يعيش نحو أربعة ملايين يمني على أرض المملكة العربية السعودية بكل حرية وكرامة, وهي تعد بالنسبة لنا نحن اليمنيين وطنا آخر ومصدر رزق لكثير من المغتربين، واعتمد الاقتصاد اليمني على التحويلات المالية القادمة من المغتربين في المملكة لأسرهم وذويهم بشكل أساسي ومنتظم، ولهذا فالمملكة راسخة في وجدان اليمنيين، لها مساحة حب لا يمكن تخيلها في أعماقهم الطيبة، وظلوا وسيظلون مدينين للمملكة الأرض والإنسان، ومواقفها العروبية الأصيلة في أنصع صفحات التاريخ. ولهذا، فلا غرابة إن قلنا إن المملكة بالنسبة لليمنيين بمثابة الأم الحنون لشعبنا اليمني على مر السنين، بعد أن انقلبت ميليشيات إيران على الدولة ودمرت وفجرت وقتلت واعتقلت كل مواطن يخالفها الرأي ويعارض مشروعها العنصري المقيت، لجأ اليمنيون إلى السعودية التي فتحت لشعبنا منافذها الحدودية وسخرت كل الإمكانيات المتاحة لخدمتهم.
وقفت المملكة إلى جانب الشعب اليمني لتخفيف معاناته وتضميد جراحه، وامتدت جسور جوية وبرية لإغاثة الشعب اليمني عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده أمير الشباب محمد بن سلمان، حتى وصلت مساعداتهم الخيرية إلى صعدة، معقل المتمردين، وتواصلت توجيهات الخير والكرم من ملك الحزم والأمل بإصدار منح هوية زائر، لكل يمني دخل بطريقة غير نظامية ثم يمنح فيما بعد الإقامة النظامية.
وإذا ما تحدثنا عن الموقف الأكبر والسخاء الأعظم فسنتوقف بإكبار وعرفان عند المملكة العربية السعودية، التي كانت الملاذ الآمن لليمنيين والسوريين وجنسيات عربية كثيرة.
أعلنت السعودية يوم 25 مارس 2015 انطلاق عاصفة الحزم دعما للشرعية اليمنية في لحظات كانت مفصلية وحاسمة، لو تأخرت ساعات فقط لكان اليمن اليوم دولة فارسية وصنعاء وعدن وكافة مدن اليمن تردد الصرخة الخمينية، ولكانت إيران تسيطر اليوم على أهم مضيق مائي لتهدد من خلاله أمن الوطن العربي والإقليمي والدولي.
تدخلت المملكة بنفوذها ودبلوماسيتها الواسعة والمؤثرة، وقوتها العسكرية العملاقة من أجل اليمن ووحدته وشرعيته ومصالح شعبه، ولبَّت دعوة الأخ لأخيه وأوقفت في اللحظة المناسبة ذهابه لسلطات ملالي طهران الكهنوتية، بموقف عروبي نابع من احترامها والتزامها المبدئي بحسن الجوار والعلاقات الأخوية.
وعندما نتطرق لمساعدات الأشقاء في المملكة العربية السعودية لليمن وشعبه فإن المقام لا يتسع لذكر ولو جزء يسير من مواقف المملكة الخيّرة حكومة وشعبا تجاه شعبنا. فالمملكة أنقذت الاقتصاد اليمني في عام 2012 بوديعة مليار دولار، وقدمت أكثر من مليون ونصف المليون برميل نفط كامتداد لدعم المملكة لليمن على مر التاريخ.
كما لَم تتردد لحظة للاستجابة لنداء الرئيس عبدربه منصور، ودولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار واليمنيين من جوع محتوم، حتى جاء قرار سلمان الخير والكرم وولي عهده الأمين بإيداع مبلغ 2 مليار دولار في خزينة البنك المركزي اليمني، وتوفير المشتقات النفطية لجميع مولدات الكهرباء في جميع المحافظات المحررة، وأرسل سفير خادم الحرمين الشريفين محمد سعيد الجابر إلى العاصمة المؤقتة عدن، وهو آخر السفراء الذين غادروها قبيل دخول الميليشيات إليها، ثم أول سفير يأتي إليها بعد تحريرها، ولذلك سيطلق عليه سفير المحبة والسلام لعدن وأهلها واليمن بكل أراضيها، وأكد من عدن على دعم المملكة لكل الموانئ والمطارات، وأعلن عن مشاريع كبيرة يتم تنفيذها حاليا في الطرقات والصحة والإغاثة وغيرها.
هذه هي مواقف المملكة، عطاء بلا حدود وكرم الأخ الشقيق لشقيقه دون منة، وهي المواقف التي يحتفظ بها اليمنيون لأشقائهم في المملكة ويعبرون عن شكرهم لها، مهما حاول الحاقدون وناكرو المعروف التقليل منها، فالمشروع الذي يقاتل اليمنيون من أجله ودفعوا بتضحيات كبيرة من خيرة أبنائهم اليوم يهدف لتأسيس دولة العدالة والقانون.
السعودية اليوم وهي تشق طريقها بعنفوان نحو نهضة اقتصادية وتقود العالم الإسلامي إلى فضاء رحب، تسوده قيم المحبة والتسامح والحريّة ورفض العنصرية والإرهاب والعبودية، وسخرت لهذا جهودها وقرارها السياسي والعسكري لتخليص الشعوب العربية من استعمار ملالي إيران واحتلال عواصمهم، وهي اليوم تقترب في اليمن ومعها الشعب الذي نصرته وآوته من نصر مؤزر سيكتبه التاريخ في أنصع صفحاته، وستتذكره الأجيال القادمة في الصفحات المشرفة، فحق للعرب والمسلمين اليوم التفاخر بقائد لا يؤمن ببيانات الشجب والخطابات الزائفة التي عهدتها الشعوب العربية، فالملك سلمان وولي عهده يتخذان القرار الذي يصب لخدمة المصالح العربية والإسلامية، بالتشاور والمشورة ويتبنيان تنفيذه قولا وفعلا.
حفظ الله المملكة ملكا وولي عهد وحكومة وشعبا، وحفظ الله اليمن وأهله، وجعل بلدينا جارين متحابين متعاونين، على كل قيم الخير ومصالح الشعبين الشقيقين.
السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء