غمدان ابواصبع
الرئيس هادي ومكامن القوة الخفية
السبت 27 يوليو 2019 الساعة 18:50
.غمدان ابواصبع
ظل الرئيس هادي رجل الظل الخفي رغم تقلده اهم المناصب منذ استقلال الجنوب من الاحتلال البريطاني ليمارس شخصية عسكرية وسياسية في تأنٍ كبير ،ما مكنه من فهم الطبيعة اليمنية ومعرفة مكامن القوة والضعف وهو الفهم الذي تمكن من خلاله الخروج من كل تلك الأحداث الدامية التي عرفتها جمهورية اليمن الديمقراطية .
لينتهي به الحال خارجها بعد هزيمة علي ناصر محمد ليتولى قيادة القوات الجنوبية المحسوبة على علي ناصر في شمال اليمن ويتماهى مع دولة الوحدة بصفته شخصية عسكرية مهمة كانت وراء تسليم الرئيس السابق صالح له قيادة الجيش لمواجهة الانفصال أو ماعرف بحرب صيف 94،
ولم يأت اختيار صالح لهادي من باب الفراغ في ظل مرحلة مفصلية مهمة تحدد على إثرها سير العملية السياسية والعسكرية لدولة الوحدة ليتولى الرئيس هادي مهمته بنجاح محققا انتصاراكبيرا حسمت الحرب لصالح الوحدة ماجعله محط أنظار نظام صالح لادراكه حقيقة ما يمتلكه هادي من حنكة عسكرية كان لها الفضل بانتهاء الحرب في الجنوب .
فظهور الرئيس هادي أمام افراد الجيش والشعب بصفته القائد المنتصر أثارت مخاوف صالح وحلفائه مادفعه لا زاحته من قيادة الجيش ليتم تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية وهو منصب سعى صالح من خلاله لعزله بشكل تام عن ممارسة أية مهمة عسكرية .
مع ذلك لم يظهر الرئيس هادي اي امتعاض ومارس مهامه الجديدة بكل نشاط رغم معرفته أن صلاحياته، محدودة متحملا كل الاشاعات التي سعى خصومه لنشرها عنه واصفين اياه بالضعيف رغم معرفتهم أن الرئيس هادي ليس برجل ضعيف وانما رجل تحكمه قراءة المتغيرات السياسية لينتهي به الحال القائد السياسي بإجماع كل الفرقاء عام 2011رئيسا توافقيا الان أن هادي ادرك منذ ل الوهلة الاولى خطورة تولي إدارة اليمن بصفته رئيسا توافقيا باختيار القيادات السياسية دون تصويت شعبي فرفض توليه منصب رئاسة الجمهورية بدون تفويض شعبي فحصوله على تصويت الشعب تمكنه من لعب دور فاعل وبناء وتعزز مشروعيته بصفته رئيسا منتخبا من الشعب .
ادرك الرئيس هادي أن تحقيق الدولة الاتحادية بات صعبا في ظل سعي القوى المتصارعة لتغليب مصالحها على مصالح الشعب والذي بانت ملامحه بصعوبات وعراقيل نسجت أمام مؤتمر الحوار فالقوى السياسية الطامعة بالسلطة والرافضة لتنفيذ مخرجات الحوار لن تشاهد النور في ظل غياب مكامن القوة لديه فالمؤسسة العسكرية منقسمة وغياب الولاء لموسسة الدولة بات هو السائد مادفعه لمراقبة الفرقاء الذين باتت تحالفاتهم تهدد الدولة ومؤسساتها مستخدمين مليشيات الحوثي لتدمير مخرجات الحوار والانقلاب على الدولة الاتحادية
تتقدم المليشيات صوب العاصمة صنعاء كل تلك العوامل لم تكن غائبة عن الرئيس هادي ماجعله يرتب نفسه و أوراقه ويحدد مساره السياسي منتظرا اللحظة التي يقلب فيها الطاولة على من تخيل أن تحالفاته مع الحوثي ستعيده لكرسي السلطة ولم يكن انقلاب الحوثي على الرئيس هادي بالمفاجئ بل كانت البداية لاستنزافه واحراق شعبيته لينتهي انتصار الحوثي وصالح بالكارثة فيخرج هادي سالما بينما عاش الحوثي وصالح تحالفا هشا وركيكا شهد هزائمهم المتكررة ليطرد من المحافظات الجنوبية بالكامل ومن محافظتى مأرب والجوف وتقدم قوات الرئيس هادي إلى اطراف العاصمة صنعاء وتسيطر على أكبر مدريتها وهي مديرية نهم .
ليتبادل الحوثي وصالح الاتهام بسبب الهزائم المتلاحقة بعد طردهم من سواحل تهامة التابع لمحافظة حجة وتقدم قوات العمالقة باتجاه المخاء فيقتل الحوثي حليفه القوى صالح وينشطر تحالفاتهم فينقسم أنصار صالح مابين صامت يعمل تحت الترغيب وتهديد من قبل الحوثي وبين من فر ليقاتل مع طارق تحت إشراف قوات التحالف الذي تستمد مشروعية وجودها من الرئيس هادي لتتساقط موانئ الساحل الغربي بيد قوات الجيش الوطن ليصل إلى قلب مدينة الحديدة الشريان الرئيس الذي تعتمد عليه مليشيا الحوثي .
كل تلك العوامل التي عرفتها الساحة السياسية والعسكرية اليمنية أثبتت أن الرئيس هادي هو وحده اللاعب الأكبر في كل تلك المتغيرات ليتحول إلى مقصد كل القوى السياسية اليمنية بما فيها أنصار صالح فيعزل مشروع الحوثي الى مشروع هزيل يعاني من كره شعبي له في ظل عجز تام لأنصاره من تمكنهم من تولي مسؤولية المؤسسات والمحافظات الواقعة تحت سيطرتهم فتنعدم الرواتب ويتشرد الجهاز الإداري ويقتل أغلب قياداته العسكرية التي كانت النواة الحقيقية لتحقيق مشروعه وتتحول انتصاراته الى هزائم موجعة باتت تلاحقه ماجعله يرمي بكل ثقله خلف إيران والأمم المتحدة لحماية وجوده وهي الحماية التي تعيق سحق الحوثي في صنعاء بعد أن باتت قوات الجيش تحاصر معقله الاخير في صعدة ليجد نفسه سجينا بين أكبر تكتل بشري ينتظر الفرصة للانقضاض عليه والتخلص منه للابد .
كل تلك الأحداث التي عرفتها اليمن أثبتت أن الرجل الضعيف بين الاقوي لم يكن ضعيفا وانما سعى لتوظيف عقله لإضعاف القوي الذي لاعقل له فالكثير يجهلون أن الرئيس هادي هو ابن اهم المدارس السياسية في العالم وهي المدرسة البريطانية الغربية والشرقية المعروفة بالاتحاد السوفيتي لينتهي خصوم الرئيس هادي مابين قتيل ومشرد ومحاصر يعيش على رحمة الحماية الدولية والإقليمية وباسلوب المحنك السياسي حول خصومه إلى أدوات شبه مشلولة تنتظر انتقاما شعبيا منها بعد هزيمتها سياسيا وعسكريا