أحمد باعباد
تحركات دبلوماسية مثمرة لرئيس الوزراء ..
الاثنين 10 فبراير 2025 الساعة 22:51


بقلم: أحمد باعباد  
في خطوة دبلوماسية رفيعة المستوى، قاد دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك وفداً حكومياً إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في الاجتماع الوزاري الدولي المخصص لدعم الحكومة اليمنية، والذي انعقد بشراكة وثيقة مع بريطانيا بتاريخ (19 يناير) الماضي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تزامناً مع اجتماع مجلس الأمن الدولي .. إن هذه الزيارة، التي جمعت بين الحضور الإقليمي والدولي، شكلت منصة استراتيجية لتسليط الضوء على معاناة اليمن وتقديم رؤية جديدة للتعافي الاقتصادي والاستقرار السياسي.  

منذ انطلاق فعاليات اللقاء، عرض رئيس الحكومة على شركائه من مختلف أنحاء العالم رؤيته الطموحة للعامين المقبلين، حيث تحدد أولويات الإصلاح العاجلة وتبين جوانب الدعم الدولي الضروري لإسناد الحكومة على جميع الأصعدة .. وقد تناول العرض إعادة صياغة أطر التعاون مع الداعمين والمانحين لتصبح أكثر فعالية، ما يعكس إصرار الدولة على تجاوز الأزمات وتحويل التحديات إلى فرص للتقدم والتنمية.  

ولم يكن هذا الحدث عابراً، إذ أن الفعالية التي أعدت بعناية فائقة ورعاية مباشرة من الدكتور بن مبارك، تعد الأولى من نوعها بشموليتها في تناول المواضيع المطروحة .. فقد تميزت بحجم المشاركة الواسع من الجهات الإقليمية والدولية، الأمر الذي أكسبها صدى إعلامياً وسياسياً على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. فقد حرص رئيس الحكومة على التحرك على أكثر من جبهة خلال زيارته، ليلفت أنظار المشاركين والعالم إلى الحقيقة المرة التي يعاني منها الشعب اليمني، جراء الأوضاع الاقتصادية المعقدة التي خلفها الانقلاب الحوثي وتداعياته التي تهدد التجارة والملاحة الدولية في البحر الأحمر.  

وقد نجح الدكتور بن مبارك في نقل قضية اليمن إلى المحافل الدولية إعلامياً وسياسياً وإنسانياً، من خلال استغلال أروقة المنظمة الدولية والأمم المتحدة .. فقد وضع المنظمة أمام مسؤولياتها التاريخية، واستحث المشاركين على التصدي للحالة الإنسانية الحرجة التي يعيشها الشعب اليمني، نتيجة التغاضي العالمي عن جرائم الميليشيات في صنعاء .. ومن خلال هذا الأداء الدبلوماسي الراسخ، ذكر العالم بمعاناة شعبه المكلوم الذي يعيش تحت وطأة ثالوث رهيب من الفقر والجهل والمرض، ناتج عن حرب واعتداء الحوثي المدعوم إقليمياً.  

ولكي لا تظل معاناة الشعب اليمني قضية منسية، واجه الرئيس صديقي المشككين الذين، بانضمامهم إلى أبواق الحوثي، سعوا للتشكيك في نجاح الزيارة، رغم أن مهمتها الأساسية كانت طلب الدعم ورفع المعاناة عن الشعب .. إذ لم تكن رحلة الدكتور بن مبارك سياحة أو استجماماً، بل كانت زيارة رسمية مخطط لها بعناية فائقة تحمل بين طياتها رسائل دعم وإنعاش اقتصادي وسياسي.  

في إطار فعاليات الزيارة، شارك رئيس الحكومة في الاجتماع الوزاري الدولي لدعم الحكومة، حيث ناقش حشد الدعم لخطة الاستجابة الإنسانية لليمن .. وشدد خلال لقائه مع مدير برنامج الأمم المتحدة على أهمية تعزيز الشراكة بين الحكومة والبرنامج الإغاثي، لتحقيق الانتقال السلس من مرحلة الإغاثة إلى مسار التنمية المستدامة .. وقد عرض خلال هذا اللقاء السياسات الإقليمية والدولية التي تنتهجها الحكومة، إلى جانب رؤيتها الطموحة للتعافي الاقتصادي.  

وفي كلمته الرفيعة المستوى، أكد رئيس الحكومة على أن الهدف الأساسي من الاجتماع الوزاري هو تقديم الدعم اللازم للتعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أن رؤيته تتضمن «التعافي الاقتصادي ودعم مبادرة حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية» .. وقد عبر بهذه الكلمات عن أن الزيارة لم تكن مجرد واجب دبلوماسي روتيني، بل كانت رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن دعم اليمن لا غنى عنه في مواجهة التحديات التي تهدد استقرار الدولة.  

إن الدعم الدولي، كما أشار بن مبارك، يعد ركيزة أساسية لإنجاح جهود الحكومة في قيادة دفة البلاد نحو بر الأمان، إذ تعمل الحكومة على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية لمواجهة التحديات المتعددة .. وفي هذا السياق، تبين أن محاولات التشويش على الزيارة تنبع من رغبة بعض الفئات في تجاهل الأزمة اليمنية ومواجهة ميليشيا الحوثي الإرهابية، التي تمثل خطراً حقيقياً ليس فقط على استقرار الحكومة، بل وعلى الملاحة الدولية، خاصة بعد الهجمات المتكررة على السفن التجارية في البحر الأحمر.  

كما أكد رئيس الوزراء على أن توجه الحكومة نحو الحصول على دعم دولي قوي يعزز مساعيها لتحقيق السلام والتنمية، مؤكداً على أن التكاليف الباهظة التي تصل إلى (180 مليون دولار) جراء قرصنة الميليشيات الحوثية لشركات التجارة العالمية لا يمكن أن تمر دون أن تحدث تأثيراً على الاقتصاد العالمي .. وهكذا، برهنت هذه الخطوات على أن نجاحه الدبلوماسي يكمن في قدرته على تذكير العالم بأن هناك انقلاباً مستمراً على الدولة، من قبل ميليشيات طائفية عقائدية في صنعاء، أفقدت شعباً كاملاً بحرب مفروضة تترك تداعيات اقتصادية مباشرة على المواطن.  

وعلى هامش هذه الزيارة الاستثنائية، تلقى الدكتور بن مبارك رسالة من وزير الخارجية الأمريكية، تناولت اعتداء الحوثي على المصالح الدولية في البحر الأحمر .. وأوضحت دراسة أمريكية أن هزيمة الحوثي لن تتحقق إلا من خلال حرب شرعية تشن دون تدخل خارجي، فيما صنف معهد أمريكي المنظمة الحوثية ككيان إرهابي، مما يضفي بعداً إضافياً من التعقيد على الأداء الدبلوماسي الحكومي.  

في الختام، يبقى سعي رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك الدؤوب نحو نقل قضية اليمن إلى المحافل الدولية رسالة جلية تتحدث عن إرادة الشعب في استعادة كرامته، واستعادة الدولة، والوقوف في وجه كل من يسعى إلى إسكات معاناته .. إن هذه التحركات الدبلوماسية المثمرة تمثل خطوة نوعية نحو مستقبل أكثر أملاً، حيث يتقاطع الدعم الدولي مع العزيمة الوطنية لتجاوز المحن والتطلع إلى غدٍ مشرق.

المقالات