إيهاب الشرفي :
في الوقت الذي تعيش فيه محافظة تعز حرب مدمرة ومستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام و حصار خانق ومعارك متقطعة بين الحينة والأخرى ، وحراك سياسي و إجتماعي عزز من تنامي الصراع الحزبي والجهوي و انقسام الشارع العام بين مؤدين لهذا الطرف ومعارض له ، في ظل محاولات السلطة المحلية والأجهزة الحكومية تطبيع الأوضاع العامة في المدينة الثائرة على الدوام ، تأتي المحاولة الثالثة لعرض فيلم "عشرة أيام قبل الزفة" المثير للجدل .
في حين أن تطبيع الأوضاع العامة في تعز ، تُعد كارثة بحد ذاتها في مثل هكذا أوضاع ، وذلك بالنظر إلى الحالة السلبية التي تعكسها هذه الخطوة على الشارع العام الذي لم يعد يهتم بمسألة التحرير كثيرا كما كان في السابق ولم تعد ضمن أولوياته لأن عملية تطبيع الأوضاع ساهمت بتكيف هذا الشارع مع الحصار والقصف والقنص اليومي ضد المدنين في مدينة تعز ، وأصبح يطالب بتوفير الخدمات وتحسين مستوى الأداء العام للحكومة و غير ذلك من المطالب التي تتنافى مع أولويات المرحلة الراهنة .
كما أن من شأن المُضي في تطبيع الأوضاع العامة بتعز قبل التحرير الكامل ، أن يترتب عليه رفع سقف المطالب الشعبية من خدمات و تنمية و تحسين أوضاع المعيشة العامة مثل توفير الكهرباء و المياه و المرتبات و الطرقات والى ما إلى ذلك من خدمات و تنمية يتوجب على أي حكومة في العالم توفيرها لموطنيها ، وهو الأمر الذي يستحيل تحقيقه بمدينة تعز المحاصرة في ظل الأوضاع السياسية والإقتصادية والعسكرية القائمة في الوقت الراهن بفعل الحرب الحوثية المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام باليمن عموما وتعز بشكل خاص ، وهو ما قد يتسبب بتصادم شعبي مع أجهزة الدولة وتلك نتيجة حتمية لعملية التطبيع .
وبالتالي فإن عرض فيلم عشرة أيام قبل الزفة ، من شأنه أن يساهم في تطبيع الأوضاع العامة في تعز ، ونقل صورة عكسية عن حقيقة الوضع الإنساني والأزمة المتفاقمة التي تسببت بها مليشيا الحوثي الإنقلابية لمحافظة تعز ، و حقيقة القصف و القنص اليومي ضد المدنين في المدينة المحاصرة ، بإعتبار أن عرض الأفلام السينمائية لا يكون عادة إلى في مناطق يعمها السلام ولا تعاني من أي مشاكل أو فوضى وتهديدات أمنية ، وهو مالا يتوفر جملة وتفصيلا في تعز ، لا من الناحية الأمنية أو العسكرية ، في حين أنها زفت أمس ثلاثة أطفال سقطوا برصاص قناصة المليشيا ، ناهيك عن القذائف التي تُمطر المدينة ليلا ونهار وبشكل شبه يومي .
بالإضافة إلى أن الفيلم بحد ذاته غير قانون ، ولم تشرف أو توافق على إنتاجه أو عرضه أي جهة حكومية مختصة ، وهو الأمر الذي يعتبر مخالفة للقانون والدستور اليمني المنظم لمثل هكذا أعمال ، و بالتالي فإن الموافقة على عرض الفيلم لو أفترضنا جدلا أن عرضه بتعز ضرورة ملحة ، تعتبر مخالفة صريحة للقانون ، كما أن الفيلم يحتوي على مشاهد مخالفة للذوق العام اليمني ، ناهيك عن حالة الجدل والإختلاف المتنامي لدى الشارع التعزي على الموافقة أو رفض عرضه ، وهو ما يقتضي ضرورة وقف عرضه منعا لحدوث أي أعمال عنف أو فوضى حفاظا على المصلحة العامة بتعز.
ولكن السؤال الأهم !! لماذا في هذا الوقت بالتحديد تأتي محاولة عرض الفيلم ؟ في الوقت الذي اعلن فيه محور تعز بداء عمليات عسكرية شاملة لتحرير المحافظة ورفع الحصار عن المدينة !! وماهي الفائدة التي ستجنيها تعز من عرض الفيلم ؟ سوى أنها ستنقل للرأى العام المحلي والدولي أن تعز لم تعد بحاجة لأي مساعدة أو دعم وأن كل الأوضاع في تعز أصبحت على ما يرام ، ولا ينقصها سوى العروض الترفيهية مثل السينماء والسيرك وغير ذلك من الترفيه !! مع أن الحقيقة تقول أن تعز بحاجة إلى دعم إنساني للسيطرة على الأزمة الإنسانية المتفاقمة بفعل الحرب والحصار ، وبحاجة إلى دعم عسكري و أمني لرفع الحصار و إيقاف شلال الدم التعزي الذي ينزف ليلا ونهار ، للحفاظ على أرواح النساء والأطفال في المدينة الحالمة .
- السلام والخلود لأرواح أطفال المسراخ الذين استهدفتهم المليشيا في صلاة العيد .
- السلام والخلود لأرواح أطفال صالة الذين استهدفتهم المليشيا في ثاني أيام العيد بمنطقة صالة .
- السلام والخلود لأرواح الشهداء الذين ازهقت ارواحهم المليشيا في عموم اليمن منذ إنقلابها وحتى الان .
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً