إبان الثورة-الأزمة على ايدي أصحابها ليست سطحية وان كانت تبدو كذلك، إنها تعكس مدى جرأة السياسي على الكذب الى مستوى هابط لا ييتحق العناء، وكان الاجدر بالشباب الثائر، صاحب المبدأ، ألا يمرر هذه التفاصيل مرور الكرام، ويرفض اعادتها.
في 2011 تفاجأ اليمنيون بأن علي محسن الأحمر ليس الاخ غير الشقيق للرئيس السابق صالح. لم يكن هناك مبرر لإشاعة معلومة كهذه، في عهد صالح، فمن حق الرئيس ان يقرب من يشاء ويثق به، ولكن كجموع يمنية لم يكن ينجع معها إلا هكذا أسلوب، بكل أسف.
في ذات الفترة تكشف للجميع ان عفاشاً هو الاسم العائلي (الجد الأكبر) لصالح! وان أصله يعود لقبيلة حميرية في البيضاء او يافع! وان أكذوبة انتسابه لسنحان ما كانت إلا متطلباً لتعاضد القبيلة حينها مع حكمه، والأدهى من كل ذلك ان الشيخ عبدالله (رحمه الله)، كان وراء إشاعة هذه الاكذوبة، في حين كشف الحقيقة أبناءه في 2011، وهو مانتذكره جيداً حين أعلنت سنحان في فترة من فترات الثورة تبرأها من صالح، وتشغيل اسطوانة هذه الحقيقة على وسائل الاعلام المناهضة ليلاً ونهاراً.
واليوم يأتي المجلس الانتقالي مصراً على السير بنهج صنعاء، وتكرار أخطائها، حيث يأتي بشخصيات يقال عنها عبر البربوجندا إنها بارزة ولكنها مزيفة، لتلعب دوراً قيادياً في هذا المجلس!
لم يكن لطفي شطارة، مضطراً لبدء حياته السياسية باسم لامع، لم يكن مضطراً ليلغي هويته كمواطن بسيط مثل اي مواطن في هذا البلد، ولكنه ارتأى التزييف الذي يرتضيه صاحب الطموح المتعالي، ولأن الطيور على اشكالها تقع، فقد استقر به الحال في المجلس الانتقالي.
لم ولن ينس أحد ردّ شطارة اثناء مشاركته في الحوار الوطني، حين اغتيل الحراكي، خالد الجنيدي، على يد عناصر الأمن في عدن، وتهريب القتلة للبيضاء ثم الى صنعاء، وطُلب منه للدفع بمحاكمة عادلة للقتلة، قال بصريح العبارة "اي واحد يخرج معارض لمؤتمر الحوار الوطني لايهمنا امره!!". وماهي إلا اسابيع فاذا بأحد خطباء الجمعة يقول "الانفصاليون ليسوا منا ومطالبهم ليست من الاسلام بشيء"، هذا هو الإرهاب بعينه، والذي تمارسه النخب السياسية والدينية حين تستمرئ التزييف كمبدأ.
ما يغيب عن ادراك المجلس ان التزييف مبدأ مرفوض في قاموس المناضلين وأصحاب القضية، الأمر الذي يتطلب منهم مراجعة حساباتهم وخطاباتهم وادعاءاتهم وجرأتهم في شيطنة الأخر، خصوصاً بعد عمليات تزييف تموضع المجلس ومبادئه المتكررة، وضمه أعضاء (يشبهونه) عمدو على تزييف هوياتهم واسمائهم قبل كل شيء؟.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً