بقلم: فهمي با عباد
بقدر الصدمة والألم والوجع الكبير الذي منينا به ظهر اليوم جراء الحادث الارهابي الغادر والجبان، الذي استهدف حكومة التوافق الوطني لحظة وصولها مطار عدن الدولي - الإ أن هذا الحادث المؤسف كشف لليمنيين وللعالم أجمع حقيقة هامة وخطيرة مفادها، أن المتربصين والحاقدين والناقمين على التوافق الوطني وهذه الحكومة التي انتظرها الشعب طويلا - كثيرون، وأن هناك مؤامرات ومخططات ومساع خبيثة وخطيرة تحاك لها في الخفاء، وتهدف الى إفشال خططها وبرامجها، والحؤول دون تمكينها من القيام بمهامها ومسئولياتها الوطنية التي كشفت عنها عقب اعلان تشكيلها، والمتمثلة في تطبيع الاوضاع، وتوحيد الصف الوطني، وتحقيق التعافي الاقتصادي، وصولا الى انهاء الانقلاب واستعادة الدولة.
وفي الوقت الذي نشاطر فيه ذوي الضحايا من الشهداء والجرحى الذين سقطوا في هذا الحادث المؤسف - أحزانهم ومصابهم الأليم والكبير - نجد أنفسنا ملزمين بالتنبيه الى حقيقة هامة وملحة وخطيرة وتستدعي من الجميع التنبه لها ووضعها في الاعتبار على الدوام، وهي: أن التحديات والعقبات والأخطار والعراقيل والصعوبات التي تترصد هذه الحكومة، وتقف في طريقها لم تعد مقتصرة على الجانب الأمني، والاقتصادي والخدماتي وغيرها مما قرأناه وسمعناه عقب تشكيلها، بل انها أكبر وأخطر وأهول من ذلك بكثير، بل وتفوق قدراتها وامكاناتها الى حد بعيد .. الامر الذي يتطلب منا نحن اليمنيين جميعا الإصطفاف الى جانبها ومساندتها ومؤازرتها والتعاون معها والدفاع عنها بإستمرار، حتى تتمكن من تجاوز كل ما يقف في طريقها، وتخرج بهذا البلد الى بر الأمان.
ولكي نتمكن من تحقيق هذه الغاية العظيمة ونكون بالفعل سندا ومعينا لهذه الحكومة - نحن مطالبين اولا بوقف خطابنا السلبي القائم على السخرية والتندر والنقد الهدام، ولنجعل خطابنا ونقدنا موضوعي وعقلاني وهادف وبناء، وبدلا من ان نهدر اوقاتنا وجهودنا في التندر على شخوصها، علينا ان نكرسه لتقييم وتقويم جهودها وانجازاتها، وأن نعمل بصدق على تنويرها بمكامن الاختلالات والاخطاء والاعوجاجات، وتعريفها بماهية المعالجات الناجعة والصحيحة والممكنة .. والى ذلك علينا أن نشد من عزيمتها ونشحذ هممها ونبارك خطواتها بإستمرار .. ولنتذكر على الدوام أن ما تقوم به لا يعنيها وحدها وانما يعد هما ومسئولية وطنية جمعية نشترك في تحملها وأداءها جميعا.
نعم أيها النبلاء آن الأوان لمغادرة مربعات التخلف العصبوية والولاءات الضيقة التي اعمت أبصارنا، ولنعمل سويا من اجل وطننا وفي سبيل استعادة دولتنا والتأسيس معا للتعايش والعيش المشترك، الذي من شأنه ان يمكننا من اللحاق بعصبة الأمم .. آن الاوان لنعي جيدا أن هذه الحكومة ليست ملك شخص او تيار او جماعة بعينها، وانما هي حكومتنا نحن اليمنيين جميعا، ووحدها تمثلنا جميعا، وان مستقبلنا ومستقبل وطننا مرهون بها وبنجاحها، وما يستهدفها ويحاك ضدها يستهدفنا جميعاً بلا استثناء .. فلنصحو من سباتنا الطويل، ولنتحمل مسئولياتنا، ونتحول الى أدوات بناء واصلاح وتقويم وتنمية واعمار، وليس معاول هدم وتخريب وتدمير .. وليس هناك من داع بأن نتعامل مع هذه الحكومة او ننظر لها كشخوص وافراد، وانما ككيان واحد يمثل اليمن قاطبة ويمثلنا جميعا ونجاحها هو المخرج الوحيد الذي نسعى اليه.
ولكي نكون منصفين يكفينا شرفاً وفخراً أن هذه الحكومة ورغم هول الصدمة التي منيت بها لحظة وصولها مطار عدن - إلا أن رئيسها دولة الدكتور معين عبدالملك - حرص على الخروج عن صمته، وطمأنة أبناء شعبه والتأكيد لهم بأنه وحكومته سيمضون قدما في ممارسة مهامهم وتحقيق الامن الاستقرار والتعافي الاقتصادي واستعادة الدولة مسنودين بإرادة صلبة كالجبال، وأن هذه الاعمال الارهابية لن تثنيهم عن الوفاء بمسئولياتهم .. وهو موقف حكيم وقوي وشجاع يؤكد أن الرجل وكل اعضاء حكومته عازمون على مواصلة اعمالهم وخدمة وطنهم وشعبهم مهما تعاظمت الاخطار والتحديات التي تواجههم .. وبإعتقادي أن هذا الخطاب وهذا الموقف المسئول هو ما نفتقده ونتوق اليه جميعا، وهو ما تتطلبه المرحلة الراهنة .. لذلك صار لزاما علينا ان نكون الى جانب هذا القائد الحكيم والشجاع والكفؤ وأن نسانده ونؤازرة ونبارك خطواته هو وكل اعضاء حكومته .. وأنا على يقين بأنه الاجدر والاقدر والاكفأ على قيادة سفينة الوطن والوصول بها الى بر الأمان.