لم يعلق أحداً من الحاضرين على الموقف .. بل ان الجميع ضلوا يرقبون المشهد بصمت .. مركزين نظراتهم الساخرة على الرجل «المؤيد للانتقالي» الذي بدا مكسوفاً مطأطئاً رأسه الى الأسفل وكأنه ارتكب فضيحة .. كنت حاضراً لحضتها في المكان والله يشهد ان ما نقلته لكم هو ما شهدته وسمعته حرفياً .. وفي الحقيقة انه ورغم بساطة هذا الموقف الا انه أكد لي حقيقة في غاية الأهمية .. وهي ان الناس في «عدن» وفي كل اليمن اتقنوا الدرس القاسي والمؤلم والموجع الذي لقننهم اياه «شيطان الكهف» الحوثي جيداً ولم يعد لديهم أن قدرة او إستعداد أو حتى مزاج لتأييد او تصديق اي متمرد او داعِ للفوضى أياً كان، ومهما بدت وعوده مغرية .. وانهم لا ينشدون سوى الاستقرار وعودة الحياة والدولة والنظام والقانون الى سالف عهدها.
كما اكد لي الموقف حقيقة ان السواد الأعظم من العدنيين والجنوبيين بشكل عام صاروا يرفضون تماماً وقطعياً ممارسات وشطحات وهذيان ما يسمى بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الاّ الكثيرين منهم لا يجرؤون على المجاهرة بقناعاتهم تلك .. خوفاً من بطش وتعسفات المليشيا التابعة لذلك المجلس .. وهذه حقيقة جلية يدركها كل من يسكنون «عدن» ومل من يتعايشون مع اهلها .. اذ ان ما تجرعه وعاناه سكان «عدن» جراء بلطجة وقمع وانتهاكات تلك المليشيا خلال توليها زمام الامور في «عدن» الفترة الماضية - زرع بداخلهم مخاوف كبيرة .. وبالتالي راحوا يتحاشون الاصطدام بها او المجاهرة بمعارضتها قدر الامكان.
الشارع العدني والجنوبي بل واليمني بشكل عام - بات اليوم يكفر بشيء اسمة ثورة او انقلاب، وصار كذلك يتوجس ريبة من أية دعوات تطالبة بالخروج والاعتصام او التظاهر .. اذ ان السبع السنوات العجاف التي مرت، وما تخللتها من ثورات واحداث وتقلبات وتحولات وانقلابات وحروب ومآسِ ومجاعات وابئة وغيرها - كانت كفيلة بتعليمهم الكثير من العبر والدروس التي وكما يبدو بنوا قناعاتهم الحالية وفقا لها .. ولعل أهمها: أن العيش تحت ظلال الدولة والحكومة صاحبة الشرعية والمعنية بتطبيق النظام والقانون ومهما بدت ظالمة او مقصره مع الشعب - خيراً الف مرة من الاحتكام والخضوع للمليشيات والجماعات الخارجة عن النظام والقانون مهما قدمت من اغراءات واظهرت من وعود.
تلكم الحقائق وغيرها كثيرة هي السائدة والماثلة في الشارع اليمني اليوم وعلى امتداده من «المهرة الى صعدة»، وجميعنا يدرك ذلك جيداً .. ومن يقول عكسها فليس سوى مدعي ومغالط يسعى لتنفيذ اجندة تخريبية وصولاً لتحقيق مصالح ومآرب خاصة .. وهذا ما يجعلنا نجزم ونؤكد على الدوام بأن جميع العقلاء من العدنيين والجنوبيين وكل اليمنيين يؤيدون ويباركون ويناصرون خطوات وتوجهات القيادة السياسية والحكومة الشرعية بغض النظر عن انتقادات بعضهم لأداء بعض أعضاءها والمتعلقة بالتقصير وبعض الاخطاء البسيطة .. لكنهم اولا وأخيراً مع الرئيس «هادي - ومع بن دغر» كونهم يمثلون بالنسبة لهم الدولة ومستقبل الاستقرار في البلد مرتبط بهما .. ولذلك لم يعودوا مستعدين لمناصرة أي طائش او طامح او معتوه من اصحاب المشاريع التخريبية الصغيرة.
وعليه نؤكد بأنه لا داعي للقلق من الزوبعات والهرطقات، والتهديد والوعيد الذي يبدية «فوانيس الانتقالي» - لأنهم في الأساس لم يعودوا يمثلون سوى انفسهم ومليشياتهم الخارجة عن النظام والقانون وهي بسيطة ومعروفة ومن السهل التعامل معها .. كما ان الحكومة الشرعية باتت محروسة ومحمية ومحصنة بشعبها الذي يدين لها بالكثير والكثير من الانجازات والخدمات العظيمة، وبات يعتبر رئيسها دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. بمثابة «القديس» الذي صنع وحقق المستحيل في ظل اصعب واعقد واخطر الظروف .. وليعلم الجميع أنه وفي حال شعر هذا الشعب بالخطر على حكومته فتأكدوا انه سينتفض عن بكرة ابيه ويتصدى لكل العابثين والمخربين والخرقى .. وبلا شك سيكون لهم هذه المرة درس العمر.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً