بقلم: منصور الصمدي
على مدى العامين الماضيين، ونتيجة للجمود والخمول والتراجع، الذي رافق عمل وتحركات قوى ومكونات الجيش الوطني سواء تلك المرابطة في «نهم» أو غيرها من المناطق، فضلاً عن ما منيت به خلال ذلك من هزائم وخسائر وإنكسارات، على أيدي فلول مليشيا الكنهوت الإنقلابية - فقد السواد الأعظم من اليمنيين ثقتهم بهذا الجيش، لتتحول أخباره ونشاطاته الى مواد للتندر والسخرية فينا بينهم .. وتصبح قياداته محط إنتقاد الجميع بما في ذلك نشطاء الشرعية أنفسهم.
ومؤخراً وبالتزامن مع التحركات والتقدمات الخاطفة التي حققها هذا الجيش في «نهم» - نجد أن المسألة إنقلبت، فمنذ اللحظة الأولى لهجومه هب شرفاء اليمن بمختلف مشاربهم وإنتماءاتهم، لمؤازرته ومناصرته وتحفيزه، والتغني والتفاخر بإنتصاراته، وحثه على الصمود والتماسك، وتحذيره من تكرار أخطاء الماضي .. في تأكيد واضح على حبهم له، وعودة ثقتهم به، وإيمانهم بقدراته في تحقيق النصر، وإعادة مليشيا الحوثي الى جحورها في كهوف مران.
الأمر المؤسف أن هالة الفرح وحالة التفاؤل الكبيرة التي كانت تخلّقت في نفوس العامة بفعل تلك التحركات والإنتصارات - سرعان ما تلاشت، وتحولت الى حالة من الغبن والأسى، وذلك نتيجة للنكسة والخسائر الكبيرة التي مُني بها عقب ذلك بساعات، ليعاود الجميع وعلى رأسهم بعض مسئولي الشرعية صب جم غضبهم عليه، كاشفين النقاب عن جملة من الإختلالات والاخطاء والقصور التي يشهدها هذا الجيش، وكذا عمليات الفساد والعبث التي تمارس من قبل بعض قياداته، وما يتبادلونه فيما بينهم من اتهامات بالخيانة والتقصير وغيرها.
وبنظرة فاحصة وموضوعية لمعطيات الراهن مجتمعة - نجد أن الشعب اليمني معذور في إنتقاداته لهذا الجيش وسخطه عليه، وذلك كونه لم يذق من وراء هذا الجيش، وعلى مدى الست السنوات الماضية، سوى مرارات الهزيمة والخذلان، ولم يحظ بأي لحظة فرح أو إنتصار واحدة .. كما ندرك أيضا وبما لا يدع مجالاً للشك أن خلل ما كبير يشهده هذا الجيش من الداخل، وأن الكثير من قياداته أغبياء لا يتمتعون بأية خبرات أو مهارات عسكرية، وليسوا أهلاً لتولي مهام قيادته، وخوض معارك التحرير المصيرية الملقاة على عاتقه.
ولأن الأجماع الوطني بأت يؤكد ويعترف بوجود تلك الإختلالات، فإن معطيات ومتطلبات المرحلة الراهنة تحتم معالجتها وبشكل عاجل، والى جانب تغيير القيادات التي تسببت بكل هذه الانتكاسات، المطلوب معالجة التصدعات التي يشهدها هذا الجيش من الداخل، وفي مقدمة ذلك تعدد ولاءاته الحزبية والقبلية والمناطقية، واعادة تنظيمة وهيكلته وبناءه على أساس الجيش الوطني النظامي الحقيقي، الذي لا يدين بالولاء سوى لليمن فقط وفقط .. بالإضافة الى توحيد قياداته، وتحييد كل القيادات المؤدلجه الموالية للأحزاب والجماعات والاشخاص وللخارج أيضاً، والذين يديرون المعارك وفقا لأجندة خاصة بعيدة عن الهم الوطني.
نحن في العقد الثاني من القرن الـ«٢١» يا سادة وزمن المغامرات العشوائية ولى، وقبل حشد الألوية والكتائب البشرية والأسلحة والعتاد العسكري - تتطلب الحرب التخطيط والتنظيم والدراسة والتكتيك والتمويل، ووضع استراتيجية شاملة تراعي كل التفاصيل والعوامل والآليات التي من شأنها أن تقود الى النصر، بما في ذلك دراسة واستغلال الواقع الجغرافي الذي تدور فيه المعارك، وبما يضمن مباغتة العدو وتمكين مكونات الجيش من الإتصال والتنقل وخلق ملاذات آمنة، ويحول دون تكرار نكسة «نهم».
لا بد أيضا من أن تترافق العمليات العسكرية بخطاب إعلامي وطني موحد، يرفع معنويات الجيش، ويحفز ثقافة المقاومة لدى المحيط الشعبي، وبما يضمن الدفع به لمساندة الجيش الوطني، ويحط أيضا من معنويات العدو ويشتت شمل مكوناته .. وقبل ذلك كله على قيادة الجيش الوطني، أن تحتاط من الخيانات التي تتم من الداخل .. ولا ننسى هنا أن نذكر بأن مليشيا الحوثي تخوض معاركها بناء على استراتيجيات وخطط دقيقية صاغها ويديرها خبراء ايرانيين، وبالتالي فإن هزيمتها لن تتم بالهوشلية والمغامرات التي يقدم عليها جيشنا الوطني.