فاروق الصيري
تحلو لي دوما سيرة بن دغر في أحاديثي لا تملقا واستجداء مسئول ، ولكن كشخصية مدهشة من بين كل الشخصيات السياسية على الساحة .
لا أدري الآن في بوح القلم من أين أبدأ
هل من حرب صيف ١٩٩٤م وانحيازه للجنوب الذي دائما ما يتهمه بعض شرذمة حاقدة على الرجل بالانسلاخ عن القضية الجنوبية ، ونسي هؤلاء أنه كان واحدا من الذين حكم عليهم جلاد الجنوب ونظامه بالإعدام غيابيا ضمن قائمة الـ ١٦ المعروفة ..
فقد كان للرجل نظرة بعيدة المدى وطنيا ، نابعة من فهمه العميق لما كان يجري ، وكذلك رؤيته السياسية التي شاهد الجلاد عفاش حينها يفتك برؤوس الجنوبيين وكوادرهم ومفكريهم وضباطهم وسياسييهم معا في حوادث الاغتيالات في ذلك الحين ، ليصفي الساحة من كل صوت محتمل يقول له توقف .. وليتسنى له بعد ذلك إقصاء شركائه في لوحدة ، ولتكون ارض الجنوب مزرعة صافية له ولأسرته وأتباعه يتصرف فيها كيفما يشاء ، يستضعف طائفة ويقتل طائفة من الجنوبيين الاحرار ..
أم أبدأ من حيث امتدت أيادي مخابرات الفرعون الى منفي الدكتور أحمد بن دغر فكان لزاما أن لا ينحني للعاصفة التي وصلت اليه فقبل بالأمان مقابل الانضمام للسلام الشراكة بدلاً من التبعية !
أم أتحدث عن أحداث عام ٢٠١١م التي كانت القبضة الامنية وأجهزة المخابرات تراقب أنفاس جميع السياسيين وهو يعلم ماذا تعني مدنيته التي لجأ إليها هو وكل الجنوبيين الذين ظلوا مع الطاغية عفاش
فتذكر الناس اليوم بن دغر ونسوا البقية ، بل وغفروا ذنوبهم إن كان طلب السلامة ، وتحاشي الغدر جريمة !!
فلما أن شعر أن اللحظة مواتية ، طاوع المنطق الذي يعيه ، والمبدأ الذي يؤمن به
فانطلق الى معسكر الشرعية بغير تردد إذ لم يكن في الساحة معسكر ثالث لأي يمني سواء جنوبي او شمالي للالتحاق به ، ناهيك عن أن أحدهما لديه قضية والآخر قضيته تتعارض مع مطالب الشعب في الشمال والجنوب ، فاختار أن يكون مع الشعب لا مع الجلاد .. فلماذا يغيب المنطق ويستدعى الجهل وسوء الظن في الرجل وقد اختار الوطن ليضحي من اجله براحته وصحته، ويغامر بحياته وسلامته ، فتحقق الصواب، وما تحرك العدل والانجاز والبناء الا على يديه وقد بدأ من فوق أنقاض يشيد البنيان ، ويتحمل كل الصعاب ، ويسير في حقول الألغام بكل إيمان وثقة بالوطن والمواطن ، ولتتحدث بالنيابة عنه افعاله ، وهو النبيل الذي يعمل أكثر مما يتحدث ، في الوقت الذي يتحدث الحاقدون عليه ولا يعملون ؟؟!
سيرته الطيبة التي أتحدث عنها تتجلى في كل مكان يذهب إليه كأثر من رسول حيثما حل اخضر وأحياه الله بعد موات ، لأنه عمل بإخلاص ، والله يصلح عمل كل ذي ضمير ، ويكبر مقته تعالى لكل من يقول ولا يفعل ..
ستجد في مكتبه جغرافية الوطن الذي يعشقه متمثلة في موظفيه الذين يشكلون اروع لوحة لليمن .. ينتمون الى جميع مناطقها شمالا وجنوبا .. جميعهم يحبونه كأب غمرهم بلطفه وحنانه ومحبته وصدقه ..
وتجد في كل مكان محبة الناس سباقة لانها اصدق تعبير عن مكنون القلوب التي وعيت ان الصدق محكه العمل ، والكذب حبله قصير ، وبن دغر قال ثم عمل ورأى الناس إنجازاته وتوفيق الله له لأنه وافق مافي قلبه ماتصنع يداه ، وعكست شفافيته نياته الطيبة ، ووضح للناس منه ماطابق القول والعمل .
لقد تألمت كثيرا من تهجم بعض الساسة الذين خرجوا من المناصب بفشل ذريع وكذا المفسبكين وبعض العامة المخدوعين بكلامهم ممن لم يروا ولم يشاهدوا ماتحقق على يديه من انجازات نسي هؤلاء كيف كان الوضع وكيف صار الآن بالرغم من قصر المدة التي تجاوز حرجها بعزيمة واثق ، ومنهج حكيم ، وعقلية إداري محترف .
اليوم يواجه بن عبيد بن دغر كل تلك الافعال الطائشة العابثة بحلم الكبار ، ويواجه كل زور وبهتان وإفك مفترى بصبر نادر ، وحكمة فريدة .. فيتواضع ليشرح المشروح ، ويوضح الواضح بقلب الحنون الذي لا يواخذ الطيش بجهالة ذي السلطة ، ولا تهور المقتدر .
ونسي اولئك النفر الحاقد كم يفتقده الناس حينما تطلبه المهام المتعلقة بمنصبه ان يسافر ويبتعد ، وهو اقرب من يلجأون إليه بعد الله حينما تغلبهم الفوضى مع أنه أكبر من كل المسئولين في السلطة في عدن او في اي مكان من الارض اليمنية التي زارها خلال سنة فقط ، ولبى لها في وقت قياسي ، وزيارة تفقدية فقط مالم يلبيه ابناء تلك المنطقة وهم أعلى سلطة محلية وتنفيذية هناك منذ سنوات !!
د. بن دغر الذي غض الطرف بعضهم عما يحدث في البلد ، وما كانوا هم ادواته ، وهم سبب القصور والاعاقة والتعويق ان اتهموه بالتأخر عن تلبية مايريدون ، وظروفه ، وحجم مايواجهه رئيس الحكومة اصحاب المصالح الضيقة التي عفى عليها الزمن ، وتركتها البشر إثر تجارب وعبر ..
وليت ما يريدون في صالح البلد ، فنظرتهم قاصرة وساذجة ، ونظرة رجل متحمل لكل هذه المسؤولية بعيدة وعميقة ، فما بالك ببن دغر الرجل الذي قبل بأن يتحمل المسؤولية الكبيرة جدا جدا ، في وقت حرج جدا جدا ، ومع ذلك نجح ؟؟!!
من لا يرى نجاح بن دغر اليوم وامس وغدا فهو أعمى البصر والبصيرة ، بل واختار وأحب العمى والظلام ، على النور والضياء
والحق ، وجافى الفضيلة التي تدعو الناس الى أن يعطوا كل ذي حق حقه ، ويقولوا الحق ، ويشهدوا به ، ويتلفظوا في حق الكرام بالتي هي أحسن .