بقلم: حسين باسليم*
قبل يومين ارسل لي أحد الأصدقاء الأعزاء صورة شخصية لي في وسط مجموعة من رجال المقاومة الجنوبية ومن حولنا قائد المقاومة نايف البكري ود.الخضر السعيدي، في احد المواقع الجبلية بمدينة التواهي بعدن.
اعادت لي هذه ( الصورة ) ذكريات يوم مجيد سيظل محفورا في ذاكرتي وذاكرة الأيام العظيمة في تاريخ شعبنا ومدينتنا عدن ، وهو يوم تحرير آخر المديريات الجنوبية لعدن من رجس الميليشيات الحوثية في يونيو من العام 2015م.
ففي ذلك اليوم الأغر تلقيت في وقت مبكر اتصال من الاخ نايف البكري الذي كان يقوم بمهام محافظ عدن بالإضافة إلى قيادته للمقاومة فيها وكذا اتصال من الاخ د.محمد مارم مدير مكتب رئيس الجمهورية آنذاك لنتوجه معا الى التواهي رغم أن أصوات وازيز الرصاص ما يزال قويا من حولنا.
توجهنا معا ويرافقنا الاخ د.الخضر السعيدي محافظ ابين فيما بعد الى خورمكسر ومنها إلى المعلا لنصل إلى نفق القلوعة ، لنجد ان المرور عبره بالسيارات شبه مستحيل بسبب ركام الصخور الكثيرة في مدخله ، ما اضطرنا جميعا الى الخروج لإزالة هذا ألركام من مدخله ومخرجه بأتجاه التواهي ، ومن هناك توجهنا الى ( القصر المدور ) دار الرئاسة للقاء من سبقونا من رجال المقاومة الجنوبية والذين القى فيهم الاخ نايف البكري كلمة حماسية اكثر من رائعة اعلن فيها تحرير مدينة عدن بالكامل ودحر الانقلابيين منها الى غير رجعة.
ومن هناك ارسلت الى وكالة سبأ للانباء وقنواتنا الفضائية على الفور وبواسطة جوالي ( المناضل طيلة فترة الحرب نوت 3 ) خبر وفيديو السيطرة على القصر الرئاسي في التواهي وتحرير المدينة بصورة كاملة.
لننطلق عقب ذلك وأصوات الرصاص وتكبيرات المقاتلين تحيط بنا من كل جانب الى مقر قيادة المنطقة العسكرية الرابعة ومنها الى مبنى وكالة سبأ للانباء لاجده مقفرا بعد ان تم نهبه فتوجهت إلى مبنى الاذاعة والتلفزيون بالتواهي ( مبنى البينو ) للاطمئنان على وضعه بعد هروب الحوثيين منه على عجل تحت ضربات المقاومة ، وعلى بوابته الخارجية وجدت عدد من المقاومين والزملاء من موظفي قناة عدن التي كلفت بأدارتها من فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية خلال فترة الحرب على عدن ، وهم يتولون حراسة المبنى وفي مقدمتهم الاخ احمد الحمادي فأطمأن قلبي وغادرت المبنى.
كانت الطرقات الرئيسية في التواهي مقفرة وشبه خالية ومع استمرار اصوات اطلاق النيران ، الا من رجال المقاومة الاشاوس فيما كان عدد كبير من الجثث متناثرة هنا وهناك وتنبعث منها روائح التحلل وتحوم حولها اسراب كبيرة من الغربان ، وهو مادفعني للتواصل اكثر من مرة مع الهلال والصليب الأحمر والمعنيين لسرعة اخذها.
وغداة ذلك اليوم وبدعم من الاخوين محمد مارم ونايف البكري شكلت 3 فرق تليفزيونية من قناة عدن لتوثيق مظاهر وآثار هذه الحرب الظالمة على عدن ، وما خلفته من خراب ودمار كبيرين ونزوح جماعي للسكان ، وكان الفريق الأول مكلفا بمديريات المنصورة والشيخ عثمان وصولا إلى محافظة لحج ، والفريق الثاني تولى توثيق مديريتي خورمكسر كريتر ، فيما الفريق الثالث تولى توثيق احياء المعلا القلوعة والتواهي واستمر العمل هذا لأيام عديدة ، وجميع هذه الوثائق سلمت لمدير التصوير الخارجي بقناة عدن الاخ رامي العقربي الذي بذل جهود طيبة في هذا العمل الجبار.
ذكريات محفورة في الذاكرة بحد السكين لايام حرب بائسة ومريعة ، حرب فرضت علينا ولم نختارها واستشهد جراءها مئآت بل آلاف الأبرياء والمقاومين وجرح من جرح ودمر مادمر ونزح الآلاف من سكان عدن ، ومنهم من فقد مسكنه بصورة نهائية بعد تدميره ( وانا واحد منهم عمارة هاير في المعلا ) ، لكنها تظل ذكريات - رغم كل الألم - جديرة بالتدوين والتسجيل!.
** نائب وزير الاعلام.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً