المتتبع لمسيرته وأدائه لعمله يجد ان رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر اختار خوض التحدي من أوسع الأبواب، لم يكن مرغماً ولا مجبراً ولكنه اختار المواجهة والتواجد في الميدان والتنقل من مدينة لمدينة والنزول الى الاحياء والشوارع باختلافها، لم يتوارى في برج عاجي او يكتفي كغيره بإدارة حكومته من خلف المكتب.
ها هو اليوم بن دغر يخوض تحدياً أخر بل ويدخله من أوسع أبوابه، لقد أكد الرجل من وسط مدينة المكلا، رحم الحراك الجنوبي، على تمسكه بخيار الدولة الإتحادية، وكأنه لا يريد إلا أن يوسم بـ"رجل المواجهات" "البعيد عن التورية"، خصوصاً وأنها ليست بجديدة عليه، فقد سبق له أن رفع علم الجمهورية اليمنية في احتفائية سبتمبر الماضي في محافظة أبين، المحافظة المحتقنة غضباً حراكياً، والمثخنة بدعاوى استعادة دولة الجنوب.
لدى الرجل إيمان قوي بأهدافه المتجاوزة للجغرافية، والمناطقية، والبعد الزمني المعلوم، فتجده يدعو العامة قبل الخاصة للتأمل بين المفاهيم التي ظللتها المظالم، فيضع المقارنة للمواطن بين الهوية الوطنية الجامعة لكل البسطاء في هذه البلاد، وبين النظام السياسي الذي مارس الفساد واغرق به الجميع دون استثناء.
إن المعركة قاسية فهي ذات جبهات متعددة الأنواع والمستويات، سياسية، إقتصادية، اجتماعية، خدمية، طارئة، وذات مراحل، وهي في ذات الوقت مع زعامات وقادة مكونات وفصائل وجماعات تارة، ومع الوعي المجتمعي المشوش بكل التناقضات تارة أخرى، وفوق كل هذا يصر الرجل على معالجة الأزمة من الجذور، وبما يرتضيه ضميره، وحين تكون الأكاذيب هي مايراد سماعه، يختار الصدق في توصيف الإشكاليات، والتصريح بالتعهدات، وفي المواجهة.
لا يتختلف اثنان حول شجاعة بن دغر الذي لم يكن بحاجة لتصدر المشهد من عدن، لقد قالها أكثر الناس خصوماً لحكومته، إن الخلاف ليس حول بن دغر فقد اثبت صبراً، وشجاعة، وحكمة، لم تكن لتتوفر في غيره، وما تعاطيه مع أحداث يناير بتلك الروية والهدوء إلا إحدى الشواهد، أن الخلاف سياسي عميق يتعدى الدولة التي لازالت ثعابينها تتراقص، والرهان ليس على صمود بن دغر في تولي مهامهه الصعبة، والذي أثبت اليوم من حضرموت ثباته ويقينه بما يقوم به، بل الرهان اليوم على المجتمع اليمني، قياداتٍ وشعباً، هل يمدون يد العون للحكومة لاستعادة الدولة وتحقيق حلم الوطن المنعم بالأمن والرخاء؟ هل سيعي المواطن انه رقم مؤثر في إنجاز مشوار الألف ميل الذي يبدأ بخطوة؟ هل آن الأوان ليكون سنداً للحفاظ على النظام والقانون؟ هل حان الوقت ليدع هذا المجتمع المكابر عناده ويصطف لمحاربة الفساد لا محاربة الشخوص؟
لقد أعطى هذا الشعب الكريم فرصاً تلو الأخرى لزعماء امتهنوا بيع الوهم على الجميع، وقلما ثبت زعيم على موقفه، لكن بن دغر فعل، ورغم علمه أنه سيدفع ثمن موقفه من رفض ومكابرة ومهاجمة الكثيرين بناء على تعصب أعمى.
وأخيراً.. قلما حظى الشعب اليمني بقائد ينزل الميدان ويتعهد الشارع بالخدمات ويسهر على حل الأزمات، وها هو بن دغر موازناً بين تمتعه بالشرعية الدولية وتحمله مسؤولياته المحلية، ألا يستحق تكاثفاً ودعماً وفرصة حقيقية؟
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً