تحل الذكرى السنوية الـ 33 للعيد الوطني للجمهورية اليمنية 22 مايو، مجددا على اليمن واليمنيين، في ظل أوضاع وظروف غاية في الصعوبة، بسبب انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا على الشرعية الدستورية، واستمرار حربها على البلاد والعباد، منذ نحو 9 سنوات، مخلفة وراءها آثار كارثية قد تمتد لعقود من الزمن.
وتحتم تلك الأوضاع والظروف العصيبة التي تعصف بالوطن، تعزيز المواقف العربية والدولية الداعمة لليمن واليمنيين من خلال مساندة جهود الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم مجلس القيادة الرئاسي، ووقف الجرائم والممارسات الحوثية الفظيعة، ومواصلة الجهود المبذولة والداعمة الهادفة للحد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمات الأساسية، وكذا مواصلة تقديم الدعم الإنساني والتنموي.
وسياسيا، فان اليمن بحاجة للدعم الإقليمي والدولي عبر مبادرات تنعش عملية السلام، وتقود لاستئناف العملية السياسية بموجب مرجعيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخصوصا القرار 2216، وكذا وضع حد لخطورة تواصل التهديدات الحوثية لدول الجوار والأمن والسلم الدوليين.
واللافت أن مخاطر وآثار انقلاب وحرب الحوثيين على اليمن واليمنيين، تضاعفت من خلال استخدام أدوات إيران المليشيات الحوثية للطائرات الإيرانية المسيّرة، والألغام البحرية والقوارب المفخخة، والإمعان في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، فضلا عن حشد المليشيات الحوثية أكثر من مليون طفل إلى معسكرات تعبوية متطرفة، وهو ما يعد قنبلة موقوتة تنذر بتدمير النسيج الاجتماعي والتعايش بين أبناء الوطن.
كما تتعامل القيادة السياسية والحكومة بإيجابية مع كل مساعي ومبادرات الأشقاء والأصدقاء، من أجل إيجاد حلول سلمية للأزمة اليمنية والخروج بالوطن إلى بر الأمان، وتجسد ذلك في الالتزام من طرف واحد في تثبيت واستمرار الهدنة الأممية، وتفويت الفرصة على أعداء السلام المليشيا الحوثية التي دأبت على إهدار فرص الحل السياسي، وانتهاج ثقافة العنف والتصعيد العسكري، دون الاكتراث لمعاناة المواطنين اليمنيين.
وهنا يجب الإشارة إلى أن اصطفاف أبناء وأحرار الوطن الشرفاء شمالا وجنوبا في سبيل التصدي لانقلاب وحرب الحوثيين، يجسد مدى عظمة قيم الوحدة والمصير المشترك في تعزيز قوة أبناء الوطن الواحد الذين تجمعهم ديانة ولغة وثقافة وهوية واحدة وتاريخ وروابط اجتماعية مشتركة، بمواجهة التحديات بمختلف المراحل والمنعطفات، دفاعا عن الدين الحنيف والأرض الحرة والهوية العروبية الخالصة، كما يجب أيضا التذكير بأن وحدة الوطن والإنسان في الـ 22 من مايو 1990م بريئة من الأخطاء والسلبيات التي أفرزت الوضع المعقد الذي يعيشه وطننا الحبيب في المرحلة الراهنة وما سبقها بعدة سنوات، وأن الأسباب الحقيقية التي قادت إلى المأزق والأزمة هي ممارسات الأنظمة السياسية التي تولت قيادة سدة الحكم في البلاد آنذاك.
ولعل ما يجدد التأكيد على عظمة منجز وحدة الوطن، هو تجسيده للأهداف والمبادئ السامية لواحدية الثورة اليمنية المباركة المتمثلة بثورة الـ 26 من سبتمبر عام 1962م الخالدة التي طوت إلى غير رجعة حقبة قاتمة السواد بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سادها الظلام والعبودية والتخلف الذي كان يقوم عليه أساس حكم الإمامة الكهنوتي البغيض في شمال الوطن، وثورة الـ 14 من أكتوبر عام 1963م المجيدة التي فجّرها الثوار الأحرار من أعالي قمم جبال ردفان الشمّاء، ومهدت الطريق صوب تحقيق الاستقلال الوطني الناجز في الـ 30 من نوفمبر عام 1967م، من الاستعمار البريطاني الذي ظل جاثماً على صدر جنوب الوطن طيلة 129 عاما.
وبالتالي فان مشروع وحدة الوطن والمصير المشترك ذلك المنجز الوطني الفريد في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، يعد هدفا عظيما ونبيلا حققه أبناء الشعب اليمني والقوى الوطنية الحرة عبر مسيرة نضال وتضحيات طويلة من أجل أن يرى مشروع الوحدة النور وتحافظ عليه الأجيال المتعاقبة، وليكون منصة رئيسية للانطلاق والسير بخطى ثابتة صوب مرحلة جديدة تقوم على أسس متينة لإحداث التحولات الجذرية وتحقيق التقدم المجتمعي والتنمية الشاملة والإنجازات الوطنية المختلفة والوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان.
بالمقابل لا أحد ينكر ما رافق الوحدة من وجود مظالم وسياسة إقصاء وتهميش، تراكمت لسنوات وأدت لإثخان الوطن والمواطنين بالجراح وأفرزت آثار سياسية قادت مجتمعة إلى بروز القضية الجنوبية كقضية سياسية عادلة بامتياز إلى سطح الساحة الوطنية والمشهد اليمني ووصل صداها إلى الخارج، ولكن هذا لا ينبغي إتاحة المجال لاستغلاله في إحياء دعوات الفرقة والتشرذم والتشظي، بل يجب الوقوف بجدية أمام تلك المظالم وسياسات الإقصاء والتهميش، والعمل على تصحيح المسار من خلال وضع المعالجات الحقيقية والفاعلة لرأب الصدع الذي أصاب بنيان الوطن الواحد وتفويت الفرصة على المتربصين بوحدة الوطن، وتعزيز الصف الوطني لمواصلة مواجهة العدو المشترك لليمن واليمنيين ودول الجوار ممثلا بميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، والقضاء على الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة بدعم وإسناد كبيرين من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية.
وبهذا الصدد، أصدر فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة، مؤخرا، قرارا باعتماد قرارات لجنة معالجة قضايا الموظفين المبعدين عن وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري بالمحافظات الجنوبية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم (2) لسنة 2013م، والتي شملت ترقيات وتسويات ومنح إستراتيجية الأجور لعدد 52 ألفا و 766 من الموظفين المدنيين والأمنيين والعسكريين المبعدين عن وظائفهم في المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 1994م.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً