مالم يتوقعه الكثيرون هو أن تحرير مديريتي بيحان وعسيلان في محافظة شبوه، شكل ضربة قوية لتجارة المخدرات التي تديرها شبكات ايرانية وباكستانية من شواطئ اليمن على المحيط الى قلب المملكة العربية السعودية، غير أن “طريق المخدرات” يبدأ من هناك شرقا، ليخلط الصراع السياسي بالديني بالاطماع التجارية، قريبا من الخرقة البيضاء الملونة بالاخضر والاحمر التي تسمى “شعارات الصرخة” التي بدأت خمينية في مساجد ايران ثم انتقلت الى اليمن لتشعل الحرب ضد كل الاطراف في اليمن والخليج.
سقوط بيحان وعسيلان، نقل اغلب عمليات التهريب الى الخطوط الصحراوية في صحراء الربع الخالي مرورا من مارب والجوف قبل الوصول الی المعقل الاساسي للحوثين في صعدة الامر غير أن كثير من عملياتهم تنتهي بيد رجال الامن والجيش التابع للشرعية.
ضبط أطنان من المخدرات
وتصدرت محافظة مارب المحافظات الاكثر ضبطا خلال الاشهر الاخيرة وبكميات تتجاوز ثلاثة اطنان منها طنان و63 كجم من الحشيش المخدر اتلفتها النيابة الجزائية المتخصصة في المحافظة خلال الاسبوع الجاري ضمن مضبوطات الاشهر الاخيرة شملت أسلحة وذخائر وطائرات مسيرة، كانت جميعها في طريقها الى “دولة” الحوثي.
وفي الجوف تمكنت الاجهزة الامنية خلال ثلاثة أشهر فقط من العام الجاري من احباط أربع عمليات تهريب وضبطت خلالها كمية كبيرة تصل الی 2250 كجم من مادة الحشيش المخدر.
وبالتوازي مع ذلك وفي الجهة الأخرى من اليمن غربا، ضبطت النقاط الامنية في مديريتي ميدي وحيران بمحافظة حجة مئات الكيلوهات من المخدرات كانت أغلبها تتبع قيادات حوثية حسب اعترافات المهربين المضبوطين.
تجار المخدرات حوثيون
اللافت ان الناشطين في عمليات الترويج والتجارة الداخلية لهذه الافة الخطيرة والذين يتم ضبطهم في المناطق الوسطی او المحافظات الجنوبية هم من ابناء محافظات شمال الشمال صعدة وحجة ومن المرتبطين بميليشيا الحوثي.
وفي هذا الشان ضبط امن عدن في نقطة العلم خلال اكتوبر الماضي 99 كيلوجراما من مادة الحشيش المخدر، كانت في سيارة يقودها تاجر مخدرات من ابناء محافظة حجة والذي اعترف بانه اصطحب عائلته وأطفاله أثناء نقله المخدرات سعيا لتسهيل مروره من قبل النقاط الأمنية في المحافظات الجنوبية.
وفي شهر مايو الماضي قبض علی عصابة حوثية مختصة بتهريب المخدرات تتكون من خمسة اشخاص ا اثناء محاولتهم التسلل من خط الحدود اليمنية السعودية في منطقة الصوح، بكتاف قبالة إمارة نجران ومعهم أكثر من 200 كيلو جرام من الحشيش كانوا يسعون الی تهريبها الی داخل السعودية.
شباب السعودية والخليج هدفا
اغلب الكميات تصل من ايران الی السعودية ودول الخليج، وهي حكاية ازلية للدور الذي تلعبه الصراعات العرقية وثقافة الرفاهية بين المجتمعات الفارسية والعربية واوسط اسيا بشكل عام.
(حزب الله) مصدرا للمخدرات
وبينما كانت القيادات الامنية تعتبر إيران المصدر الوحيد للمخدرات التي تهرب الی الحوثيين، ضبطت الأجهزة الأمنية في 30 يوليو الماضي، شحنة جديدة من مادة الحشيش المخدر، تقدر بـ44 كيلو جرام في نقطة امنية على الطريق الرابط بين صنعاء ومأرب، ووجدت علی اكياس وعبوات تلك المخدرات ختم يحمل اسم (مجلس الشباب في بيروت).
التحالف يراقب
المتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، العقيد تركي المالكي، اكد بدوره أن “المليشيات الحوثية تتاجر بالمخدرات لتمويل عملياتها الإرهابية".
وقال إن "المخدرات تستهدف الشباب للسيطرة على عقولهم حيث يتم تهريبها إلى مناطق سيطرة الحوثيين بالتعاون مع جهات خارجية مثل إيران و حزب الله "الإرهابي" في لبنان".
سواحل المهرة ثغرات للتهريب
محافظ المهرة راجح سعيد باكريت اشار الاسبوع الماضي الى وجود عصابات تهريب الأسلحة والمخدرات عبر سواحل المحافظة الی ميليشيات الانقلاب الحوثية، وقال ان تلك العصابات والعناصر الخارجة عن القانون مدعومين من الإنقلابيين الحوثيين ودول إقليمية (لم يسمها) تركز علی تسهيل عمليات التهريب من البحر وعبر سواحل المحافظة.
صعدة.. والمافيا الدولية
مصادر امنية يمنية نبه أن “صعده” هي أنشط المحافظات اليمنية علاقة بشبكات التهريي الدولية، مذكرا بأن عالم التهريب الدولي فيه قيادات بارزة من اليمن اغلبها من محافظة صعده، وفي مقدمتهم تاجر السلاح الدولي فارس مناع والقيادي الحوثي دغسان أحمد دغسان، والقيادي الحوثي صالح عجلان.
ايران تستعين بتجار المخدرات في كولومبيا
في ذات الاطار كشف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، في دراسة بحثيه اعدها استنادا لمعلومات من عناصر استخباراتية أمريكية، عن طريقة جديدة تتبعها إيران لتهريب الأسلحة والمدربين والمخدرات إلى مليشيات الحوثي في اليمن، عبر تعاونها مؤخرا مع تجار المخدرات في كولومبيا.
ووفقا للدراسة التي اعدها برنامج الشؤون الأمنية والعسكرية بالمعهد - مقره واشنطن - فأن مليشيا الحرس الثوري الإيراني تعاونت مع تجار المخدرات في كولومبيا لإنتاج غواصات صغيرة ومراكب غاطسة لتهريب الأسلحة ومكونات الصواريخ والمخدرات إلى الحوثيين.
ورصد المعهد الأمريكي تعاونا غير تقليدي بين عناصر من فيلق القدس التابع للحرس، ويقوده الإرهابي قاسم سليماني، وبين كبار تجار المخدرات في كولومبيا بأمريكا اللاتينية في استخدام كارتيلات المخدرات أو ما يشبه الغواصات الصغيرة محلية الصنع والمراكب الغاطسة التي يستخدمها التجار الكولومبيون لتهريب المخدرات إلى المكسيك.
الكبتاجون .. سر استدراج الشباب والسيطرة علی عقولهم
ولا يقتصر اهتمام ملالي إيران بتهريب المخدرات للحوثيين علی توفير عائدات ضخمة لمشروعهم فحسب بل هناك اهدافا اخری خفية تسهل لهم استقطاب الشباب اليمني والتغرير عليهم لتقبل فكر "الحوثية “، والدفع بمن يتم استدارجه الی جبهات القتال وضمان بقائه مرتبطا بمشروع الامامة الكهنوتية الحوثية وعدم المبالاة بهول الجرائم التي يرتبكونها بحق المدنيين او حجم المجازر التي يتعرضون لها في الجبهات.
وفي هذا الصدد اكدت مصادر طبية يمنية ان ميليشيا الحوثي تقوم باعطاء مادة مخدرة للشباب فور استدراجهم بداية الی دورات تسمی دورات ثقافية ودون علمهم بانها مخدرات عبر خلطها بمسحوق للتبع يسمی في اليمن (الشمة) ويتم وضعه تحت اللسان ليختلط باللعاب الی ان يتم امتصاص المادة المخدرة مع التبغ ويبدا المتعاطي يدمن مايعتبره (شمة السيد).
واكدت تلك المصادر ان المادة المخدرة التي يستخدمها الحوثيون تسمی الكبتاجون (captagon) واسمها التجاري فينثيلين (Fenethylline)، موضحة ان هذه المادة هي مركب مثيل للأمفيتامين (amphetamine) وهي مواد منشطة من المخدرات التصنيعية وهي محظورة عالميا.
وافادت تلك المصادر ان هذه المادة تسبب الادمان لمتعاطيها مثل بقية اصناف المخدرات حتی وان كان يشعر بعد تعاطيها بالنشاط الزائد وكثرة الحركة وعدم الشعور بالتعب والجوع وهذا مادفع الحوثيون لاستغلالها لجعل الشباب الذين تزج بهم الی جبهات ومحارق الموت لايبالون تحت تاثيرات هذه المادة من كل مشاهد الرعب امامهم سيما وان هناك الكثير من متعاطيها تظهر عليه أعراض تشبه حالات مرض الفصام أو جنون العظمة ويتخيل كانه مسيطرا علی العالم بكله تحت تاثيرها .
الكبتاجون .. سر الارتباط بالحوثي
ونشر نيوزيمن قصصا متعددة لشكاوى عائلات في صنعاء، من انتحار ابنائها بعد منعهم من الاختلاص بمشرفي الحرب الحوثية واعادتهم من الجبهات، ولم تدرك عائلة “أصيل حمود محمد” ان علاقة ابنها الذي لم يتجاوز عمره 13 عاما بمشرف الحرب الحوثية في احدى جبهات الحديدة مرتبطة بالادمان الا بعد أن اقدم على الانتحار، وعرضت حالته على اطباء العائلة.
اليمن .. من دولة ممر الی مستهدفة
وكان اليمن يصنف من قبل مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة دولة عبور للمخدرات الى دول الجوار الغنية الی عام 2005 حيث كانت أشبه بترانزيت بين دول الإنتاج للمخدرات وخصوصا باكستان وأفغانستان وايران ودول الاستهلاك في الخليج.
ومنذ العام 2006 - اي بعد عامين من بدء فتنة التمرد الحوثية في صعدة واشعال حروب صعدة، بدأت المخدرات في اليمن تأخذ طابع الظاهرة إذ لم تعد اليمن مجرد دولة عبور.. حسبما اكد مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات مطلع 2006م بان : "اليمن كانت دولة عبور وأخيرا أصبحت مستهدفة بالمخدرات".
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً