بقلم غمدان ابواصبع

ظل صالح يحكم اليمن لفترةٍ طويلةٍ من الزمن تجاوزت الثلاثة عقود، وفرض نفسه على كل مفاصل الحياة العامة، وبنى قوات عرفت بالحرس الجمهوري،.ظل ينظر إليها بأنها مصدر قوته، ودرعه الوحيد أمام أي طامع في كرسي السلطة ...
وهي السلطة التي سهلت له شراء ذمم الكثير من قيادة  وأعضاء بعض الأحزاب ظنا منه،. أنه حاز عليهم بماقدمه لهم من ثمن وضمن ولائهم  ووقوفهم إلى جانبه..

ولكنه لم يدرك أن ولائهم ليس له، وإنما للمناصب التي منحهم وللأموال التي سُيقت إليهم،. ليتخلوا عنه بأول سقوط حقيقي...
فإدراكهم أن صالح بات ضعيف، ولم يعد يمتلك تلك المغريات التي كانت وراء التحاقهم به..متخلين عن أحزابهم للوقوف معه.. هي نفسها التي جعلتهم يتركونه يموت وحيداً محاصراً،.تتناهشه الذئاب .

للأسف لم يستوعب (صالح) الحقيقة - وهي من يبتاع له يبتاع  لغيره وبنفس الثمن  .
ربما أن صمود رجال (صدام حسين) و(معمر القذافي) ضد أمريكا وتحالف الناتو ..جعلته لايرى الحقيقة في من حوله،.خاصةً أن الرئيسين لم يتمرد عليهم المقربون منهم،وقاتلوا معهم ,أقوى دول العالم ،.وليس فصيلاً سياسياً حتى النهاية، ومن نجى منهم،.لم يخرج بتصريحٍ أو يكتب على صفحته إدانة لهم ،.فتخيل أن من يحيط به سيكون بنفس تلك الأخلاق والمسؤولية،.متناسياً الفرق بين من يحيطون به، وجلهم ممن كانت المناصب والإغراءات،. هي وحدها من دفعت بهم إلى طريقه،.وليس الولاء الحزبي والسياسي من جعلهم يقتربون منه،.وماهتافاتهم (بالروح بالدم نفديك ياعلي) إلّا،.تنميق وتسلق منتهزين قربهم منه،.

في الواقع لم أستغرب وأنا أشاهد بعض قيادات المؤتمر،.تظهر على قناة المسيرة الحوثية،. لتوصف الرئيس(صالح) بالخائن بل كان شيء طبيعا. فمن يُشترئ بالمال،.لايمكن أن يضحي بنفسه لمن أشتراه،.بل سيكون أول من يبحث عن ثمن أكبر لبيعه،.. وهنا أنموذج جسده (حازب والمطري وعباد والشامي) وغيرهم،. نماذج واضحة.. باتت واضحة للمشهد..التي وقع به صالح، وهو مشهداً مخزي، ومخجل لكل تلك القيادات التي جعلت من نفسها عنواناً واضحاً للإرتزاق والخيانة لمن ظلت تهتف له سنوات طويلة لتعود وتهتف إلى قاتله...

لم يجد صالح غير البسطاء،.وحدهم من أحبوه وأخلصوا له،.وكانو على إستعدادٍ للقتال معه إن وجدوا من ينظمهم،.وهم القواعد البسيطة ممن لم يتلوثون بأموال السلطة ،أو يمنحهم مقابل ولاءهم مناصب...

سيظل مقتل صالح بتلك الطريقة السهلة،. لغزاًمحيراً لكل اليمنيين وغيرهم من العرب..فمن قتل صالح ليس الناتو- أو أمريكا.، وإنما جماعة متمردة،.نشاء بينهم وبينه تحالف ومكنهم، من كل مصادر قوته لينتهي قتيلاً بأيديهم ..

ولا أدري كيف سيدون التاريخ مقتله!!ولاكيف ستنعكس الامور!! فمن عاش وشاهد الأيام الآخيرة لزعيم،ظل الآلاف يمجدونه ويهتفون بإسمه وشخصيات عملت على مدى حكمه،.يوزعون صوره والملصقات التي تشيد بإنجازاته،.هم أنفسهم من مزقت تلك الصور، وشاركت بقتله..أو تغاضت، وتصفه اليوم بالخائن، وتركته يموت محاصراً بين جدران منزله ذليلاً،.يلفه الرعب، وهو يشاهد الموت يقترب منه، دون أي وجود لتلك الجماهير،ولا تلك القوات التي ظلت تستعرض أمامه كل عام،ولاتلك الشخصيات من ذوي الرتب العالية،. جميعها تبخرت،وربما كان هناك من يهاجم منزله،ليضمن مكانة عند الحوثي،.متخلين عن شطحاتهم ووعودهم بالموت قبله دفاعاً عنه ..فمن أشتراهم بثمن..باعوه بنفس الثمن..'