بقلم: فهمي باعباد
فارق كبير وبون شاسع بين مليشيا اعتادت بل وثبت تورطها في ارتكاب جرائم القتل والخراب والدمار، وممارسة عمليات النهب والنصب والهبر والسطو والاستحواذ والمصادرة والتحايل والعبث والإستئثار بكل شيء جميل في البلاد .. وبين حكومة شرعية معترف بها دوليا، تمتلك مؤسسات، وتمارس مهامها وفق قوانين وانظمة وضوابط دقيقة، وتعمل ليلا ونهارا في سبيل معالجة واصلاح الإقتصاد، والتخفيف من معاناة اليمنيين بمختلف مكوناتهم وبعيدا عن الفرز والتصنيف والتمييز الطايدئفي والمناطقي والعنصري والسلالي.
ما يدعو للإستغراب ويثير التساؤل هو انه وفي الوقت الذي بات العالم من أقصى الأرض الى أدناها - يعي جيداً طبيعة ذلك الفرق، ويدرك يقيناً حقيقة تورط مليشيا الحوثي الإنقلابية في نهب وسرقة المساعدات الانسانية والاستحواذ عليها طيلة الاربع السنوات المنصرمة - إلاّ أنه لم يحرك ساكناً، ولا تزال غالبية المنظمات والجهات الإغاثية وفي مقدمتها الأممية تورد شحنات المساعدات الى أيادي لصوص تلك المليشيات وتوكل لهم عملية توزيعها - غير عابهة بالملايين من الجياع ممن حرمتهم تلك المليشيا منها .. ودون اعتبار لمسألة ان تلك المساعدات توظف من قبل مجرمي تلك المليشيات لتمويل حروبها العبثية بحث البسطاء والأبرياء من اليمنيين.
صحيح ان تلك المنظمات والجهات الإغاثية كانت تتحجج في السابق بضعف البنية الإدارية لمؤسسات الحكومة الشرعية، وكذا غياب جانب الرقابة والمحاسبة - وتلك كانت حجة صحيحة - لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن .. ترى ماهي حجة تلك المنظمات، وماهو مبررها اليوم، بعد ان استعادت الحكومة الشرعية كافة مؤسساتها، واعادت بناءها بناءاً منهجياً ومؤسسياً دقيقاً، وفي مقدمة ذلك البنك المركزي اليمني الذي تمكن من استعادة كافة صلاحياته المالية، وبات اليوم في اوج قوته .. وكذا المؤسسات الرقابية التي اضحت اليوم فارضة رقابة دقيقة على كل جهة ومؤسسة ووضعت حد لكل عمليات الفساد والعبث التي سادت خلال الفترات السابقة.
بإعتقادي ان مثل ذلك مبرر لم يعد صالحاً ولا مقبولاً اليوم .. كما انه لم يعد أمام تلك المنظمات والجهات الإغاثية من حجة تجيز لها مواصلة توريد شحنات المساعدات الى ايادي مليشيا النهب الحوثية بعد اليوم، سيما بعد ان باتت اللعبة مكشوفة للجميع .. وبعد ان سمعنا الكثير من المسئولين الأممين وفي اكثر من مناسبة يصرحون جهارا بضلوع وتورط مليشيا الحوثي الانقلابية في الاستحواذ على المساعدات الانسانية، ويؤكدن قيامها بتسخيرها كمجهود حربي .. وبالتالي لم يعد امام تلك المنظمات والجهات اليوم سوى مراجعة اخطاءها وتصحيح آليات تقديم وتوزيع مساعداتها، ولها في الحكومة الشرعية وبنكها المركزي بديلاً امثل ووسيلة أنجع وافضل يمكن من خلالها ضمان حفظ الأموال وايصال المساعدات الى مستحقيها.
وعلينا ان لا نغفل هنا طبيعة الحرص الكبير الذي تبديه الحكومة الشرعية ممثلة برئيسها الشاب الناجح الدكتور معين عبدالملك سعيد - وذلك في سبيل تحقيق التعافي الاقتصادي، ومحاربة الفساد، وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة، وتحسين الخدمات .. وكذا حرصه على قيام حكومته بواجباتها الكاملة في الجانب الاغاثي، والتخفيف من معاناة اليمنيين وفي مقدمتهم اولئك القابعين في مناطق سيطرة مليشيا الانقلاب، من خلال صرف المرتبات، وتوفير المبالغ المالية، والبحث المستمر عن المزيد من المنح والمساعدات، وانتهاء بإيصال المساعدات الى مستحقيها.
وعليه وبناء على ما سبق كله نوجه دعوة صريحة للأمم المتحدة بمختلف منظماتها، ولكافة الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وللأشقاء في التحالف العربي، للعمل وبشكل عاجل على معالجة كافة الاخطاء والقصور التي رافقت العمل الاغاثي والإنساني خلال الاعوام الماضية، ووضع حد لعملية التعامل مع مليشيا النصب الحوثي، وايكال مهمة ادارة الملف الاغاثي للحكومة الشرعية، كونها ومن خلال ما تمتلك من مؤسسات وحدها القادرة على ادارته بالشكل الأمثل، ووحدها قادرة على تقديم ضمانات حقيقية حول عملية حفظ الاموال وادارتها بالشكل الصحيح والسليم، وبما يضمن وصول الإغاثات لكافة الجياع من اليمنيين في عموم محافظات ومناطق وقرى الجمهورية اليمنية.