بقلم الدكتور: معين عبدالملك سعيد
رئيس مجلس الوزراء
تعود علينا الذكرى التاسعة والخمسون لثورة 26 سبتمبر والثامنة والخمسون لثورة 14 أكتوبر المجيدتين، ليس لنحتفي بهما فقط وإنما لنستلهم عظمتهما وقيمهما ومبادئهما، ونجسدها واقعاً ملموساً ونحن نواجه تحديات تحاول إعادة اليمن بلباس إيراني إلى عهد الإمامة الكهنوتية البائدة التي أسقطها الشعب اليمني، ولن يقبل بعودتها مهما بلغت التضحيات.
وينبغي علينا ونحن نعيش ذكرى الثورات اليمنية سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، أن نتمعن جيداً في مسيرة النضال اليمنية عبر التاريخ، ونقف أمامها طويلاً، لما تتميز به من تلازم وامتداد وتكامل فيما بينها رغم ظروف التشطير آنذاك، فما أن اندلعت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ضد الإمامة والحكم الكهنوتي البغيض حتى أعقبتها ثورة الرابع عشر من أكتوبر ضد الاستعمار، وتوجت في الثلاثين من نوفمبر الذي شكل منطلقاً لالتحام والتحاق الثوار من مختلف الجبهات بإخوانهم في شمال الوطن للدفاع عن الثورة والجمهورية في حصار السبعين يوماً.
إن التلازم بين ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وتكامل نضالات اليمنيين شمالاً وجنوباً، نحن أحوج ما نكون إلى تمثلها اليوم وتوحيد الصفوف للقضاء على ما هو أخطر، الرجعية الكهنوتية البائدة، والتي تحاول العودة حاملة مشروع ملالي إيران التوسعي المهدد لأمن واستقرار اليمن والخليج والمنطقة العربية، ويسعى لإيجاد موطئ قدم له في مهد العروبة.
وفي انتصار نضال اليمنيين في ثورتي سبتمبر وأكتوبر، الكثير من العبر والدروس، حيث لا يمكن تصور أن تنتصر اليمن شمالها وجنوبها لو لم يكن الشعب اليمني موحداً في المقاومة، وهو ما يستدعي منا الوقوف بمسؤولية، ونترفع عن كل الخلافات والمشاريع الصغيرة حتى ننتصر لوطننا وشعبنا الذي يعاني الويلات منذ الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً على السلطة الشرعية في العام 2014م.
لن ندس رؤوسنا في الرمال، بل علينا أن نعترف بشجاعة أن استمرار الانقلاب الحوثي ليس بقدراتهم أو من يدعمهم، بل إنه يتغذى على خلافاتنا ويستفيد منها، وذلك لن يدوم طويلاً، فمشروعه العنصري والطائفي مرفوض مجتمعياً وسينهزم قريباً، ونحن على ثقة من ذلك، ولا مكان للتخاذل أو التراجع عن هدفنا وغايتنا في استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، بدعم وإسناد أخوي من أشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، فالمعركة لم تعد معركة اليمنيين وحدهم بل هي معركة مصيرية ووجودية للعرب جميعاً، فإما نكون أو لا نكون.
الواقع يستدعي منا أن نعيد ترتيب الصفوف والتلاحم ونبذ الخلافات في هذه المعركة التي يقف فيها الشعب اليمني سداً منيعاً ضد تطييف المنطقة، وأمام المشروع الإيراني المدمر، ويخوض معركته المصيرية حماية لأمن وعروبة المنطقة بالكامل، ونعمل بتعاون وثيق مع تحالف دعم الشرعية على مضاعفة التنسيق لتحقيق الانتصار الكامل والناجز، فأعيننا على العاصمة صنعاء وكل شبر في الوطن، وما يحدث من اختراقات في هذه الجبهة أو تلك لن ينال من همتنا أو عزيمتنا.
نعلم جيداً انشغال أبناء الوطن بالوضع في أطراف محافظتي مأرب وشبوة، ونؤكد لهم أن مأرب وشبوة لن تكون إلا مقبرة للكهنوت، وصمودهما واستبسالهما هو بوابة النصر إلى صنعاء وذمار وإب وصعدة، وكل المناطق التي ما زالت تحت سيطرة المليشيات الانقلابية.
ونؤكد لكم أن الحكومة تضع معركة إنهاء الانقلاب الحوثي في أولى أولوياتها، وتسخر كل طاقاتها المالية والسياسية والعسكرية لإسناد الجبهات ودعم الأبطال من قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ورجال القبائل والشعب اليمني، وتقف معهم صفاً واحداً في معركة لا مجال فيها أمامنا إلا الانتصار..
وبعزيمة والتزام واضح نقولها لن نخذلكم يا أبطالنا الذين تجودون بدمائكم وأرواحكم دفاعاً عن الثورة والنظام الجمهوري والثوابت الوطنية، ونعمل في الحكومة بتوجيهات فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، على الاستجابة لكل الاحتياجات العسكرية واللوجستية والمالية لأبطالنا المرابطين في الجبهات، والاهتمام بالجرحى ورعاية أسر الشهداء.
فالأبطال الذين يجودون اليوم بدمائهم رخيصة في مواجهة المشروع الحوثي العنصري، إنما هم امتداد لروح سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، بل هم روح اليمن وهويته التي لا تستكين، ولن ينسى لهم الشعب نضالهم وتضحياتهم، ونثمن وقوف الأشقاء في دول التحالف استشعاراً لخطر التدخل الطائفي الإيراني الذي أراد فرض نفسه سكيناً في خاصرة العرب.
ونقول للمجتمع الدولي إن السلام لن يتحقق بالأمنيات والوعود وقد جربتم ذلك كثيراً مع مليشيا لا تفي بأي عهد أو اتفاق، وعليكم أن تدركوا أن السلام والاستقرار لن يتأتى إلا بانكسار المشروع الإيراني في اليمن.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً