خدمات، التزامات نقدية وغير نقدية، تطوير مؤسسي، تثبيت نظام، تحقيق أمن، احتواء أزمات مع كيانات وتيارات وجماعات، كل هذا ولازالت التحديات والمتطلبات تتوالى على ملف الواجب الوطني أمام الحكومة، ثم نصبح فجأة على الفاجعة الأخلاقية، الاستثنائية، "حادثة مركز اللاجئين الأفارقة"!!.
عادةً ما تتحمل الحكومة مسؤولية كل هذا مع انها في مرحلة تعدد أقطاب القوة، إذ لا يخفى على أحد أن مراكز القوى داخل الدولة توزعت بين أكثر من جهة ولم تعد الحكومة وحدها هي المسيطرة على كل شيء.
عندما كان العقلاء يطالبون بتسليم الميليشيا سلاحها وعمل المكونات السياسية تحت مظلة النظام وليس القفز عليه او مواجهته.. عندما كان الجميع يدين ويرفض تقديم دعم دول خارجية لبعض الجماعات بمعزل عن النظام.. لم يكن كل ذلك عبثاً، بل كان لإدراك خطورة تنمية أكثر من قوة داخل الدولة الواحدة، فتضيع المسؤولية ويتفتت القرار وتتضارب المصالح على رأس النظام والوطن والمواطن.
المشكلة من يقنع الخارج بوقف دعمه للجماعات خارج إطار الدولة؟ في نهاية المطاف يريد الأجنبي مصلحته قبل أي مصلحة، ويرى في تنمية أي جماعة هو ضمان لحماية موطئ قدم له في هذا البلد ومناقصاته ومشاريعه ومكاسبه، ومن سيقنع هذه الجماعة او تلك بإنها مجرد أداة لا يراد لها التنمية الحقيقة ولكن وضعها في حدّ لا يمكنها معه تجاوز الاسياد في الخارج؟ من يقنعها بعد تذوق طعم السلطة والسيطرة أنه يمكنها ان تستمع بهذا الطعم في ظل الشراكة الوطنية؟
الأجنبي سيظل يحفظ مصالحه عبر أدواته القديمة وخلق أدوات جديدة إن استدعى الأمر، والجماعات ذات الطموح السلطوي لن تكف عن لعب دور مناهض لبلدها بعدما صات رهينة للخارج واستعدت الداخل.
الجهة الوحيدة التي يمكنها استعادة الدولة وتثبيت النظام هي الشارع، نعم بكل عوزه ومرضه وجهله وضعفه يظل الشعب هو الشرعية، ومن خلال تنمية الحس الوطني سيتجه تلقائياً لرفض المشاريع الخارجة عن إطار النظام السياسي والدولة المستقرة صاحبة القرار والسيادة، الشارع هو من يرفع مكون او يهوي به إلى أسفل الدرك، الشارع هو باستشعار كبريائه الحضاري سيرفض الأموال المؤقتة في سبيل بناء وتنمية دولة مستقرة عابرة للأجيال..
فهل هناك أمل يا أهل الإيمان والحكمة؟