وفي الحقيقة لو تقصينا طبيعة هؤلاء الاشخاص سنجد انهم من «مستشاريي» دورات الخمسمائة دولار
التي انتشرت في كلا من «مصر ولبنان» تحت ما يعرف بمراكز التدريب في التحكيم الدولي وتاهيل المشاركين لتولي قضايا نشر ثقافة التحكيم ليس الا .. حيث ان الانظمة الداخلية لتلك المراكز لا تجيز لها منح مناصب والقاب بصفة مستشار وانما تعطي شهادة اجتياز دورة التدريب على التحكيم، كما ان تلك الشهادات لا تعد ضمانا بأن من يحملها محكما دوليا .. وليس مستشار تحكيم.
الامر المؤسف ان بعض المشاركين في تلك الدورات يستغلون هذا المسمي للقيام بوضعه في البطائق التعريفية لمكاتبهم وفي الكروت ايضا وهذا نوع من العبث القانوني اذ انه يندرج تخت ما يسمي بالتغرير بالجمهور .. وعليه فإن نقابة المحامين تتحمل المسئولية ازاء هذا الأمر وسكوتها يعد تواطؤ صريح وقبول بهذا النوع من الفوضى والعبث المتمثل في منح الالقاب العلمية ومهزلة للتحكيم الدولي التي تعد وسيلة لخداع الناس وباب من ابواب النصب والاحتيال .. ونحن لا نعتقد ان نقابة عريقة بمستوى نقابة المحامين ترضى على نفسها ذلك .. خصوصا ان هذا الامر يعد مخالفة صريحة لقانون المحاماه وقانون الخدمة المدنية.
فمستشار التحكيم الدولي يحتاج الي تدرج ومهارات خاصة واطلاع علي جميع القوانين .. كما ان المتدرب لا يمكنه الحصول على هذه الصفة او الوصول اليها او اكتسابها الابعد ممارسة لا تقل عن ثلاث سنوات .. والأمر المؤلم أن بعض المؤسسات الأكاديمية صارت تصدر شهادات دكتوراة فخرية لكل من هب ودب وهذة ايضا تعد كارثة جديدة لان الدكتوراة الفخرية لا تمنح الا لاصحاب المنجزات او ذوي المناصب الاكاديمية العلمية او الحكومية التي تفيض بالعطاء على الناس وتعم عليهم بالفائدة.
وعموما نقول ان التخفي وراء تلك الصفات والمسميات والالقاب المزيفة وجعلها واجهة لاجل تسلق السلم المهني سريعا يمثل ظاهرة خطيرة ستكون نتائجها وخيمة خصوصا اذا رافقها نشر يومي بمثاليات مهنية لا وجود لها الا علي موقع التواصل الاجتماعي وستكون عناوينها ورائدها القفز على الحقائق والسطو علي الشرعية القانونية والمهنية وستؤدي الي انتكاسة كبيرة لمسيرة المهنة .. فليس صحيحا ولا قانونيا ولا مقبولا ان نطلق علي «المتدرب» الحاصل علي دورة في التحكيم الدولي صفة مستشار .. والسكوت عن ذلك يمثل كارثة وطنية لان ذلك سيفقد المواطن الثقة بالمحاميين والحقوقيين.
ختاماً .. اعتذر لاخواني اصدقائي المحاميين المشاركيين بهذة الدورات .. ولكنها الحقيقة التي لا تحتمل السكوت فالظاهرة تتزايد يوما بعد آخر .. وليس صحيحا القفز عليها او التغاضي عن هذه «الالقاب الوهمية» .. وقد حرصت على طرح الموضوح من باب التوعية والتنبية لمن لا يزالون يغفلون هذه القضية وتبعاتها ومخاطرها المستقبلية .. ارجو من الحميع تقبل النصيحة هذه كونها صادرة من شخص ارهقة الدهر وجار عليه الزمن ولكنه لا يزال صامد حتى يكتب الله أمرا.