إيهاب الشرفي
تحاول القوات العسكرية المشتركة إقتحام مدينة و ميناء الحديدة الإستراتيجي ، بعملية عسكرية مكثفة برا و بحرا وجوا ، لفرض أمر واقع و إجبار مليشيات الحوثي على خوض مفاوضات سلام تقدم من خلالها تنازلات كبيرة كانت ترفض تقديمها سابقا .
بالمقابل تستميت مليشيا الحوثي بالدفاع عن مدينة الحديدة وتقدم ضحايا بشرية و مادية هائلة ، لتثبت للطرف الآخر أنها ما تزال قادرة على خوض النزال المسلح رغم قسوة الحرب عليها والتكلفة البشرية و المادية الكبيرة التي تفقدها بشكل يومي ، بغية خوض المفاوضات برصيد سياسي و عسكري يوازي الخصم .
لكن المعضلة ليست بطرفي النزاع المتمثل بالحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي ، و الحكومة الإنقلابية بقيادة زعيم المتمردين عبدالملك الحوثي ، المعضلة في الأطراف الدولية الأخرى التي ازداد عددها و تشعبت رؤيتها و تنوعت افكارها ، وشملت الكثير من القوى العظمى و الصغرى ، ابتداء من دول التحالف العربي التي تقود معركة عسكرية منذ أربع سنوات باليمن قدمت من خلالها تكلفة باهظة ، و بريطانيا و دول الإتحاد الأوربي التي تتحدث بإستمرار عن الأزمة الإنسانية إلى جانب المصالح الإيرانية بالمنطقة ، وهناك أيضا الصراع الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط .
ايضا هناك معضلة اخرى لا تقل أهمية عن الصراع الدولي الظاهر على الساحة اليمنية ، المتمثلة بالدور المشبوه الذي يلعبه المبعوث الأممي إلى اليمن ، حيث ترى نخبة من الساسة اليمنيين ان مارتن غريفتش يلعب دور سلبي في الأزمة اليمنية لصالح قوى الانقلاب الحوثي و هذا يظهر من خلال تحركاته الميدانية و رؤيته لحل الأزمة اليمنية التي ترفضها الحكومة الشرعية و حلفائها .
كما أن تفاقم الأزمة الإنسانية المصاحبة للعمليات العسكرية بفعل طول المدة الزمنية لهذه العمليات و خشية الأمم المتحدة من إغلاق ميناء الحديدة بعد عملية التحرير كما حدث بمدينة عدن ومينائها ، ، يجعل من الصعوبة بمكان قبول المجتمع الدولي بالحل العسكري ، و بالمقابل يعطي فرصة كبيرة للمليشيا بالتمسك بمدينة الحديدة بحجة انها المنفذ أو الشريان الوحيد لنحو 22 مليون يمني .
ايضا صراع النفوذ بين السعودية و الإمارات يلقي بظلاله على معركة الحسم بالحديدة ، كا يجعلها مأزق كبير لكل الأطراف المحلية و الدولية ، و بؤرة إستنزاف مالي وعسكري يدفع الجميع فيه كل الاوراق السياسية و العسكرية على حدا سوى ، فيما المستفيد الوحيد من هذا المأزق هم تجار السلاح و زعماء الحروب في العالم .
لا الشرعية ستحرر المدينة عسكريا و لا الحوثي سيحافظ على أمان المدينة و لا الأمم المتحدة ستنجح بفرض حل سلمي للأزمة ، ولن تسمح بذالك أمريكا و روسيا ، و لن تتوقف إيران عن مد الحوثيين بالسلاح بالمال و لن ينتهي الصراع السعودي الإماراتي البارد على مشارف مدينة الحديدة ، ولن يسلم اهلها الضعفاء من دفع التكاليف باهظة الثمن .
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً