الحرب بيننا وبينهم، صراع ممتد يتجدد منذ الازل، صراع بين الخير والشر، صراع عقيدة وتوحيد، نحن وهم، لا ثالث بيننا اليوم، ولم يكن هناك ثالث في الأمس -ابان الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش الغربية وحملات الاحتلال والاستعمار..الخ-.
وما يحدث اليوم في غزة، حدث بالأمس في الاندلس والقدس وبلاد الشام وغرناطة وقرطبة، ولم يكن أقل بشاعة واجرام من اليوم؛ التاريخ اليوم يعيد نفسه، ويكرر الأحداث بذات الوسائل الوحشية والحجج والغايات.
وذلك ما يتجلى في الاصطفاف الغربي المخزي خلف اطول احتلال واكثره بشاعة ووحشية في العصر الحديث، اصطفاف يستند إلى أسس ايدلوجية ودينية؛ ذلك على الأقل ما افصح عنه الكثير من القادة والرموز الغربيين من خلال تصريحاتهم الصريحة ومواقفهم الواضحة.
اكثر من ذلك، لم تكن الحرب فقط بين الفلسطينيين والمحتل الغربي، بل بين الحضارة العربية ذات الطابع الإسلامي-الروحي- وبين الحضارة الغربية بأشكالها المختلفة المسيحية والصهيوينة -المادية- وهو ذات الصراع الممتد من فجر الاسلام والى اليوم.
اذا أن ردة الفعل الصهيونية اليوم على عملية طوفان الاقصى لم تكن ابدا وليدة اللحظة، او حدثاً طارئاً لفعل مستحدث، بقدر ما هي عملية ممنهجة ومستمرة منذ 14 قرن، تغذيها النزعة العنصرية والدينية والاعتقاد بتفوق العرق الابيض.
فهذه العمليات الوحشية الممنهجة والمستمرة منذ ما يزيد عن 75 عاماً من القتل والتدمير والتنكيل بالعرب والمسلمين في فلسطين، والمجازر المتلاحقة، ماهي إلا غيض من فيض الحرب الممتدة والمستمرة بيننا وبينهم.
لكن ما يثير الحزن والغضب في ان واحد، الدعم الغربي للمحتل الاسرائيلي، الذي قدم كافة أشكال الدعم العسكري والسياسي والديبلوماسي، في حين وقفنا ونحن اصحاب القضية واهلها والمستهدف الأول فيها ومن خلالها، نشجب ونندد ونستنكر.
وفي حين لم تخلو المواقف العربية والإسلامية من الدعوات لوقف اطلاق النار خلال الحروب السابقة، لم يتعدى ذات الموقف في هذه الحرب عتبة مطالبة الكيان الصهيوني السماح بادخال المساعدات، من شعير وقمح وعلاج ل(لحيوانات البرية) -كما يصفهم الاحتلال-.
واذا لم نقف اليوم وقفة بطولية جادة، لوقف التدمير والتنكيل بأهلنا وبنا في فلسطين، لن نكون الا لقمة صائغة لعدونا في الغد، فما إن ينتهي من ما تبقى من الأراضي المقدسة حتى ينقض على دول الجوار، واحدة تلو اخرى .. وسترون ذلك عما قريب.
- ايهاب الشرفي