ايهاب الشرفي :
ايران ليست قوية بالقدر الكافي كما يتصور البعض ،او كما رسمت صورتها لدى شعوب المنطقة خلال النصف القرن المنصرم ، كما انها ليست ضعيفة بالقدر الذي يمكن هزيمتها بسهولة حتى من قبل فيروس كورونا ، او من غريمتها أمريكا وحلفائها بالمنطقة .
من يتتبع التاريخ الإيراني سيجد انه وأثناء ما كان العرب في طور ثوارتهم التحررية من الإستعمار الغربي للمنطقة عقب سقوط الدولة العثمانية ، كانت إيران إبان حكم الشاه ، تمتلك اقوى جيش وأضخم ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط ، إلى جانب التطور الحضري والديمقراطي والمدني الذي سبقت به المنطقة حينها بمراحل ..
في ذلك الوقت كان لدى إيران أنظمة متطورة داخل دولة مؤسسات حديثة ، ومن أبرز الأنظمة الحديثة التي امتلكتها إيران حتى ستينيات القرن الماضي النظام الصحي والتعليمي ، والموارد الإقتصادية الواعدة مثل النفط والغاز والمعادن الثمينة ، وهو ما جعل منها مطمع كبير للبريطانيين الأمريكيين والسوفيت وغيرهم ،
تمكنت إيران حينها من بناء دولة قوية مستفيدة من الدعم الأمريكي والسوفيتي السخي لها إلى جانب دعم السعودية التي كانت حينها دولة فتية وضعيفة نوعا ما مقارنة بإيران في وقته ، تلك القوة والتطور الذي ترافق مع حكم اخر ملوك إيران ، كان بالإمكان أن يقدم نموذج فريد من نوعه للتصدي لفيروس كورونا اليوم ،
إلا أن نجاح ثورة الخميني التي أطاحت بالشاه ، وقضت على كل أشكال الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية وغيرها في إيران ، ناهيك عن تسبب هذه الثورة بتحويل العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى عداء تاريخي بين البلدين ، وهو ما ساهم في تراجع النمو الإيراني على مختلف الأصعدة والمجالات ، بما في ذلك الأنظمة الأساسية للدولة كالصحة والتعليم ومؤسستي الجيش والأمن وغيرها ،
عقب ثورة الخميني ، تحولت إيران إلى سجن كبير منعزل عن العالم الى حد كبير بفعل العقوبات الأمريكية المستمرة عليها الى اليوم ، وبسبب غباء وحقد الخميني واتباعه ، عمدوا إلى تفكيك جيش الشاه الذي كان يعتبر الاقوى في المنطقة ، وسعوا جاهدين الى طمس كل ما يتعلق بالنظام الملكي السابق بما في ذلك التغيرات الجذرية على الدوائر الحكومية ومن بينها القطاع الصحي ..
بالاضافة إلى الحرب مع العراق مطلع ثمانينيات القرن الماضي التي أنهكت الدولة الإيرانية ، وساهمت بخروج العراق عدوها اللدود بعد ثمان سنوات من الحرب بجيش هو الأقوى في المنطقة بل وكان يصنف بالمرتبة الرابعة عالميا متجاوزا دول عظمى كفرنسا من حيث العدد والتقسميات العسكرية .
وهنا لا يمكن القول ان ايران خرجت منهزمة من الحرب مع العراق ، بل خرجت اقوى ، ولكن عسكريا فقط ، وهو ما تبدى خلال الأيام الماضية من خلال الفشل الذريع في القطاع الصحي الإيراني لمواجهة فيروس كورونا ، وذهبت تكيل الاتهامات حول هذا الفشل على العقوبات الأمريكية عليها ،
في الحقيقة إن عذرا كهذا يحتمل شقين من التفسير ، الاول : القبول به كعذر شرعي وذلك بالنظر لقسوة العقوبات التي شملت كل شي (الإقتصاد - الحوالات المالية والمصرفية - المعدات والاليات والتوريد والتصدير .. الخ ) ، وهو ما يحرم إيران من حق الحصول على المعدات الصحية المناسبة لمواجهة هذا الوباء العالمي في وقت تمتنع معظم دول العالم عن التعامل المالي مع إيران خشية العقوبات الأمريكية
اما الثاني وهو الأهم ، كيف تمكن النظام الإيراني من بناء قوة عسكرية ضخمة واستثمر المليارات في بناء هذا الجيش الضخم ، بالإضافة إلى بناء ودعم حلفاء له في عدد من دول المنطقة ماليا وعسكريا وغير ذلك ، ولم تتمكن من تهريب المعدات الصحية او بناء نظام صحي قادر على مواجهة الأخطار التي قد تقضي على الشعب الايراني ؟
وهنا يمكن القول ان الفشل الذريع للنظام الإيراني في مواجهة فيروس كورونا ، يعود للفشل السياسي لملالي إيران وتدخلها السافر في شؤون دول المنطقة ، وتسخير كل مواردها في نشر الصراعات وزراعة الفتن الطائفية والسياسية بين شعوب المنطقة ، وهو ما انعكس على فشلها في بناء دولة حقيقية بمؤسسات حقيقية في الداخل الإيراني
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً