تقرير: إيهاب الشرفي
عدن المدينة الباسمة والقلعة التاريخية والعاصمة الإقتصادية السياسية لليمن، مدينة الحب والسلام، وقبلة اليمنيين وملاذهم الآمن من بطش وتنكيل مليشيات الموت والدمار الحوثية، وأيقونة السياحة والإقتصاد اليمني، أقدم مدينة وعاصمة في الشرق الأوسط، التي وصفت في كتب التاريخ بالمدينة الخلاسية ومدينة صابرين مثنى بلاد السعيدة، مدينة الحب والسلام والتعايش التي يجاهد أبناؤها لإستعادة المجد الغابر لهذه المدينة العريقة والتاريخية.
عدن التي أحتضنت الجميع وأمتزجت في شوارعها وأحيائها الأطياف السياسية والإجتماعية والثقافية اليمنية من مختلف محافظات الجمهورية، المدينة التي سَطر في سِحرها الشعراء قصائدهم، وتغنى في جمالها الفنانون وعزفوا العزافون على شواطئها موسيقى وجودية بكل الوتريات تردد صداها في جنبات الكون، وخلد تاريخها المؤرخون على جدار الصمت، هناك في صهاريج عدن المترابطة على شكل سلسلة تختصر التاريخ، وعلى قلعة صيرة ومنارة عدن نَقشت الحضارات وجودها الكوني ، وجمعت في متحفها الحربي أكثر من خمسة آلاف تحفة أثرية، عدن التي اقترنت بسدود هضبة شمسان، ومسجد أبان وبيغ بن عدن، وخرطوم الفيل وغير ذالك من معالم المدينة وتاريخها وعمق حضارتها الضاربة في جذور التاريخ.
حملة نظافة
ولأن المدنية والتحضر عنوان عدن الأبرز، وفي سبيل أن تبقى عدن المدينة الساحرة والفاتنة، دشن مكتب النظافة والتحسين بالمحافظة، حملة نظافة واسعة النطاق، تحت شعار (من أجل عدن ـ كلنا عمال نظافة)، بدعم وتمويل من مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع و بتفاعل إيجابي من الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ومشاركة فاعلة شعبية وجماهيرية، بهدف معالجة تراكم القمامة ومخلفات الحرب، والقضاء على مشكلة النظافة الشائكة التي أصبحت معضلة تؤرق المواطنين وتُنذر بتفاقم الوضع البيئي في عروس البحر العربي الباسمة عدن.
استعادة وجه المدينة المشرق
وبحسب تصريحات إعلامية ، فقد أشاد نائب رئيس الوزراء بالحملة التي قال أنها ستعيد للعاصمة المؤقتة عدن وجهها المشرق والجميل الذي عُرفت به عبر التاريخ ، داعيا جميع فئات المجتمع إلى المشاركة الفاعلة في هذه الحملة ، مشددا على ضرورة الإستدامة في حملة التوعية لتبقى عدن نظيفة وجميلة ؛ تزامن ذالك مع إرتياح واسع لدى الشارع العدني بشكل خاص والشارع اليمني بشكل عام من الإهتمام الحكومي وحرصها على نظافة عدن ، والجهود التي تبذلها الحكومة اليمينية في شتى المجالات بالعاصمة المؤقتة عدن ، الأمر الذي أنعكس صداه على مواقع التواصل الإجتماعي .
تجميل المدينة
حيث شهدت وتشهد مديريات العاصمة المؤقتة عدن، حملة نظافة مكثفة لرفع التراكمات ومخلفات الحرب وتكدس القمامة في خطوط سير المركبات وعربات المواطنين وطرقات المدينة، وكذا الأحياء والشوارع والأسواق والتجمعات السكانية، بالتزامن مع أعمال النظافة اليومية التي يقوم بها عمال النظافة في جميع شوارع وأحياء عدن ، بُغية رسم لوحة سيريالية جميلة والشمس تعانق جبالها حين الشروق وعند الغروب، لتبقى نظيفة كما أوجدتها الأقدار مدينة للنور ونموذج للتعايش الإنساني والديني يُعانق في صباحها نسيم البحار مساجدها الإسلامية ومعبدها الأزرادشتي الفارسي، ولحمرة الشفق في المساء بسمة أخرى على جدران كنائسها المسيحية التي صارعت التاريخ فصرعته، ورمالها الذهبية التي تحتضن في طياتها المقابر اليهودية والشواهد الأثرية للبرتغال والإنجليز والأحبوش و الهنود والرومان وممالك الأزمان المتعاقبة منذ أن أوجد الله البشرية على الأرض.
رفع التراكمات
وفي هذا الصدد أوضح المدير العام التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين بالعاصمة المؤقتة عدن ، المهندس "قايد راشد أنعم" في تصريحات صحفية سابقة، أن حملات النظافه التي تنفذ حاليا في عدن، هدفها رفع التراكم في خطوط سير الآليات والمركبات، ونظافة الشوارع و الأحياء ، وتحقيق عملية نظافة شاملة ومستدامة تليق بمكانة عدن التاريخية والاستراتيجية ، داعيا الجميع للمشاركة الفاعلة في تحقيق أهداف الحملة.
كلنا عمال نظافة
من أجل عدن كلنا عمال نظافة، حملة واسعة دشنتها السلطة المحلية، بدعم من مكتب الأمم المتحدة للمشاريع، تهدف إلى إستعادة الوجه المشرق للعاصمة عدن ، من خلال إزالة آثار وركام الحرب والمخلفات التي تراكمت نتيجة شحة الإمكانيات لدى السلطات المحلية بالمحافظة، الحملة التي حظيت بتأييد ودعم شعبي كبير، عكسه حجم التفاعل الجماهيري على الأرض، ترافقهم دندنات وأهازيج تُخاطب المدينة (تزرعين ورد وتين من غير ماء ولا طين)، ونغمات موسيقى الفنان الكبير أحمد قاسم حين يتغنى "بساحل أبين" وبلفقيه "دي جنة الدنيا حواها كل فن"، الأمر ذاته لقي تفاعل واسع على مواقع التواصل الإجتماعي يعكس مدى حب الناس وشغفهم بمدينة النور و أرض الإستقرار والسياحة والجمال.
نظافة شاملة
بدوره محافظ عدن "أحمد سالم ربيع" في تصريحات صحفية سابقة، ثمن الدور الفاعل الذي بذله فريق حملة التوعية على مدى شهر من خلال النزول لكافة المديريات والمدارس والأسواق، وأشاد بالمتطوعين وعمال النظافة باستمرار الحملة في كل شوارع عدن ، وحثهم على بذل مزيد من الجهود لرفع المخلفات، داعيا كافة المواطنين للحفاظ على نظافة المدينة وعدم رمي المخلفات في الأماكن العامة، موضحا أنه تم توفير كمية من صناديق القمامة سيتم توزيعها على المديريات، مؤكدا أن عام 2019 عام نظافة شاملة ومستدامة لمدينة عدن.
قشع غبار التخلف
نعم عدن تقشع غبار التخلف وترسل في مراسيلها قصائد تسطرها على شهب المدى ، لاصخب فيها ولاضجيج سوى همس و أهازيج على وقع مظاهرة شعبية تتلاقى فيها سواعد الرجال والشباب والفتيات والنساء هدفهم الجمعي نظافة شوارع وأحياء مدينتهم، وإزالة أكوام القمامة والركام عنها لترتقي عدن، وتضمد جراح الماضي القريب، رسالتهم نحن هنا وقادرون، لتظل عدن شامخة نظيفة بأهلها و ساكنيها نموذج لتعايش الثقافات (شرقية عربية وهندية وآسيوية، وغربية إنجليزية فرنسية برتغالية)، و قبلة لمبدعي العالم سياسيون ومؤرخون بحارة ورحالة وفنانون ومثقفون وشعراء ومصورون وسياسيون ومؤرخون، ومقبرة للعنصرية وترهات السياسة المعاصرة.
اراء الشارع
وفي هذا السياق يقول "ماهر شيباني" نظافة الشارع نظافة الملبس نظافة المسكن نظافة الأفكار نظافة المعتقدات نظافة الكلمات نظافة العقول نظافة القيم والأخلاق والمبادئ لأجلك يا عدن كلنا عمال نظافة؛ أما "صابر العمدة" فقد عبر عن إحترامه لعمال النظافة، بالقول هؤلاء هم أنقى وأطهر هذه الأرض، هم من يستحق أن ترفع لهم القبعة والتبجيل والتقديس؛ الأمر ذاته عبر عنه محمد سعيد سالم، لكنه أضاف قائلا كان لابد من إنتفاضة شعبية لمحو أثار القمامة من شوارع عدن ، مثمنا الدور البارز الذي تلعبه الحكومة اليمنية تجاه مدينة الأحلام والشواطئ الذهبية ، مؤكدا في ذات الوقت أن الجميع عمال نظافة من أجل عدن .
عدن بحلة جديدة
تداعى الجميع للحفاظ على نظافة مدينة عدن، بالمكنسة والمعول والمجرفة والآلات والعربات والعربيات، مواطنين ووافدين وعمال وصيادين ومسؤولين ، ليكتب التاريخ مجددا، أن عدن أكتست في عام 2019م حلة جديدة، وأستبدلت رائحة المخلفات والقمامة برائحة البخور العدني، وأعلنت عن فتح أبوابها القديمة مجددا للتحضر والرقي والتمدن، بالتزامن مع الإستقرار الكبير على الصعيدين الأمني والخدماتي وكذا الإقتصادي، بفضل دعم التحالف العربي المتواصل لتطبيع الحياة وجهود تثبيت الأمن، الأمر الذي ساهم في إنتعاش الحياة مجددا ودفع الحكومة إلى الإستقرار فيها وممارسة مهامها بكل طاقمها.
اشادة أممية
وقد أشادت سفيرة الإتحاد الأوروبي لدى اليمن "أنتونيا كالفو"، بالتحسن الملحوظ الذي تشهده عدن في الجانبين الأمني والخدماتي، وذلك أثناء لقاء جمعها مع رئيس الوزراء اليمني الدكتور "معين عبد الملك" حيث أسهم الإستقرار الأمني في عودة المنظمات الدولية وفتح مكاتب لها في العاصمة عدن ، كما انعكس على الجانب الاقتصادي بإنتعاش الميناء وعودة الرحلات إلى مطار المحافظة الدولي ، الأمر الذي ألقى بظلاله على حياة المواطنين بشكل إيجابي ، لا سيما في ظل إستقبال عدن لآلاف النازحين من مختلف المحافظات اليمنية.
هكذا هي عدن إن قررت، وهكذا هي عدن إن أبتسمت، قرر الجميع فيها أن تكون العاصمة المؤقتة لليمن، نظيفة خالية من الأوبئة والأمراض، في بداية عام جديد تفتح المدينة وأهلها للخير والرخاء والإزدهار أبواب وتغلق أخرى للضيم والتخلف والأوساخ، لتعيش عدن مجدها الحاضر والتليد معا، في أيقونة فنية اختصرت سنوات العناء في لوحة إستعراضية مهيبة عنوانها من أجل عدن كلنا عمال نظافة، وفي تفاصيلها غبار ينصهر في الماضي وذباب يقضي نحبه في مكنسة أهلها المتحضرون.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً