تحل علينا الذكرى الـ55 لعيد الاستقلال الذي انتزعت فيه الإرادة الوطنية اليمنية قرارها ومصيرها التاريخي من المستعمر البريطاني في الثلاثين من نوفمبر 1967، كحصيلة مستحقة للكفاح المسلح والنضال الاسطوري الذي جسدته شرارة الثورة المجيدة في الرابع عشر من اكتوبر 1963م وتجلت من خلالها عظمة اليمنيين وتضحياتهم الجسام في سبيل الحرية والكرامة.
وفي هذه المناسبة التاريخية التي تحل علينا في وقت يحاول فيه مستعمر اخر تكرار تجربة الانجليز انطلاقا من إرث ثقافي متخم بالظلامية والاستبداد والكهنوت، متسلحا بعمامة مستوردة لا تقل اجراما وظلامية من شقيقتها المحلية، نخوض معركة مصيرية في وجه غزاة وقوى استعمارية جديدة تسعى اليوم الى استدعاء الماضي والعودة باليمنيين إلى زمن العبودية والارتهان والانكسار لاستعمار مشابه لما كان قبل 60 عاما ..
مما لا شك فيه أننا كيمنيين نحتفل اليوم ونحن نخوض ذات التجربة النضالية والكفاح المسلح الذي سجله آباءنا في ستينيات القرن الماضي، بواقع جديد ومتغيرات متعددة ومتشابكة ومعقدة الى ابعد مدى، في ظل تداخل المصالح وتضاربها بين إقليم مضطرب وعالم منقسم يوشك على الانفجار وضبابية متنامية، وكفاح منفرد متقطع تغيب عنه أسباب النجاح والاستمرارية.
7
ذلك بالرغم من تعاظم الكفاح المسلح والرغبة الشعبية في تحقيق النصر الكامل على مستعمري اليوم وفرض الإرادة الوطنية كما حدث قبل 55 عاما، إلا أن هناك بعض التحركات السياسية الدولية والإقليمية المُقيدة للعمل العسكري الحر، الذي من شأنه تغير الواقع وانهاء الانقلاب ووأد اطماع المستعمرين الجدد ونبذها بعيدا كما فعل آبائنا في أكتوبر ومخرجاتها التي تجسدت في طرد اخر فلول الانجليز في الـ30 من نوفمبر 67.
نعم، احتاج الثوار سابقا لأربعة اعوام كاملة من العمل العسكري والدبلوماسي والسياسي والشعبي المتكامل لتحقيق النصر ونيل الاستقلال الكامل وتطهير تراب الوطن من الغزاة والظالمين، على الرغم من فارق العدد والعدة والامكانات التي امتلكتها بريطانيا العظمى انذاك، ولا اعتقد اننا هنا بحاجة الى استدعاء تاريخ الامبراطورة التي لا تغيب عنها الشمس، بقدر حاجتنا لاستدعاء الإرادة والظروف والمعطيات أو ربما مفاتيح النصر الذي حققه اليمنيون على حساب الانجليز .
اليوم ونحن نمتلك الإرادة والقوة العسكرية والشعبية والسياسية والإعلامية والفكرية والثقافية وغيرها من مقومات النصر، فضلا عن الحلفاء والأصدقاء والدعم الدولي والإقليمي -بغض النظر عن اي تفاصيل اخرى-، كان بإمكاننا تحقيق ذلك النصر في اربعة اشهر أو ربما في اربعة اعوام كما فعلنا سابقا، إلا أن ذلك لم يتحقق لجملة من المعطيات والتداخلات والحسابات التي لم تفتح طلاسمها حتى اليوم ونحن نحتفل بذات الذكرى للسنة الثامنة على التوالي في ظل ذات المعطيات.
على الرغم من تعقيدات الملف اليمني وتشعباته اليوم، إلا أن الامال معقودة والابصار شاخصة نحو مخرجات التحركات الدولية والاقليمية التي يقوم بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، مؤخرا، والتي تشيء بنوع من الانفراجة على المستوى الاقتصادي والإنساني أو ربما السياسي في ظل غياب المؤشرات الفعلية عن الشق العسكري، وهو المفتاح الاجدر والأكثر موثوقية لدحر الاستعمار الجديد وفرض إرادة الشعب ومصيره.
وكما نجحت حكومة الدكتور معين عبدالملك في كبح جماح التضحم والسيطرة على التدهور الاقتصادي وتقليص اسباب الفساد وكسر الاحتكار وتطبيع جانب كبير من الأوضاع العامة والخدمات في المناطق المحررة، فضلا عن النجاح الكبير في عدد من الملفات المختلفة والهامة أبرزها توحيد الصف والقوى تحت مظلة الدولة الواحدة بالرغم من الصعوبات والتحديات القائمة، يمكن أيضا صناعة النجاح ضد المستعمرين والغزاة الجدد من متوردي فارس وملاليها.
اذ نعتقد اليوم في الشارع اليمني أننا أمام مرحلة مفصلية وخيار وحيد لتحقيق النصر الكامل، يتمثل في إطلاق العنان لثورة مسلحة حرة لا قيود عليها تجتث المستعمرين الجدد وتعيد للوطن حريته وللمواطن كرامته، فلا طريق لنا سوى ذات الطريق الذي سلكه الثوار منذ اندلاع شرارة اكتوبر حتى تحقيق الاستقلال الكامل في الـ30 من نوفمبر 1967م ..
تحية إجلال وتقدير لكافة المناضلين والمكافحين في سبيل الحرية والكرامة ولكافة المرابطين في جبهات العزة ومقاومة الغزاة والمستعمرين الجدد ، والرحمة والخلود لكافة شهداء الوطن، والشفاء العاجل للجرحى والمكلومين ..
- ايهاب الشرفي
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً