بقلم / إيهاب الشرفي
على مدى سنوات مضت ظل القلم هو لسان حال النخبة الثقافية و الإقتصادية في وطني ، ناهيك عن إعطائه السلطة الرابعة في الأعراف الصحفية و الدولية ، استخدمه ثوار الأرض و تسلح به كل مناضل حر يتطلع لبناء وطنه و إعمار أرض بلاده ، كسر به المناضلين جحافل الغزاة و غير به العظماء مجتمعات و حضارات على مدى الالف السنين .
تدهور الريال اليمني موخرا في ظل حربا هوجا و انقسامات حادة تسببت بها مليشيا الاجرام و الدمار ، وعملت جاهدة من يومها الاول على نهب الإحتياطي من النقد الأجنبي المقدر باكثر من 5 مليار دولار ، و تسببت بتعطيل الإقتصاد و الصادرات من النفط و الغاز و أغلقت الموانئ و السياحة ، ليتباكى قيادة تلك المليشيا على دولتهم المسلوبه ، التي يزعمون أنها فقدت جراء معركة الأجداد، بيد أن الوقائع والممارسات التي تشهدها اليمن ، أظهرت جيل إماميا جديدا نسخة أكثر غباء من سابقه .
و بين كل هذة التركمات من الفوضى و الإنهيار المتسارع لسعر الريال أمام الدولار والذي تجاوز حاجز الخمسمائة ريال، و استشعارا بالمسؤولية و إيماناً بالقضية العادلة للشعب اليمني ، أطلق رئيس الحكومة "أحمد عبيد بن دغر" لقلمه العنان ، ليقف امام الكارثة وقفة رجل صادق ، متخليا عن كل اوجه السياسة و الدبلوماسية ، مناشدا اخوته بالدم و الموقف ان ينقذوا شعبا يوشك ان يتلاشى جوعا و مرضا ، للحفاظ على المصالح المشتركة بين الحلفاء، أولها وفي أساسها إنقاذ الريال اليمني من الانهيار التام الآن وليس غداً.
قالها إبن حضرموت الشموخ ، دون مواربة إن الأصوات الخافتة التي تطالب اليوم بوقف إطلاق النار، والاعتراف بالأمر الواقع سوف تعلو غداً، وسيسمعها العالم وستشكل ضغوطاً قوية على موقف الشرعية، وعلى التحالف، وسيتغير الموقف الدولي من الأزمة في اليمن وعلينا أن نتحمّل ما سيحدث بعدها.
بن دغر راهن بمستقبل حكومته و بالبنك المركزي اليمني، واعتبر في رسالة موجهة للرئيس هادي أن الشعب اليمني أبقى، وأن إنقاذ اقتصاد ينهار أولى من اي اعتبارات سياسية او جهوية .
لم يتأخر كثير فخامة رئيس الجمهورية ، الذي سارع بدوره لانتشال الريال من مستنقع الانحطاط الذي ان وقع فيه لن يقوم بعدها ابدا ، و عمل على طمئنت اليمنيين بأن منصبه و انشغاله بالمعترك العسكري و السياسي لن يعفيه عن بذل كل الجهود لمواجهة الوضع الاقتصادي مبشرا اليمنيين بانفراج قريب .
هكذا عهد التاريخ رجال لا تصفهم إلا انصع صفحاته ، بين اوجاع الامس و احلام اليوم و تطلعات الغد و في منعطف تاريخي خطير ، يقف الشعب اليمني معلقا كل امله بالرئيس هادي و رئيس حكومته بن دغر ، الذان لم يدخرا جهدا و لا فرصة سلام الا سلكا طريقها ، فعملا بكل طاقة اتاح القدر بها ، بالتواصل و الخطابات الرسمية و غير الرسمية مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية لإنقاذ الريال اليمني من السقوط .
المملكة التي سارعت الى تلبية النداء ، بعد ساعات ملبدة بالسواد و الخوف و الترقب اذ بقرار ملكي سامي يبدد ظلام اليل و يبعث نور الشمس جلية في كبد السماء ، يصحوا الشعب اليمني صباح الخميس على بشرى وديعة للبنك المركزي اليمني بقيمة ملياري دولار ، حفاظا على العملة اليمنية من الإنهيار و استجابة للدعوة الاخوية الصادقة التي اطلقها بن دغر و عمل على نرجمتها هادي.
في موقف كهذا ، لا توجد أداة حقيقيه تختصر معنى الوطنية في بلد تكاد تتلاشى منه هذه الصفة التاريخية، غير أن ثمة رجال تشبعت بالإنسانية و ارتوت من بحار الوطنية ، فظهرت مؤشرات أسهمها في نشرات الازمات و وقائع المعتركات، لتشكل قاعدة الاقتصاد السياسي لهذا البلد الفقير وترساً من تروس أمنه استقراره.
قبل أن يقتله الحوثيون ، كان البنك المركزي اليمني ظهرا يحتمي عليه كل مواطن ، لم يكن الوطن يعلم أن مشترين جددا اشتروا في الظاهر بضاعة الوطنية و باعوا الوطن و المواطن بثمن بخس ، لتقف الحكومة الشرعية امام معظلة انعدام السيولة النقدية و جملة من العواصف المتلاحقة في هذا الوطن ، باذلة جهوداً مضنية لتطبيع الأوضاع و إيجاد حل نهائي للأزمة في اليمن، إلى جانب إيجاد حلول سريعة لوقف تفاقم المشاكل الإنسانية في البلاد، و وقف شامل لازمة تدهور الريال امام العملات الأجنبية في ضل حرب تدنوا على 3سنوات طغى عليها محاولات إيرانية لتكييف البلد لمصالحها فكانت الشرعية السد المنيع لهذة المحاولات المستمرة حتى الان .
قطع بن دغر و من خلفه هادي شوطا كبيرا في إنقاذ الريال من الانهيار الكبير ، لتصاب مليشيا الفتنة و من يساندها من ابواق الضلال و التضليل ، بصدمة و خيبة امل كبيرة ، تجاوزت حدود المعقول .. فشكرا لكما و لكل جهدا تبذلوه في سبيل الشعب و الوطن .
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً