- غالبية السكان عزفوا عن شراء الملابس الجديدة واكتفوا بغسل القديمة .. وآخرين لجأوا لأسواق الحراج
- شراء خروف العيد اصبح حلم بعيد المنال .. واللحوم لمن استطاع اليها سبيلا .. والعامة لجأوا لأسواق الدجاج
- مليشيا الحوثي الإرهابية تسببت في حرمان آلاف اليمنيين من قضاء إجازة العيد مع أهلهم وذويهم
الوطن - خاص: قسم التحقيقات:
للعام الرابع على التوالي تحل على اليمنيين مناسبة عيد الأضحى المبارك وميليشيا الحوثي الانقلابية ما تزال تسيطر على العديد من محافظات البلاد، وتقود حروبا وحشية شعواء على عدد آخر منها، كما تسيطر وتستأثر بل وتتحكم بكافة موارد البلاد وثرواتها، وتمارس بحق عامة البسطاء من الشعب أبشع الانتهاكات والجرائم الإنسانية التي تحرمها وتجرمها كافة ديانات وشرائع ودساتير ومواثيق وقوانين الأرض.
للعام الرابع يستقبل اليمنيون عيد الأضحى المبارك الذي يصادف يومنا هذا الثلاثاء والغبن والوجع والألم والحسرات تتلبسهم، والجوع والفاقة والمرض يفتك بهم، والخوف والرعب والهلع يحاصرهم، والحرب والعبث والخراب والدمار والفوضى والسرقات والنهب والسلب والمصادرة التي تمارسها عناصر الميليشيا الحوثية الإرهابية تحيطهم حيثما وجدوا واتجهوا وولوا.
اجواء العيد
لا مجال ولا متاح أمامهم للفرح والبهجة وممارسة طقوس وأجواء العيد التي اعتادوا عليها هم وآباؤهم منذ مئات السنين، فميليشيا الحوثي أحالت حياة الجميع إلى سواد وجحيم، وما تمارسه من انتهاكات وبشاعات وقبح وصلف طال الجميع بلا استثناء، لذلك تحولت أفراحهم إلى أحزان، وبات العيد بالنسبة لغالبيتهم مجرد يوم عادي كغيره من الأيام يقضونه بداخل منازلهم دونما جديد عدا أدائهم للصلاة.
خرجت من الكهوف
كان الانقلاب الحوثي بالنسبة لليمنيين بمثابة الجائحة والكارثة التي فتكت وقضت على كل شيء جميل في حياتهم، ومنذ اجتياح تلك الميليشيا التي خرجت من الكهوف للمدن والمناطق اليمنية المختلفة فقدت الحياة قيمتها ومعانيها وأفراحها ومباهجها، وإلى جانب عمليات النهب والسلب والمصادرة التي تمارسها تلك الميليشيا بحق سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتها، تشهد الأسواق المحلية ارتفاعا جنونيا في أسعار السلع المختلفة، الأمر الذي فاقم الحالة الإنسانية لسكان تلك المناطق، خصوصا مع استمرار الميليشيا مصادرة مرتبات الموظفين للعام الثاني على التوالي، فضلا عن التدهور الاقتصادي الذي خلفته وألقى بظلاله على كافة مفردات الحياة ومناطق البلاد عامة.
أساسيات الحياة
حلت مناسبة العيد هذا العام وغالبية اليمنيين خصوصا سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيا مهمومون بكيفية توفير أساسيات الحياة والبقاء المتمثلة في الأكل والشرب، وذلك في مقابل عزوفهم عن شراء الملابس الجديدة التي تعد أبرز مظاهر العيد، حيث اكتفى غالبيتهم بغسل ما لديهم من ملابس قديمة، وهو الأمر الذي حد من مستوى الحالة الشرائية في الأسواق المختلفة.
أيام متساوية
يؤكد الباحث عبدالملك علي ثابت لـ«الوطن» أن يوم العيد لن يكون مختلفاً عن بقية الأيام، فكل الأيام غدت متساوية بالنسبة لليمنيين، حيث ينحصر الهم الرئيس للمواطن اليمني في الحصول على لقمة العيش ومكان مناسب للسكن مع الأسرة، ويضيف: «لم يعد هناك أضحية ولا ملابس، وجميع تلك التفاصيل نسيها منذ الانقلاب الحوثي المشؤوم».
الأضحية حلم
ويرى المواطن عبدالواحد ردمان أن «خروف العيد» هذا العام أصبح حلما، ولن يكون بمقدور ملايين الأسر التي فقدت مصادر دخلها شراءه، ويضيف: «الأسر التي عجزت لأشهر عن توفير قطعة خبز لأطفالها لن تفكر حتى مجرد تفكير في شراء خروف عيد هذا العام، نحن نعيش فترة انهيار اقتصادي لم يسبق لها مثيل، فأكثر من نصف موظفي الدولة لم يتقاضوا رواتبهم الحكومية طيلة عامين وميليشيا الحوثي قطعت كافة الرواتب والحوافز التي كنا نتقاضاها وبالإمكان أن نوفر منها قيمة متطلبات العيد».
تضاعف الأسعار
وأصبحت حالة غلاء الأسعار هي حديث الناس في المجالس، وفي الباصات والسيارات ومختلف الأماكن الخاصة والعامة، وفي هذا الصدد يقول الأخ فايز علي: ذهبت لشراء بعض أدوات المنزل الضرورية، والتي كنت اشتريتها بمبلغ ٥ ألف ريال لأتفاجأ أن سعرها أصبح ١٣ ألف ريال، ويضيف: «دخلت إلى صاحب البقالة، الذي آخذ منه المقاضي بشكل متواصل لأتفاجأ أن أسعار السلع اليومية قد تضاعفت عما كانت عليه في اليوم السابق» .. ويتساءل: «بالله عليك كيف ممكن للواحد أن يفكر بشراء ملابس وخروف وجعالة العيد في ظل هذه الظروف».
كسوة الأطفال
السواد الأعظم من مواطني العاصمة صنعاء لا ملامح لفرحة العيد لديهم ولا حتى لدى أطفالهم، تقول الأخت منى صالح وهي: «لم يعد لدينا ما نبيعه، فأثاث المنزل سبق وبعنا معظمه بما فيه مجوهراتي، ولم يعد أمامنا من سبيل لأن نستدين فقد كثرت الديون علينا، كما أن من كنا نلجأ لهم في الأزمات أصبحوا هم الآخرون يعانون مثلنا، ولذلك لم نشتري ملابس جديدة للأطفال، واكتفيت بغسل الملابس القديمة من أجل يقضوا لهم هذا اليوم وبعدها يصير خيرا».
الحراج سوق بديل
ويؤكد مواطنون في العاصمة صنعاء: أن ارتفاع كسوة العيد وحاجياته بشكل غير مسبوق، دفع آلاف الأسر العاجزة عن شرائها لأطفالها للذهاب إلى أسواق الحراج لشراء الملابس المستعملة للتعويض عن الملابس الجديدة التي عجزت عن الحصول عليها، وذكروا أن الكثير من الأسر فضلت عدم الخروج من المنازل بعد أن تقطعت بهم السبل على أمل أن يحصلوا على كسوة لأطفالهم من فاعلي الخير أو من الجمعيات الخيرية.
ذكرى الفرح
ويتساءل الطالب هيثم صالح: «أين ذلك العيد الذي اعتدنا أن نعيشه بكل تفاصيله ونمارس طقوسه الجميلة، نقبل رؤوس من نحب، ونعانق الأهل والأصدقاء، نصل الرحم ونبتسم للجميع دون تمييز، للأسف ميليشيا الحوثي صادرت كل شيء جميل في حياتنا، وأصبحت فرحة الأعياد ذكرى نتذكرها ولم يعد لنا أن نعيشها».
الأضاحي لمن استطاع
وبالنسبة للأضاحي اكتفى غالبية مواطني العاصمة صنعاء بالتجوال في أسواق المواشي بدلا من الشراء؛ والميسورون منهم سيتشاركون في شراء خروف واحد، أما الغالبية فسيكتفون بشراء اللحم بالكيلو، أو الاكتفاء بذبح دجاجة، ويرى اقتصاديون أن أضاحي العيد هذا العام أصبحت كالحج لمن استطاع إليه سبيلا، وبلغ سعر الخروف المحلي إلى «١٠٠» ألف ريال وذلك للحجم الكبير، فيما يبلغ سعر الخروف الصغير ما بين «٦٠ - ٤٠» ألف ريال، ووصل سعر الكيلو اللحم إلى «٥٠٠٠» ريال.
تبدل الفرح إلى حزن
ويعد سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الكهنوت الحوثية الأسوأ حالا؛ حيث يعيشون وأطفالهم وأسرهم ظروفاً صعبة ومأساوية، وسط شحة في الغذاء وانتشار للأمراض، فضلا عن حرمانهم من كساء ومتطلبات العيد مع اقتراب قدوم عيد الأضحى المبارك، ويرى المواطن نسيم مقبل أنه لم يعد فرحانا باستقبال العيد، بل إن هذه المناسبة باتت تؤلمه كثيرا لأنه لا يحتمل أن يرى أطفاله دون ملابس جديدة وألعاب كأقرانهم من الأطفال.
البقاء على قيد الحياة
وتقول أروى علي، وهي موظفة: «أي عيد هذا الذي يأتي وسط ارتفاع الأسعار وتوقف المرتبات ونحن 4 سنوات في هذه المعاناة ولا يحس بنا أحد، نحاول أن نوفر الأشياء الأساسية التي أصبح الحصول عليها انتصارا كبيرا لنا لنبقى على قيد الحياة، فلم يعد لدينا متسع من الطموح في الحصول على أشياء العيد».
الميليشيا وتفريق الأهل
وإلى جانب كل هذه المآسي تسببت ميليشيا الحوثي الإيرانية في حرمان آلاف اليمنيين من قضاء إجازة العيد مع أهلهم وذويهم، وحرمتهم من صلة الرحم، فقد نزح الآلاف من اليمنيين من مناطق سيطرتها إلى المحافظات الأخرى التي لا تزال تتمتع بقليل من الخدمات وتتوفر فيها فرص العمل، ولم يعد لدى هؤلاء قدرة العودة أو مجرد زيارة ذويهم كونهم سيمرون عبر نقاط التفتيش التي يقيمها مسلحو الحوثي ويخافون من الانتقام.
العيد بعيدا عن الأبناء
بعيدا عن أسرته يقضي سنان محمود العيد في العاصمة المؤقتة عدن للعام الثاني على التوالي، بعد أن ترك زوجته وأطفاله التسعة ونجا بجلده من بطش الميليشيا، ويخشى العودة إلى صنعاء وزيارة أهله نظرا لحالة التشديد الذي تفرضه الميليشيا في مناطق سيطرتها والتي تختطف كل من يختلف معها، ويقول: «كنت أتمنى أعيد مع أولادي لكنني للأسف غير قادر وسأبقى هنا في عدن وحدي، وأكتفي بإرسال مبلغ بسيط للأولاد ومعايدتهم عبر الهاتف».
انطفاء البسمة
أما الأخت فاتن عبدالسلام، موظفة، فتسرد معاناتها بالقول: «إن العيد لم يعد يمثّل لها أي شيء، وبات يوما عاديا مثله مثل بقية الأيام، إذ إن الظروف التي وصل إليها الناس لم تترك مجالا للفرح أو المرح، مؤكدة أن البسمة انطفأت في وجه الأطفال الأبرياء، فكيف بنا الذين نعاني الأمرّين، الذين نتقلب على فرش الهموم والأحزان ليل نهار، في سبيل توفير متطلبات الحياة الضرورية».
ومنذ انقلابها في ديسمبر 2014م مارست وتمارس ميليشيا الحوثي الكهنوتية بحق اليمنيين كل صنوف وأنواع القتل والتنكيل والتعذيب والتشريد والتجويع والانتهاكات، مخلفة بذلك آلاف القتلى والجرحى، فضلا عن أوضاع إنسانية وصحية غاية في الصعوبة، وطوال هذه الفترة تصاعدت حدة السخط لدى الناس ضد هذه الميليشيا وصاروا جميعا يترقبون اندلاع شرارة الثورة بحيث ينقضوا عليها ويضعون حدا لحكمها الكهنوتي المظلم.
*نقلاً عن صحيفة «الوطن» العدد الصادر أمس.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً