ايهاب الشرفي
خيانة أم عجز !!؟ الحوبان وما أدراك ما الحوبان !! (2-2)
الساعة 04:59 مساءاً
ايهاب الشرفي


بقلم - إيهاب الشرفي :

الحوبان وما ادراك ما الحوبان !! قصة وجع منسي من أوجاع تعز المتعددة ، هي حكاية من ألف حكاية للهلاك والخوف والأمل الذي يتلبس أبناء الحالمة منذ أن سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية على المدينة قبل أربع سنوات ، هي الحوبان نقطة الصفر ومحور الصراع ومنطقة نفوذ وبطش شمطاء صعدة بالفاتنة تعز وأهلها داخل المدينة وخارجها ، هي الحوبان خاصرة الألم وبؤرة الموت الحوثية التي تغذي وتمد ذئاب مران الرابضة في أطراف الحالمة تنهش جسدها المتهالك غدوة وعشيا ، وتقتل صغارها وتشرد أهلها وتهجر رجالها وتيتم أطفالها ، فيما العالم ينظر إلى كل ذلك بصمت مريب ويغض الطرف عن القصف والقنص والحصار المطبق على الفاتنة تعز ، وكأن ما يحدث فيها من معاناة ومجاعة و أنهار الدماء التي تسفك ليلا ونهار ، مسلسل تلفزيوني طالت حلقاته ، أو دوري محلي لكرة القدم من الدرجة التاسعة عشر .


هي الحوبان التي أصبح الوصول إليها من داخل المدينة سفرا حقيقيا يتجاوز 7 ساعات عبر طريق وعرة بين الجبال التي تكتض بالقناصة ومسلحي عناصر المليشيا الإنقلابية المنتشرة على جنبات الطريق المرتفعات المجاورة لها ، ناهيك عن عمليات الإعتقالات والإختطافات والمضايقات التي يعانيها المسافر بين مدينة تعز والحوبان من نقاط التفتيش الحوثية طوال الطريق ، بعد أن كان الوصول إلى ذات المنطقة لا يستغرق أكثر من 5 دقائق ، كما أن فتح طريق الحوبان المدينة من جولة القصر أصبح ضربا من الخيال و حُلماً يراود كل تعزي أكتوى بنار الحرب وتقطعت به السبل وفرقت بينه و أسرته أو ممتلكاته خارج أسوار المدينة المحاصرة ، ناهيك عن الإعتقالات الممنهجة والعشوائية الذي تمارسها المليشيا في طرقات الحوبان منذ حصارها تعز .


ولأن الحوبان أضحت المركز الرئيسي الأبرز لتواجد المليشيا ونفوذها وسلطتها الأولى على تعز وأهلها ، و لأن الحوبان أصبحت نقطة محورية لإدارة العمليات العسكرية ونقطة انطلاق عناصر المليشيا لقصف وتدمير ومحاصرة أبناء ومدينة تعز ، و لأن المنازل والمرافق في الحوبان تحولت إلى معتقلات وسجون حوثية تكتض بالآلاف من أبناء تعز ، ولأن الحوبان المتنفس الواسع للحالمة ومنفذها الكبير إلى باقي محافظات الجمهورية ؛ أليس من الضروري بل والواجب على مختلف مكونات تعز (قوات الجيش والمقاومة) وكذا المكونات السياسية والقبلية والنخبوية المختلفة أن يعملوا جميعهم في سبيل فتح هذا الممر الهام الذي يمثل المركز العصبي لمحافظة تعز !؟ ألا يمثل فتح وتحرير الحوبان إنتصارا حقيقيا لإرادة الشعب والجمهورية وأهداف عاصفة الحزم !؟ الا يمثل تحرير الحوبان ضربة قوية لمليشيا الموت والدمار وقطع سُبل إمداداتها العسكرية المتجه إلى مختلف مناطق تعز والمحافظات المجاورة !؟ وهل يحتاج تحريرها إلى معجزة ؟! 

ذات الأسئلة أعكسها على الحكومة الشرعية و قيادة التحالف العربي ، فهل من إجابة لديهم عن هذه الإستفسارات البسيطة !! في الوقت الذي يؤكد فيه أبناء تعز أن خلاف التحالف مع أي طرف أو مكون أو حزب ، لا يعني الناس في تعز ، لأن تعز ليست حزبا ولا جماعة ، لأن تعز وببساطة بقعة جغرافية تحوي شعبا يتجاوز تعداده أكثر من ستة ملاين نسمة ، هُجر وشُرد بعضهم وقُتل البعض الآخر ، فيما الأغلبية منهم يقبعون تحت رحمة نيران وقذائف المليشيا ورصاص قناصتها ، ويعيشون جميعهم اسوى أزمة إنسانية عرفتها البلاد ، فقر وجوع وعجز ودمار ومختلف الأوبئة والأمراض ، رسالتهم ألم وأمل ، ورجائهم أن يكف الجميع عن إختلاق المشاكل والمعارك في منطقتهم ، فقد سئموا من الموت ورائحة البارود ، واكتفت افئدتهم من الأوجاع والأحزان ، وتبلد فيهم الإحساس بالوقت وهم ينتظرون شروق يوم التحرير ، وارواحهم الطموحة تشتاق لذاك اليوم العظيم الذي يعلن فيه الجميع بما فيهم التحالف العربي التحرير الكامل لتعز .


ولكي تنتصر اليمن لابد أن تنتصر أولا تعز ، و لكي تنتصر الشرعية والتحالف يجب عليهم أن لا يخسروا تعز شعبا وأرضا و إنسانا ،  ولابد من الاخذ بعين الإعتبار أنه لا يمكن إحتساب تعز بثقلها السياسي والجماهري على طرف معين ، أو تأجيل تحريرها لإعتبارات سياسية ؛ وهل جاء التحالف أصلا لتصفية الحسابات السياسية أو لنصرة اليمن !؟ ولكي تتحرر تعز لابد من تحرير الحوبان ومقبنة والبرح وغيرها ، ولكي يحدث ذلك لابد من أن تتكاتف المكونات المختلفة في تعز وتتوحد تحت قيادة واحدة لهدف واحد وغاية واحدة ، ويجب أن يتوقف الجميع عن إتهام بعضهم ويكف الجميع عن لغة التخوين لأن من يتهم الإصلاح بالخيانة أو التقاعس ، الإصلاح قدم الكثير من شبابه وضحى بالكثير من رجاله في سبيل تعز ، ومن يتهم السلفين أو ابو العباس بالخيانة ، هم الآخرين قدموا تضحيات جسورة في سبيل تعز ، من يتهم المؤتمر بالخيانة المؤتمر أيضا ضحى وقدم كل ما بوسعه من أجل تعز ، الأمر ذاته ينطبق على كل المكونات والأحزاب والأطراف والجماعات ، جميعهم قدموا الكثير والكثير من التضحيات والجهود في سبيل أن تبقى تعز آمنة مستقرة ، وانا ادرك تماما أن جميعهم ينشدون الحرية الكاملة لتعز ، ويسعون إلى إستقرارها وتطبيع الأوضاع فيها .


يمكن القول أن من يحاول إذلال تعز أو كسر شوكتها أو تهشيم حلمها وتشويه صورتها الجميلة ، هي تلك الجهات التي لا تمتلك أي رصيد نضالي أو تواجد على أرض الواقع عسكريا أو سياسيا ، وبعض أولئك الموترين الذين لم تكتوي نفوسهم بنار الحرب ولم تذق افئدتهم مرارة واقعها اللعين ، وهي الفئة التي تتقمص دور الشيطان وتبذل ما بوسعها لشق الصف وتفريق الجماعة ليسهل على الأعداء والمتربصين ابتلاع تعز ، حيث حولت هذه الفئة الهدف الجمعي لأبناء الحالمة إلى أهداف وتشعبات وزرعت الأحقاد في أوساط المجتمع الواحد ، واجبرت الجميع على التمترس وشحذ الأسلحة النارية والإعلامية لصراعات وحروب لا ناقة لتعز ولا جمل فيها ، سوى مزيد من الحسرة والدماء والدمار والأوجاع .

من خان تعز ومن خذلها ومن تسبب بتأخير تحريرها ، هو ذاته من يغذي وينتفع من الصراعات الداخلية ، هو من يحرض على الفتنة و الصراع بين أبناء تعز سواء بالكلمة أو بالقول أو بالفعل ، في حين أن هذه الانقسامات و الصراعات كانت عسكرية أو سياسية ، لا يجني ثمارها ولا يستفيد من نتائجها سوى مليشيات الكهنوت الحوثية الانقلابية التي تشن حربا عبثية ومدمرة على محافظة تعز منذ إنقلابها على الدولة قبل أربعة اعوام ، وكيف لا تستفيد وهي ذات المليشيا السلالية التي عجزت عن إركاع أو إخضاع تعز لسلطة سيد مران وحاكمها السلالي .


ولكن هذه تعز رغم كيد الكائدين ، تمرض ولا تموت ، تستفيق بعد غياب وتعود من بين الركام تحمل راية النصر والأمل وأسباب البقاء ، ستنتصر يوما ما ، وفجر تحريرها يوشك على البزوغ ، وستعود الحوبان وغيرها إلى حضن الجمهورية إلى دفئ تعز إلى عظمة أبنائها ، شاء من شاء وأبى من أبى ، نعم هي ذاتها تعز ، أيقونة الثورات ورمز الحرية والصمود الأسطوري، والأمل الذي لا يتستر خلف ستار ، والحلم اليمني الكبير بدولة مدنية حديثة تنافس دول المنطقة والعالم إقتصاديا وتعليميا وسياسيا وعسكريا وصحيا ، يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات ، تسودها ثقافة العدل والمساواة والتقسيم العادل للثروة والسلطة ، نعم هذه هي أحلام و تطلعات تعز وأبنائها الذين يدفعون ثمن ذلك غاليا ، ويناضلون في سبيل تحقيقها ويقارعون أعداء الإنسانية وأعداء الحياة من أربعينيات القرن الماضي وحتى الآن في ربوع اليمن السعيد .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص