سامي الحميري
⁠⁠⁠بن دغر .. كم نحتاج لمثله ؟!
الخميس 21 سبتمبر 2017 الساعة 20:04

 

يستلهم بن دغر من الحديث الشريف للنبي صلى الله عليه وسلم " من تواضع لله رفعه " ومن المثل القائل  "من جد وجد" منهجه .

وليس مديحا إن قلنا إن ذلك سلوك تطلبته المسؤولية .. أي نعم هذا صحيح !! 
لكن من يتصنع ماليس فيه سرعان ما يخذله قصر حبل الكذب والإدعاء .. وما هو ثابت تبقى ردود الأفعال التلقائية هي محكه الحقيقي مهما أسعف الانسان ذكاؤه ، فالمواقف كثيرة ، والأنشطة غزيرة ، وبالتالي في كل مرة سيحتاج المرء لسرعة بديهة مذهلة بكل تأكيد لأنه  سرعان ما ستخذله هنا او هناك مهما كان حريصا .. فمن مأمنه يؤتى الحذر  !!

ولذلك فالتلقائية هي أقصر الطرق لمن كان يشغل منصبا كهذا ، تفاجئه الزيارات والظروف والوجوه ، فلا يملك الإ أن يسلم لأخلاقه وتلقائيته وعفويته الزمام لتعكس جوهره الصادق ، فتظهر على شاكلة ما نراه في بن دغر من أخلاق ، وإبتسامة ، وحلم ، وتواضع ، وتفاؤل ، واحترام ، ورحمة , ولفتات إنسانية  .. 

أما في الإدارة فلن يتسع المقام والمقال والمناسبة لتعداد ما يلاحظه المراقب المنصف من بعيد فضلاً عن المتابع القريب ، من جد ، ونشاط ، ومرونة ، وعزيمة ، وقوة تحمل للضغوط ، وحسن تصرف وتصريف للمشاكل ، وقدرة على تجاوز المعوقات بحكمة نادرة ، لا يخالطها التسرع والانفعال المتشنج الذي يرد الذكي أحمق ، والعاقل أهوج ، والمتعلم جاهل ، والمتحضر متخلف !!!

 

الأمر يكاد يراه الأعمى ، ويسمعه من به صمم ، أن بن دغر خلت سريرته من العنصرية ، فأراح قلبه منها ، وصدره من تداعياتها ، وعقله من ضيق أفقها  ..  

فقد حوى ، واحتوى - على سبيل المثال للتدليل وليس الحصر - مكتبه ابن صعدة ، وإب ، وإبن مأرب ، وعدن ، وإبن حضرموت ، وصنعاء والضالع  ، وأبين ، وتعز كموظفين ، أو كزوار ومراجعين ، أو كضيوف ، وأصحاب حاجة لمناطقهم فلباها ، ولم يخرجوا من مكتبه إلا حاملين أفضل وأرقى وأنقى الانطباعات ، وفي صدورهم تزدحم الدعوات ، لما شاهدوه بأنفسهم ، ولمسوه من واقع يشبه ظاهره باطنه ..

أما لو تحدثنا عن زياراته للمناطق والمحافظات المحررة فهي تتوزع بين شمالً وجنوب ، لعل المتابع يلاحظ أن زيارته الأخيرة كانت من عدن إلى أبين ولحج وحضرموت بواديها وساحلها وصحرائها إلى سيئون ، ومنها إلى المهرة حضرها وباديتها ، إذ لا فرق عنده بين الشمال والجنوب والوسط والشرق الغرب في الوطن ، فهو القادم من صنعاء ، والعائد إليها بإذن الله قريبا بعد التحرير .. 
وقد سبق وزار من مناطق الشمال أخطر الجبهات التي كانت المليشيات الانقلابية تستميت فيها ، وهي المخا التابعة لمحافظة تعز الحبيبة الى قلبه ، والقريبة دوما من لسانه ، كدلالة رمزية لكل ذي لب ومنصف ، أنها زيارة محبه ، رغم ما اكتنفها من خطر ومغامرة أصر إلا أن يخوضها بكل شجاعة وبسالة ، لتصل الرسالة واضحة لأهله في تعز والتي مفادها : أني معكم ، وبكم ، ولأجيال كل اليمن ، سنشيد هذا الوطن ، ونحرره تحت ظلال قيادتنا الشرعية بزعامة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ، ومعه كل الأخيار ممن أختار الوطن ، ورمى بالمصالح الضيقة خلفه ..
ولا ننس زيارته من قبل إلى مأرب الخير والعطاء والثورة والمنعة والمدد ، رغم أن فيها نائبه الذي يتلقى توجيهاته والذي يوزع المهام ثم يتفقد الانجازات في ضوء ذلك ليكون هناك نتيجة لا يمتلك الوطن والمواطن ترف الوقت فيها لتأخير أو تعطيل ، لإدراكه العميق أن ما فات الوطن كثير ، ويتطلب تعويضها الجهود المضاعفة من أجل أن تصل أجيال الغد وقد مهد لها الوطنيون الاخيار الطريق لبناء حاضر افضل ، ومستقبل افضل منه حينما يتطلب الامر التفتيش عن افعال رجال اليمن لتستلهم منها الاجيال كيفية التغلب على العثرات ، وكيفية النهوض من جديد بعد الآلام والمخاضات ، وكيف نسلم الغد يومنا ونحن مطمئنون أن التاريخ شاهد .. فإما سطر اسمك بأحرف من نور ، أو رمى بك في سلات مهملاته ، أو في مزابله كما يفعل بشانئي بن دغر..

المقالات