عانت جزيرة سقطرى من الإهمال كغيرها من المحافظات طيلة عقود، لأسباب خاصة بالنظام السابق، لكن ذلك لا يعني أنها غير يمنية أو أن اليمنيون لا يكنون لهذه "الجوهرة" مشاعر الفخر والاعتزاز والحب والولاء والحرص.
في التحركات الحكومية التي تستهدف سقطرى بين حين وأخر، تؤكد الحكومة عزمها على رعاية الجزيرة وجعلها أولوية في أجندة اهتمامها، معبرةً عن إرادة صادقة في منح الجزيرة ماعجزت حكومات سابقة عن منحه، في تبوئها مكانتها المستحقة التي تليق بتفردها والإعجاز الجمالي الإلهي لها، الأمر الذي كشف تحديات وخطط غير بريئة لتحركات دولية خارجية، ما تطلب تأكيداً حكومياً بسيادة سقطرة الوطنية، والتذكير بيمنية الجزيرة.
أكبر من مجرد احتفال:
كان الحشد الجماهيري الكبير لأبناء سقطرى حدثاً مثيراً بكل المقاييس، الحضور أولاً من ناحية العدد كان كبيراً، ومن ناحية أخرى فقد عبّر المواطنون عن مشاعرهم الوطنية "بالروح بالدم نفديك يايمن" وفرحتهم بوجود الشرعية بشكل تلقائي وخالي من الأحقاد المتوقعة من تراكم إهمال عقود وعدة حكومات.
أكد مراقبين أن تلك رسالة واضحة وشافية للواهمين من اصحاب المشاريع الصغيرة أن ابناء الجنوب وتحديداً المحافظات الخالية من النزعة المناطقية، مع الشرعيه واليمن الواحد.
رسالة ثانية:
رصد " الحكمة نت" مقالاً للكاتب الدكتور زياد غالب المخلافي قال فيه إن تحركات رئيس الحكومة شخصياً للمحافظات المحررة واضطلاعه على سير العمل في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ليست نشاطاً اعتيادياً في ظل واقع اليوم وظروفه.
يتفق أخرون مع هذا الطرح فهذه التحركات لها وقع على اليمنيين شمالاً وجنوباً، وهي في ذات الوقت رسالة للخارج: كل شبر يمني له حيز في الأولوية، لا تفريط ولا فرص لمنازعة السيادة.
الصراع انكشف:
لطالما حاولت الحكومة اليمنية التعامل بحصافة في الردّ على تطاولات بعض وحدات في "التحالف العربي"، احترماً للشراكة التي لا يبدو ان الطرف الأخر يحترمها، لقد تعاملت دولة يفترض أنها شقيقة مع تحركات رئيس الحكومة الشرعية المعترف به دولياً في سقطرى، وكأنه تهديد أمني خطير!! ومع ذلك يأتي الهدوء الحكومي محتوياً الإساءة وتجاوز الحدود تجنباً لتفجر أي خلاف، لكن هذا الصمت الحكيم لا يمكنه إخفاء أن هناك تحدياً غير شريف يمارس ضد الحكومة وضد اليمن.
الدكتور احمد عبيد بن دغر يتحرك على أرض وطنه، ووفق صلاحياته ومسؤولياته هو لا غيره، ومن العجيب أن تعتبر تحركاته في سقطرى او في أي جزء ضمن جغرافية بلاده استفزازاً للإمارات لتنزل آليات عسكرية دون أخذ إذن منه وتنسيق معه!!
لماذا الأليات العسكرية؟
يتساءل الكثير ومن بينهم الكاتب الصحافي محمد جميح، لماذا تنشر الأليات العسكرية والجنود في أرض سالمة لا قتال فيها؟
ما لا يُفهم هو استثارة الإماراتيون من تحركات بن دغر في بلاده؟ وفي سقطرى تحديداً حيث تم مقاطعة فرحة أهالي الجزيرة بمهرجان إحتفالي شعبي، حتى أنه غير سياسي، أما بالنسبة لهتاف الأهالي "بالروح بالدم نفديك يايمن" فهو تعبير وطني بحقيقة واقعة يدركها العالم، سقطرى يمنية، بل وضاربة في عمق الحضارة اليمنية، سقطرى حميرية، ولا يجب أن يشكل هذا إشكالية لدى أحد.
سقطرى مدرسة الوطنية
من المؤسف أن يفاجئ اليمني بتصاريح مستفزة لكرامته وكبريائه وحقه في أرضه، وخصوصاً حين تكون تصريحات مسؤولة وصادرة عن رأس وهرم الدبلوماسية الإماراتية، بل ومن المؤسف أن يشكك البعض بوطنية قوم لمجرد تبرير أخطاء ومطامع وأمور أخرى، ما حدث في سقطرى كان درساً أخلاقياً للجميع.
يقول الأستاذ محمد مقبل الحميري، جئنا لأهلها لنزرع فيهم الولاء الوطني، فوجدنا أنفسنا أمامهم طلاباً نتعلم منهم روح الوطنية الصادقة، التي يسلكونها بعفوية وايمان دون تكلف.
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً