تعيش مديرية العدين بمحافظة إب, وضعاً يرثى له من جميع الجوانب، فأوضاعها غير مستقرة أمنياً وخدمياً واقتصادياً وحياتياً، في ظل غياب كامل شامل لسلطات الدولة التي اختفت من المنطقة وذابت كذوبان السكر بين الماء، وتركت الحبل على الغارب للمليشيات المسلحة الحوثية لتعبث بهذه المديرية وتتحكم فيها كيفما تشاء.
قضاء العدين يضم مديريات العدين والفرع والحزم ومذيخرة وقد أصبح كله تحت قبضة الحوثيين مثله مثل بقية مناطق ومحافظات الوطن التي تساقطت كتساقط أوراق التوت واحدة تلو الأخرى وعلى طبق من ذهب بيد الحوثيين, خدمات غائبة وأوضاع صعبة تعيشها مدينة العدين التي أضحت بين نارين، نار المليشيات المسلحة ونار تردي الخدمات العامة وغيابها.. إلى التفاصيل:
مدينة منكوبة
أول ما تصل إلى مدينة العدين يثير انتباهك الانتشار الكثيف للمليشيات المسلحة الحوثية والتي- وبحسب أهالي المدينة- فإنها حولت مدينتهم من مدينة هادئة, ساكنة, آمنة, مستقرة إلى مدينة خائفة ومنكوبة..
وصلنا إلى العدين فوجدنا المحلات التجارية مغلقة والحركة معطلة والخوف يخيم على المدينة، الحضور الأكبر في المدينة هو مخلفات القمامة ومسلحو الحوثي فالتنافس بينهما على أشده، وكما رأينا بأعيننا فكلاهما يبسط سيطرته على مدينة العدين..
تكدس القمامة
تتكدس القمامة- وبشكل مخيف- داخل شارع مدينة العدين الرئيسي وداخل الشوارع الفرعية وكذلك تتكدس تحت عبارات السيول وأيضاً تتكدس بجوار المنازل والمحلات التجارية، تكدس القمامة وبهذا الكم الهائل والكبير ينذر بوقوع كارثة بيئية تحصد أرواح الناس وتتسبب بحدوث أمراض خطيرة لا تحمد عقباها..
يقول الأهالي إن السلطة المحلية بالمديرية هي المسؤولة عن أي دور لصندوق النظافة والتحسين في رفع مخلفات القمامة، وأكد الأهالي أن المجلس المحلي بالمديرية فشل فشلاً ذريعاً حتى في إيجاد مقلب خاص للقمامة.. وقال الأهالي إن هناك أماكن عدة وجدت وخصصت كمقلب للقمامة بالمدينة، إلا أنه وبحسب قولهم تتدخل الأيادي المتنفذة والمتسلطة بالمديرية على عرقلة ذلك وقالوا لا نعلم ما هي مصالحهم من بقاء القمامة متكدسة بشوارع المدينة؟!
وطالب أهالي العدين من حكومة خالد بحاح بالتدخل السريع لإنقاذ مدينتهم من الأوبئة جراء الانتشار الكثيف للقمامة فيها.. هذا وقد لاحظنا تحول مدينة العدين إلى مقلب للقمامة وقد ذهبنا إلى مقر المجلس المحلي بالمدينة لمعرفة موقفهم من هذه الكارثة البيئية فلم نجد أي مسؤول حكومي أو محلي ومن وجدناهم هناك هم مسلحو الحوثي الذين يبسطون سيطرتهم على المدينة.
مقترح
تقدم أحد أبناء العدين بمقترح وطلب مني نشر مقترحه وطرحه على طاولة أبو محمد الطاووس المحافظ الحوثي لإب وهو أن يلزم الطاووس مسلحي لجانه الحوثية بتنظيف شوارع مدينة العدين ورفع القمامة منها، وقال صاحب المقترح- الذي رفض ذكر اسمه خوفاً من بطش مسلحين الحوثي- "بما أن الحوثيين حلوا محل الدولة فقد أصبح واجباً عليهم رفع القمامة من مدينتنا".
قلة المبيعات
في أسفل مدينة العدين وجدنا دكانا وحيدا فاتحا فسألنا صاحبه عن الأوضاع داخل المدينة فقال "الأوضاع لدينا متدهورة أمنياً واقتصادياً وخدمياً، فالحركة لم تعد كما كانت سابقاً المواطنون خائفون على أرواحهم، ولا يأتوا إلى المدينة مما أدى إلى قلة المبيعات وإغلاق عدد كبير من المحلات التجارية بسبب انهيار الوضع الأمني وسيطرة الحوثيين على المدينة"..
سيطرة الوجهات
مشروع المياه الوحيد الموجود في المدينة يشكو المواطنون من سيطرة الوجاهات عليه وتحكمهم به، وقال المواطنون إن هذه الوجهات المتنفذة هي من تدير المشروع حسب المزاج وهي من تتاجر به، حيث يشكو المواطنون من غلاء سعر وحدة الماء والتي قالوا إنها تصل إلى 450ريال وطالب أهالي مدينة العدين من الدولة بأن تجعلهم ينعمون بحقوق متساوية وأن توفر لهم جميع الخدمات وأن تعمل على تحرير مشروع مياه مدينتهم من تحت سيطرة الوجهات المتنفذة وطالبوا بربط شبكة مشروع مياه مدينة العدين مع مشروع مياه مرتفعات مدينة إب.
نقطة مهمة
الأهالي وفي أكثر المديريات يشكون من سيطرة الفرد والوجاهات على مشاريع المياه التي توجد لديهم مما يؤدي إلى تعطيل وإغلاق بعضها, وخضوع البعض الآخر لسيطرة المتنفذين وتحويلهم لها إلى منشأة خاصة بهم ومن هنا يبرز السؤال لماذا تترك الدولة مشاريع المياه القليلة التي توجد في المديريات لتحكم الوجهات المتنفذة؟ ولماذا لا تتولى هي إدارة هذه المشاريع بنفسها؟!
مديرية العدين تتكون من 22 عزلة ويقدر عدد سكانها بمائة وعشرين ألف نسمة يمثلها بمجلس النواب الشيخ نبيل صادق باشا وفي محلي المحافظة شقيقة الشيخ جبران صادق باشا, وتشتهر العدين بالجبن البلدي والعسل البلدي, وترتبط العدين بحدود إدارية مع محافظات الحديدة وتعز وذمار ويمر منها الخط الدولي الرابط بين إب والحديدة والسعودية ويعمل غالبية أبناء العدين كمغتربين وتجار في الجارة الشقيقة المملكة العربية السعودية.
وضع إنساني صعب
الوضع الإنساني في مدينة العدين صعب للغاية فالمدينة أضحت منكوبة وتحولت إلى ثكنة عسكرية خاصة بالمليشيات الحوثية المسلحة, وجراء ذلك فقد نزح الكثير من ساكني العدين إلى خارجها وتعيش الكثير من الأسر الساكنة بالعدين في خوف وقلق دائم بعد أن غادرها الأمان والاستقرار منذ دخول الحوثيون إليها.
بين مملكتين
يقول محمد علي محمد المزحاني- من أبناء العدين- لقد تحولت العدين من مملكة خاصة بالشيخ صادق باشا وأولاده إلى مملكة خاصة بالحوثي ومليشياته المسلحة, وقال محمد لا فرق بين الشيخ والحوثي وكلاهما يمارسان نفس الأدوات الاستبدادية والتسلطية على المنقطة وأبنائها, وأضاف محمد مطالباً من الدولة بسط نفوذها على كل أرجاء الوطن وتخليصه من حكم الجماعات المسلحة والوجهات المتنفذ.
وحول ما تعانيه مديريتهم من تردي الخدمات وغياب المشاريع والبنى التحتية قال محمد المزحاني: على الرغم من أن موارد مديرتنا التي يقوم بتحصيلها المجلس المحلي للمديرية هائلة جداً كون مديريتنا منطقة تجارية وبها سوق يومي إلا أنه للأسف الشديد والمديرية لم تحظ بالاهتمام اللازم من قبل الدولة, وقال محمد إن الفساد هو السبب الرئيسي في ما تعانيه العدين من تردي الخدمات وغياب المشاريع وحمل المجلس المحلي مسؤولية ذلك.
وقال إن المجلس المحلي بالمديرية لا يوجد له أي دور فعال في خدمة المنطقة وأكد على ضرورة تفعيل أداء محلي المديرية ومحاسبة كل المتسببين في تردي الخدمات بالمدينة.
محمية عنّه
وادي عنه بالعدين يعتبر من أجمل المناطق السياحية الجذابة في بلادنا, فالوادي جميل جداً وبه مناظر تسر القلوب العليلة, كان هذا الوادي سابقاً وقبل مدة تقصده العديد من الأسر الزائرة له من داخل المحافظة ومن خارجها للترويح والتنفيس عن أنفسهم ولكنه- وبحسب الأهالي- فقد أصبح هذا الوادي مأوى العصابات والإجرام وقطاع الطرق وأصحاب السوابق الذين حولوه إلى وكرهم.
الوادي يمتاز بمائه الذي لا ينقطع طوال العام وبأشجاره الكثيفة, وبطيوره النادرة التي لا مثيل لها إلا في محميات استراليا وأمريكا الجنوبية وجنوب أفريقيا. ووفقاً لشكاوى الأهالي فإن الوادي بدأ يتعرض للتعرية جراء قيام بعض المواطنين بقطع الأشجار وقتل الطيور واستنزاف مياه الوادي في سقي وري شجرة القات.
ويأمل أبناء المنطقة من الدولة ووزارة السياحة بالعمل الجاد على الحفاظ على منطقة عنّه و ما تبقى فيها قبل أن تتحول إلى صحراء, وقالوا إن الحل الوحيد للحافظ على عنّه هو أن تقوم الدولة بإعلانها محمية طبيعية على غرار محمية عتمة بذمار ومحمية برع بالحديدة, وقالوا لقد حانت الفرصة الآن لكي تقوم الدولة بالضرب بيد من حديد على كل الأيادي التي تعبث بهذه المنطقة السياحية والمهملة.
نقطة حوثية.
غادرنا العدين على متن سيارة هيلوكس أجرة, وكان صاحبها فاتحاً لأغنية الفنان الكبير المرحوم/ محمد مرشد ناجي الأخضري من العدين بكر لابس الزنه والمشقري أخضر, ما أن وصلن إلى نقطة حوثية فإذا بأفرادها يطلبون من صاحب السيارة إغلاق المسجلة وعدم سماع الأغاني كونها حد قولهم حرام, وطلبوا منه الاستماع إلى أناشيدهم الثورية, فقال لهم أحد الركاب كيف سماع الأغاني حرام وقتل الأطفال والنساء وتشريد المواطنين وتفجير المساجد والمنازل مش حرام؟ فردوا عليه غاضبين ما قلت؟ فقال لهم لا لا ولا حاجة, وبعدها سمحوا لنا بالمغادرة.
المصدر:أخبار اليوم
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً