لازل التخبط في مشاعر اليمنيين بعد مقتل صالح يستولي على المشهد الاجتماعي حتى اليوم، لازال الحداد قائماً على الملامح، ولازال الخوف من المستقبل القريب حاضراً حتى والناس مرغمون على الصمت.
لم يكن موت رجل السياسة المحنك وداهية العرب واللاعب على رؤوس الثعابيين مؤلماً بقدر ما كان فاجعاً وصاعقاً للعالم برمته، خصوصاً حين تكتب نهايته علي أيدي مجموعة هواة.
لقد برهن اليمنيون إثر هذه الحادثة تناقضاً عجيباً، فمن ناحية هو درس لكل من سيأتي بعد صالح ألّا مأمن للقبيلة، على الأقل قبائل شمال الشمال التي تخلت عن حميد وصادق سابقاً، وهو درس لكل اليمنيين ليتعرفوا على أخلاق هذه الجماعة، جبروتها ومغامرتها بكل شيء غير آبهة لأي اعتبار وطني أو مصلحة عامة، استعدادها وهي التي تدّعي القداسة لبيع أي مبدأ حتى وان كان سيقلب البلاد رأساً على عقب.
من جهة أخرى برهن جانب يمني أصيل على رقيه الإنساني، ونقاء ضميره، واحترامه هيبة الموت، حيث جاء النعي رسمياً من رأس القيادة السياسية الشرعية، جاءت برقيات التعازي لإسرة صالح ولكل اتباعه ومواليه، حاملةً حزناً صادقاً، وتعاطفاً في حضرة هذا المصاب الجلل، داعيةً بتسامح ومسؤولية إلى وحدة الصف في مواجهة العابثين أياً كانوا، نعم كانت قيادة الشرعية خصماً سياسياً لصالح، لكنها كانت تخاصمه بشرف وأخلاق وكرامة ورجولة، ولم تكن لتغدر به كما فعل حلفاءه.
صنعاء التي تعتصرها قبضة من يسمون أنفسهم أنصار الله تحتفل مختالة بغدرهم، غير مبالية بدموع ونحيب وحزن أهلها، الذين كانوا حتى يومين مضت شركاء للحوثيين وحلفائه، بل ويتم الإعتداء فيها على النساء الذين خرجن يبكين الزعيم، حتى التعبير عن الحزن باتت صنعاء تقمعه!! فيما تعز ومأرب وحتى عدن تقف حداداً احتراماً لحزن الشعب إن لم يكن حزناً على الزعيم، هذه أخلاق اليمنيين شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، قيادات وشعب، كشفها لنا موت صالح.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً