د. رشا الفقيه
كل من يتلطخ بالفساد يدعي أن لولاه لما تحررت عدن. وكل من يستولي على أراضي الدولة دون وجه حق يقول أنه ضحى لأجل عدن. ومن تجده يقطع إشارة المرور ويشتم هذا ويسب ذاك يقول أنه هو حامي الحمى، وهو الآتي بما لم تستطعه الأوائلُ!!
وآخرون يمرون بمواكب تسد عين الشمس ويرمون بالرصاص الحي في الجولات والشوارع المكتظة للإفساح لقائدهم المفدى، وكل ذلك لأنهم يمنون على الناس أنه لولاهم لما تحررت عدن.
مليارات الريالات لمؤسسة الكهرباء مديونية عند هؤلاء النافذين، وبسببهم تعجز المؤسسة عن شراء ديزل ومازوت للمحطات الكهربائية ليكون الضحية المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة ولا يستطيع شراء مولدات أو طاقة شمسية.
وكل ذلك العبث من النافذين يتم تحت يافطة أنهم من حرروا عدن وأتوها منقذين.
يا هؤلاء يكفي مزايدة، ويكفي عبث.. عدن محمية بأبنائها، ومحروسها برجالها ونسائها وأطفالها.
عدن هي من دافعت عن نفسها ولم تنتظر لمن يأتي من خارجها لتحريرها.
حين حررها أبناؤها كان الأدعياء في ثكناتهم البعيدة مشغولين بجبهاتهم ولم يكونوا متفرغين لتحرير عدن.
أتوا عدن مسئولين واستلموها على طبق من ذهب. وفي الوقت الذي ذهبت المليارات إلى جيوبهم والمدرعات والأطقم والسيارات الفارهة والمدرعة، وحتى المساعدات الغذائية والنقدية، ظل أبناء عدن أعزة نفوس ولم يتهافتوا على الفتات ولم يمنوا على أي قادم إلى عدن أنهم من ضحوا وحدهم.
عدن اليوم يقطنها مايزيد عن المليونين ونصف المليون نسمة من كل أرجاء اليمن، فضلاً عن المهاجرين واللاجئين الأجانب، وبالتالي محبتها مغروسة في قلوب هؤلاء جميعاً.
وهؤلاء لديهم الاستعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل مدينة احتوتهم وآوتهم وقت حاجتهم.
لا تزايدوا على الناس بما لم تفعلوه!!
يكفي سفهاً أن عشوائيتكم وصلت لحد البناء على الأرصفة والمتنزهات والشوارع.
تواضعوا قليلاً ولا تغتروا بهيلمانكم الذي تعيشونه، فقد سقط من كان أقوى منكم، وذهب من لم يكن يخطر في بال أحد ذهابه.
الأيام دول، وعليكم أن تحبوا عدن من أعماق قلوبكم بجد، وتشيعوا ثقافة المحبة والإيثار والتواضع، ليعم السلام أرجاء عدن الحبيبة، ويكون لكم فضل المشاركة فيه والتنعم تحت سمائه.
عدن كانت ومازالت وستظل مدينة السلام الفاتحة أبوابها لكل مدني مسالم ينشد الأمن ويدعو إلى المحبة.
عدن لا تكره من يحبها، وقد تصبر على من يكرهها أو يعبث بها، لكنها في الأخير تلفظه كما يلفظ البحرُ الجيف.
حفظ الله عدن وساكنيها.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً