في الذكرى ٥٤ لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيد
تتجسد معالم التضحية والبطولات والفداء لكوكبة من القادة ورجال التاريخ والابطال الذين سقو بدمائهم تربة اليمن الطاهرة بحثا عن إنعتاق من براثن الاستعمار وانتصارا لليمن وشعبه المجاهد.
عبر المجاهدون مسالك النضال الصعبة والوعرة لأجل هذا البلد تحتضنهم جباله ووديانه وسهوله
قراه ومدنه في الجنوب والشمال
لم تكن واحدية الثورة والنضال خيالا في ذهن سياسي او فكر مثقف بل مبدأ أصيلا وهدفا وحقيقية تاريخية مثلتها وقائع الثورة الدامغة والثابتة.
هناك على مسرح اليمن الكبير خاض اليمنيون معركة التحرير ضد الاستعمار بدء من جبال ردفان الى بقية محافظات الجنوب وإسنادا ودعما ومشاركة من بقية أنحاء اليمن في تعز وإب والبيضاء وغيرها.
الشعب اليمني اليوم باكمله هو مالك تلك الثورات والمعبر عن حقيقتها الوطنية اليمنية.
إدراك هذا الثابت الوطني عنوان واضح في الأداء المنتظم والمتنامي للشرعية اليمنية والحكومة برئاسة د احمد عبيد بن دغر.
يحاكي الرجل خطى اسلافه من ثوار أكتوبر في الإيمان باليمن الكبير ورفع راية أكتوبر عالية كما ثبتها المناضلون والشهداء والاحرار.
يدرك بن دغر أن مخاطر جسيمة تتداخل فيه العناصر المحلية وغير المحلية؛ في مسار ثورة أكتوبر وسبتمبر لكنه يصرخ في وجه التحديات " لن يهزم الأعداء الثورة ولن يهزمو سبتمبر وسنحافظ على مايو العظيم" تقول هذه الجمل القصيرة الكثير والكثير عن مؤامرات تحاك ضد اليمن وشعبه وعن مخططات لا تهدا تحاول حرف مسيرة ثورة أكتوبر المجيد وتسعى للإضرار بمصالح الشعب اليمني في الجنوب والشمال حاضرا ومستقبلا.
يبدو خطاب بن دغر هنا سمفونية فريدة تعزف وتردد بصوت هادي لكنه قوي وشجي في وقت تطاولت فيه معزوفات نشاز لا ترى في أكتوبر المجيد الا عصرا اخر من الاستبداد والقمع والاستقواء بالعنف لمصادرة حق اليمنين الاصيل في ثورتهم وأهدافها العظيمة.
يكرر الوزير المقال هاني بن بريك رواية مخادعة عن ثورة أكتوبر بحديث عن استعادة الدولة.
لا يجروء هذا المنطق على تحديد معاني تلك الثورة ولا أهدافها لكنه يقفز على نضال اليمنيين بحثا عن إختراق في جدار الوطن وإثارة لنعرات مناطقية وجهوية تسببت بها عديد عوامل كان الشعب قد خلعها في مؤتمر الحوار الوطني ورمى أوزارها خلف اليمن الجديد المنشود.
يحاول رئيس الوزراء مجددا ان يخاطب وعي اليمنيين الذي تعرض لحملات مكثفة من التضليل والخداع ولا يزال، أن القيادة اليمنية والحكومة تمضي قدما في استعادة الدولة، لكنها الدولة التي لا تشابه دولة بن بريك ولا دولة عيدروس، إنها دولة المواطنة ، دولة اليمن وليست دولة الأسماء والنزعات المتصادمة مع الذات والتاريخ والجغرافيا.
يدرك بن دغر أن الظرف الحرج لا يحتمل مزيدا من المقامرة بمصائر اليمنيين ومستقبل بلدهم، وأن اللحظة هو لحظة الشعب وأن الزمن زمن الإرادة الشعبية.
يختلف بن دغر مجددا مع خطاب العنف والاستبداد الذي أفرز تهديدات بخطوات ترهب كل الأصوات المعارضة على اتساعها في عدن وغيرها، هنا أعاد رئيس الوزراء الاعتبار لحقيقة المسؤل الحكومي الخادم لوطنه وشعبه فيقول " سنقنع شعبنا كل شعبنا اليمني بالطرق السلمية وبالحوار البناء والانفتاح على الاخر بالمثل الطيب بالدولة الاتحادية مشروع فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي ومشروع كل القوى الوطنية"
الدولة الاتحادية هي المخرج الآمن لازماتنا والسبيل للنهوض والتقدم والحرية والعدالة في السلطة والثروة. هكذا يرى بن دغر المعادلة الوطنية الجديدة وهي تفتح طريقا ممهدا أمام مستقبل يمني مزدهر، لكن المشهد في زاوية اخرى يبدو على النقيض.
تسعى القيادة الشرعية والحكومة والقوى الوطنية للمضي الى المستقبل فيما تبدو مشكلة البعض العودة الى الماضي.
لكن هذا المسار الوطني يصطدم اليوم بمسار يفتح أفقا لصراع دموي اعنف في المناطق المحررة جنوب اليمن، ويتشابه في أولوياته مع مسار العودة الى الماضي الذي انطلق من كهوف مران في صعدة والتهم في طريقه مكاسب نضال اليمنيين على مدى عقود مضت، وادخل اليمن في فوضى عارمة لا تزال تدمر وتقتل وتنهب حتى اليوم.
هذا التحديات بالنسبة لرجل جرب السياسية وخاض مراحل نضالية كبيرة مثل بن دغر ليس أفعالا هامشية لكنها مخاطر ومهددات حقيقية تستهدف الجمهورية وتستهدف اليمن وشعبه.
ليس اهم وأولى من اعلان الحقيقة للشارع اليمني وقواه الوطنية وشركاء اليمن من دول التحالف العربي من خطورة مساعي لا تقيم وزنا لأي اعتبارات وطنية او تاريخية او جغرافية ماخوذة بقوة السلاح التي لم تكن يوما سبيلا للنصر على مصالح شعب وقضايا وطن.
يخاطب بن دغر الأصدقاء كما يخاطب من جعلوا من أنفسهم أعداء لثورة أكتوبر المجيد " لنتخلى جميعا عن العنف او مجرد التفكير في الاستيلاء على السلطة بالقوة كما فعلوا في صنعاء،… فاليمن لنا جميعا وعدن لنا ونحن مع اَهلها في السراء والضراء.
قبل أسبوع كان بن دغر في ابين حيث احتشد أبناء ابين في موقف وطني تاريخي يرفعون الراية اليمنية. راية أكتوبر وسبتمبر، وكانت الرؤية هي الرؤية الوطنية النابعة من ادراك واقعي لمشكلات اليمن وأزماته والحلول التي توفرها الدولة الاتحادية لوقف العنف وحفظ الأرواح والدماء ووقف الدمار باعتبارها تمثل توافقا وطنيا يضع حدا للأحقاد والضغائن.
لم تأخذ مشاهد حشود ابين ولا كتائب الجيش التي استعرضت حشودها في عرض عسكري تحت راية اليمن الواحد ولا كتائب المقاومة ومعسكرات الجيش الوطني التي تنتشر في مختلف ارجاء اليمن؛ لم تأخذ موقف الحكمة التي عبر عنها بن دغر الى منصة الغرور والتعالي لان كلفة هذا المنحى دامية وخطيرة ومدمرة.
في هذا اليوم الأغر والمجيد في ذاكرة الشعب والوطن يميز الشارع اليمني بين مشروعين الاول يتجه برؤى واضحة توافقية نحو المستقبل وآخر مشدود للماضي بصراعاته وتناقضاته مع ثورة أكتوبر وسبتمبر.