فاروق الصيري
على الرغم من أنه ذاق مرارة همجية الإنقلابيين، وحُرم الخروج من منزله، ومن أبسط حقوقه كمواطن وليس كرئيس وزراء .. وإستطاع حينها أن يكسب تعاطف كل اليمنيين الذين تعاملوا معه بإعتباره أحد رموز الدولة المقامرين في سبيل الإنتماء للوطن والشعب .. الا أن المدعو «خالد محفوظ بحاح» فاجأ الجميع بمواقفه الرخوة من طرفي الإنقلاب، وإنتهاجه مسلكاً مغايرا للشرعية والجمهورية والوطن، بل وداعماً لعصابات المليشيا.
كان الناس حينذاك يشعرون بالأسى والإختناق وهم يرون رئيس وزراءهم محاصر من قبل ثلة من المتعجرفين القادمين من الكهوف .. وبُحت أصواتهم وهم يطالبون برفع الحصار عنه .. الا أنه وللأسف الشديد تنكر لذلك الحب والتعاطف .. ليكشف من خلال ذلك أن ما تعرض له حينها لم يكن سوى مسرحية هزلية .. تمكن من خلالها الانقلابيون من تبرئة كل من ساعدهم وتعاون معهم وتآمر وتمترس الى جانبهم ضد المشروع الوطني.
للأسف بدت حساباته جميعها خاطئة ومغلوطة .. ففي الوقت الذي كان مهيئاً له بأن يصبح رمزاً وطنياً - سلك طريقاً معاكساً لليمن والدولة والشعب والشرعية - أوصله في النهاية الى حفرة دفن فيها كل ذلك الحب والتعاطف والصور الجميلة التي كانت في مرحلة التشكل في أذهان الناس .. ليكشف من خلال ذلك كله أن الوطن والدولة والشرعية بالنسبة له كانت عبارة عن منصب وظهور وشهرة ومصلحة .. وأن ما تزخر به عقليته ومخيلته من ذكاء وحنكة ودهاء سياسي كما تثور البعض لم يكن سوى إدعاء وهنجمة شكلية لا أقل ولا أكثر.
تآمر «بحاح» على الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي - رئيس الجمهورية .. مع أنه هو من منحه الثقة والصلاحيات، وجعل منه رقماً وركيزة أساسية للوطن والشرعيه .. ورغم ذلك إستطاع فخامة الرئيس أن يتعامل مع تلك الخيانات والحماقات في حينه .. لكن الرجل لم يتوقف عند ذلك الحد من السفالة - بل إنه كرس كل جهده في سبيل إرباك المشهد في المحافظات الجنوبية، منتهجا طرقاً وأساليب غاية القبح .. ورغم أن كل مساعيه ومحاولاته تلك باءت بالفشل - إلا أننا نجده يواصل حماقاته تلك في سبيل إعاقة وعرقلة أعمال الحكومة الشرعية بكل الوسائل، ومع ذلك نجده يرتطم تباعاً بوعي الناس، وإدراكهم لحقيقة مكائده وخططه ومراميه القميئة.
يحاول «بحاح» الآن أن يسيء ويثير زوابع حول الجيش الوطني الذي يمثل كل اتجاهات ومناطق اليمن، ويخوض معارك مصيرية ويحقق إنتصارات عظيمة وكبيرة في سبيل إستعادة الدولة والشرعية والوطن، وبعد أن قوى عوده وغدا رقما مهما في المعادلة - وذلك من خلال منشورات وهرطقات لا يمكن وصفها سوى أنها سخيفة وخبيثة وتكشف بل وتعري حقيقة النفسية الحاقدة والناقمة والمريضة التي تسكنه.
ما لا يعرفه هذا الـ«بحاح» أن هذا الحيش لا ينتمي الى قبيلة ولا الى أسرة ولا الى حزب ولا الى قبيلة ولا الى جماعة، وانما ينتمي لليمن والشعب، وان عملية تجنيده وتشكيله وهيكلته تمت فقاً لأهداف وأسس ومبادئ وطنية ومنهجية وعصرية صرفة .. وأن الرتب التي منحت لعناصره لم تكن على أساس مناطقي أو جهوي او أيديولوجي، او عشوائي كما يحاول يسوق .. وانما منحت وفقاً لإستحقاقات مؤهلات وكفاءات دقيقة شملت كل القيادات والأبطال من اليمنيين الذي وقفوا في صف الوطن والشرعية بمختلف مناطقهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم، بما فيهم أبناء الشهداء واسر الجرحى.
ما لا يعرفة بحاح أن سيده ومعلمه وقدوته «المخلوع» محاصر، بل ومأسور، وأن مليشيا الكهنوت التي لا تؤمن بالدولة ولا بالتعددية ولا بالجمهورية والتي كل همها منصب في تحقيق «الولاية» - توغلت في كل مفاصل الدولة، وأن أصابعها صارت على الزناد .. وأن لا سبيل لمواجهتها واجتثاثها سوى بجيش وطني قوي ولاءه محصور على الوطن والشعب فقط وفقط وهذا ماهو حاصل على أرض الواقع اليوم.
وما لا يعرفه ايضا هذا الـ«بحاح» أن اليمن هو الهوية والإنتماء والمرجعية، وهو الحاضنة الوحيدة والأم الرؤوم لكل اليمنيين، وان المراهنة على سواه يبقى مجرد مغالطة للذات وخيانه للشعب لا تعود على صاحبها سوى بالخزي والعار .. وأن الدولة الاتحادية هي الخيار الأمثل لليمن واليمنيين، وان مخرجات الحوار الوطني هي السبيل والطريق والوسيلة المثلى لإحتواء وحلحلة كل أزماتهم ومظلومياتهم ومشاكلهم العالقة .. وهي ايضاً الغاية المثلى والوحيدة لتحقيق تطلعات اليمنيين في اقامة الدولة المدنية التي تسودها الحرية والعدالة والمساواة .. فمتى يا ترى سيعقل ويصحو ويستفيق هذا الـ«بحاح»؟!.
بقلم / أ - فاروق الصيري