إيهاب الشرفي
لم يحط رحاله بعد ، ولم يخوض غمار السلطة والمسؤولية على أرض الواقع حتى الان ، مازل هناك يلملم شتات تعز ، بين الفرقاء والأحبة وأبناء الأرض الواحدة ، يحشد الإمكانيات ويرص الصفوف ويرتب الأوراق على طاولة الساسة ، ليتمكن من إدارة الحُلم المؤجل والأرض الوالادة بالثائرين و الأحرار ، والبلاد الحالمة ، في ظل جراحها المتفاقمة والحصار الخانق المطبق على عاصمة الثقافة اليمنية منذ أربعة أعوام .
لم يتخطى حاجز الوصول بعد ، وبالمقابل دشنت أبواق الشيطان أعمالها ، وأعلنت حالة الإستنفار والطوارئ لمواجهة المحافظ "نبيل شمسان" الذي لم يصل بعد إلى تعز ، وبدأت الأبواق الشيطانية تدق طبول الحرب الإعلامية في طريقه المعبدة بالأشواك والملفات الشائكة ، وذهب أحدهم إلى الإعلان مبكرا عن تجهيز السياط والمجاهر والقيود والأغلال والسيوف والمدافع لمواجهة من وصفه بالعبد المارق والمجرم المستبد ، تارة يصفه بالخيانة وأخرى يتهمه بالهرطقة والإنحراف .
كل ذالك لأن الرجل قبل دعوة على الغداء في العاصمة المصرية القاهرة ، دون علم بما سيكون في هذه الوليمة ، حتى وإن كان يعلم لا يخول لأي طرف كائن من كان أن يتهجم عليه ويكيل التهم جزافا في حقه و يصفه بالخيانة والاستبداد أو يتهم الرجل بنكران أوجاع تعز وألام أهلها ، وكأن الساسة دون شمسان نزلوا من السماء تحملهم الملائكة على السحاب ، وكأن تعز قد تخلصت من كل أوجاعها وألامها ، ولم يتبقى سوى الترهيب والوعيد لمحافظها القادم .
قرر الشيطان أن لا يكون لسفينة تعز رُبان يقودها إلى بر الأمان ، فأعلن الأتباع والأبواق السمع والطاعة العمياء ، يعدون له العدة وينصبون له الكمائن قبل وصوله إلى المحافظة ، رسالتهم لا نصير لك ولا خليل سوى ثلة منا نحن الأقدمين والآخرين لا شريك لك سوى نحن ولا نصير لك سوى ما نحمله من بشر على ظهورنا وبين أيدينا ، هدفهم وغايتهم إصابة المحافظ بالعجز والفشل ، يستخدمون في ذلك الحجج الواهية والأعذار الركيكة غير ابهين بمستقبل الأجيال في المدينة الحالمة .
الأجدر بهم وبنا وبكل من يسكن تعز ، التريث حتى يبداء الرجل بمهامة و الإنتظار حتى يتبين خيره من شره ، ثم الحديث عن الانعوجاج والأخطاء والإنحراف ، لأن تعز ليست بحاجة إلى المزيد من التشظي والإنقسام ، وصب الزيت على النار ، وليست بحاجة إلى الأقلام الهدامة ، تعز بحاجة إلى التكاتف الجمعي ، إلى توحيد الصفوف وحشد الجهود وتنظيم الطاقات وشحذ الهمم في سبيل تخليصها من عدو يتربص بها ويصُب في شوارعها القذائف والصواريخ ليلا ونهار .
إن لم تتولد قناعة تامة بأن الجميع هم أبناء تعز لا خير في أحدهم على الآخر إلا بما يقدمه على أرض الواقع من جهود وتضحيات في سبيل أن تنعم تعز بالخير والبركات ، لن ينفع محافظ ولا عشرة ولا قائد ولا قادة ولن يتمكن بشري من الرقي بالمدينة الحالمة وتحقيق أهدافها المؤجلة منذ ثمانية أعوام ، ولعل في المحافظ الجديد خيرا تحمله الأقدار ، فلا تتعجلوا ، وانتظروا إنا منتظرون .