بقلم: نبيل الصباحي
بديهيا ، تعرف القيادات بتفكيرها الاستثنائي غير التقليدي ؛ أي أنها تفكر بطريقة مختلفة عن القيادات الدنيا وقيادات الوسط في منظومة الدولة خصوصا .
فاختيار رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك بدء جولة الزيارات الميدانية للمحافظات المحررة من حضرموت ليس صدفة أو عبث ، أو من قبيل الاختيار بالقرعة أو الترتيب الأبجدي أو ما شابه ؛ ذلك أنه وكما قال هو في الخطاب الأول لدى الاحتفال بذكرى تحرير مدن ساحل حضرموت الذي أقيم قبل أيام في عاصمة حضرموت " المكلا " ما نصه أن "حضرموت تمثل النموذج من بين المحافظات اليمنية" وأنها تحوي "الإمكانيات الكامنة، في الفكر والثقافة والأدب والإرث الحضاري الذي تنافس به على المستوى الوطني وتمتلك إمكانية أن تتخطاه أيضا إلى التنافس الدولي لكبرى حواضر العالم " .
يحمل رئيس الحكومة على عاتقه هم المواطن كرئيس الجمهورية اللذين صرحا أكثر من مرة وفي عدة مناسبات بأنهما يتفهمان معاناته ويحرص كليهما على أن تصب جهود السلطة التنفيذية في الصالح العام الذي يلمس المواطن البسيط أثره الكبير بحيث لا تنقطع علاقة الشعب بالدولة وهذا بالضبط ما عناه رئيس الوزراء في خطاباته بحضرموت من علاقة أبناء المحافظة بالدولة وتشبثهم الدائم بالدولة كنظام شرعي ينظم شؤونهم ويقضي حوائجهم ويقدم الخدمات المناطة به كعلاقة طبيعية بين أي دولة وشعبها .
إنه لمن المنطقي أن من يساعد نفسه ينال احترام وتقدير الآخرين، ومن البديهي ايضا ان تسارع الدولة وسلطاتها التنفيذية للتنسيق مع السلطات المحلية ومد جسور التشاركية والبناء وفتح الآفاق البعيدة للاستثمار مع القطاع الخاص .
فحضرموت التي بدأت منذ زمن في الاتجاه نحو تطبيع الحياة العامة ، وحفظ الأمن والاستقرار ، وتدشين مشاريع الخدمات وحل مشاكل المواطنين بمبادرات من كل من السلطة المحلية والقطاع الخاص وأبناء المحافظة حازت الاحترام والتقدير ويبدو ايضا المراقبة التي تحمل الاعجاب والاحترام والتقدير من الحكومة.
ربما ما يزال بعد كل هذه الاسطر السؤال الذي قد يظل مطروحا في ذهن أي مواطن - وهو سؤال بديهي وطبيعي ومشروع - للاستفهام عن سر اختيار رئيس الوزراء لحضرموت كبداية لانطلاق جولته المجدولة بدلا عن مأرب وتعز اللتان تحتاجان إسناد ودعم الحكومة في هذا الوقت الذي تخوضان فيه فاشية الميليشيا الإرهابية الحوثية وراعيتها الإقليمية "إيران" ؟! .
أو لماذا لم يبدأ من محافظة شبوة التي تشابه حضرموت في مساعدة نفسها
ومثلها المهرة كبداية يمكن القبول بها منطقيا كونها منطقة او محافظة حدودية تقع في أقصى شرق البلاد تشابه ايضا حضرموت في الاستقرار والتمسك بالدولة بعيدا عن الفوضى والعنف ؟!!
والجواب المنطقي لأي محلل ومراقب وكاتب صحفي يقول : إن حضرموت بدأت منذ سنوات طويلة ما بعد التحرير وحتى ربما منذ ما بعد الوحدة المباركة في هجر ومغادرة ونفض غبار كل ما يفرق بين مكوناتها الجغرافية والسياسية والاجتماعية والثقافية وشكلت يدا واحدة في سبيل النهوض وتعويض الوقت الضائع من العهود السابقة والاستثناءات المعاصرة الطارئة ؛ كي تشكل وحدة متقدمة لإقليمها التاريخي؛ وبصورة ملهمة منذ ما قبل إقرار الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة ؛ ومشاركتها الفاعلة في كل الفعاليات الوطنية ككتلة لها الثقل الأكبر كما هو معروف جغرافيا وايضا الحضور النوعي المتميز للمشاريع على أرضها من جهة، وللكوادر على أرض الوطن كله من المهرة إلى الحديدة ومن عدن إلى صعدة من جهة أخرى.
صحيح أن مأرب تحتاج حضور الحكومة ورئيسها بإلحاح دعما لصمودها الأسطوري في وجه الغزو الفارسي الذي تحمل رايته ميليشيا الحوثي الانقلابية كآخر قلاع الجمهورية الصنديدة تاريخيا امام غزو جحافل الكهنوتية المقيتة إلا أن دورها سيأتي لاحقا وقريبا جدا كما هو متوقع لأن حضرموت النهضة تحتاج لدفعة أولى وقبلة حياة في وقت حرج لإنعاش مشاريع الدولة ومشاريع البنية التحتية ومشاريع الخدمات العامة ومشاريع القطاع الخاص والمختلط من ناحية ، ومن ناحية أخرى ليس أقل من حضور وتأكيد وتأييد - الوزير الأول في الحكومة أو رئيس الوزراء او رئيس الحكومة كما يحلو لي وصف ونعت منصب - رئيس السلطة التنفيذية في البلد .
وبالمثل تبدو المحافظتان الحبيبتان المهرة وشبوة اللتان يمكنهما الانتظار قليلا واللتان تشهدان نهضة عمرانية وترابطا اجتماعيا وموقفا من الدولة مشرف لكل يمني وليس فقط لأبناء المحافظتين اللتين آثرتا دولة وجمهورية ووحدة على مشاريع التقزم والفوضى والتمزق والاحتراب وتأخر التنمية وتعطيل البناء ومجانبة ومجافاة الأمن والسكينة والاستقرار اللذان يجلبان إعجاب وأنظار العالم وبالتالي تدفق الاستثمارات الوطنية والاجنبية جنبا إلى مع مشاريع النهضة والتنمية التي تتبناها الدولة .