ايهاب الشرفي / الحكمة نت / عدن
قال (( إن عجزنا وحالت بيننا وبين تنفيذ خططنا للبناء والاستقرار والأمن الأهواء والأطماع والنعرات المناطقية وتعددالسلطات ، سنصارح شعبنا وأهلنا والقيادة والتحالف بحقائق الأمور ، وسنضعهم جميعاً أمام مسؤولياتهم التاريخية)).
ليست طيفا عابرا ولا عبارات تذروها الرياح وتتلاعب بها الإيديولوجيات السياسية ، ولم تعبر عن حزب سياسي او منطقة جغرافية ينتمي اليها او طائفة بعينها او مجتمع دون آخر ، كما انها ليست خيالية يستحيل تنفيذها ، ولا صعبة لايمكن تفسيرها ، بل هي تعهدات سبقتها زيارات ميدانية واخرى إقليمية ، وخطط مدروسة وفقا للمعايير الوطنية ومتطلبات المرحلة.
ترسيخ الثوابت والهوية الوطنية
رسخ "بن دغر" في كلمته التاريخية صبيحة اليوم الأحد ، التي القاها في اللقاء التشاوري للمجلس الأعلى للتعليم الذي نظمته وزارة التعاليم العالي بجامعة عدن ، رسخ المبادئ الوطنية ، التي اعتبرها اساس المشكلات التي تمر بها البلاد ، معتبرا ان الهوية الوطنية تتعرض اليوم للكثير من التشويه وأكثر من ذلك ، وقال إن البحث عن هوية حديثة لا علاقة لها بحاضرنا وماضينا لا علاقة لها بتاريخنا، يعد أمراً أكثر صعوبة على الفهم ،
حيث قال "لقد كان لدى معظمنا قناعات راسخة ان اليمن هو هويتنا الوطنية القادمة من أعماق التاريخ المنتجة لثقافتنا، وكنت أعتقد ولا زلت أن هذا الموضوع لم يعد موضوعاً للنقاش منذ قيام الثورة اليمنية" ، "لكن الأحداث فاجأتنا وفجعتنا ان هذه الهوية اليوم محل خلاف ونقاش حاد، وقبول ورفض وأن ما كان يمنياً و وطنياً قد غدى في تفكير البعض مشكوكاً فيه ومعزولاً عن تاريخنا وجغرافيتنا وثقافة وعادات وتقاليد شعبه".
إيمان باهمية التعليم
يؤمن بن دغر بالأهمية البالغة للعملية التعليمية في كل الحضارات التي وجدت وتتواجد على كوكب الأرض ، لذالك يخبرنا اليوم ان حكومته نجحت في بناء وزارة التعليم العالي بعد انهيار معظم مؤسسات الدولة ، كما انها وجهت المزيد من الأموال للجامعات في عدن، وحضرموت وتعز، كذالك وضعت حكومة بن دغر ، حجر الأساس لجامعة مأرب، و أبين ، وافتتحت كلية مجتمع جديدة، في ظل حالة الحرب وتوقف 80% من إنتاج النفط المصدر الأول للموازنة العامة للدولة.
ولم تتوقف جهود حكومة بن دغر في مجال التعليم على تشيد المباني الجامعية والكليات فقط ، بل ان دولته اكد في خطابه اليوم ، ان الحكومة واجهت بالامكانيات المتاحة مشكلة مخصصات الطلاب المبتعثين ، وعملت بذات القدر على إرسال المزيد من الأموال لطلاب اليمن دون تميز ، في دول عديدة عربية وأجنبية .
وخاطب "بن دغر" الدارسين والخريجين ، كما خاطب زملاء دراسته في جامعة عدن ، بأن دولته لامس أهدافهم الوطنية ، كما انه يدرك جوهر الأزمة التي يمر بها التعليم العالي والتعليم بصورة عامة في المجتمع اليمني ، لذالك قال "علينا نحن في الجامعات قبل غيرنا تقع مسؤولية البحث فيما حدث ويحدث، علينا إمعان النظر وإعمال العقل وعلينا تصويب هذا التحول الذي استدعى تطرفاً وغلواً وفوضى في تفكيرنا وسلوكنا يدفعنا للأسف الشديد نحو المجهول" .
موقف ثابت من ثوراتي سبتمبر وأكتوبر
اثبت بن دغر اليوم بما لايدع مجالا للشك انه تغذى وارتوى بالوطنية وان عودته الى عدن لم تكن نتاج لصراعات سياسية او رغبة بالسلطة ، بقدر ماهي نزعة وطنية خالصة ، مستمدة من الأهداف العظيمة لثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين ، والتي اكد ان الثورتين ، شكلت فتحاً جديداً في تاريخنا الحديث والمعاصر، وخلقتنا الثورة اليمنية خلقاً نوعياً قلب حياة الجهل والفقر والمرض إلى حياة يملؤها الأمل، لقد سالت أنهار من الدماء من أجل الحرية ومن أجل الجمهورية والوحدة.
وقال بن دغر إن الانقلاب اليوم على قيم الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر لا يبدو لي منسجماً في السياق العام مع تاريخنا ومصالحنا المشتركة ، مستغربا من قول البعض، لقد غلطنا ولنا حق التراجع عن غلطنا، مؤكدا أن حق التراجع فيما يخص القائلين وحدهم ، أما ما يخص الوطن فالكلمة فيه للشعب.
واستطرد قائلاً "لست متأكد كيف يرانا اليوم كبار قادة التحرير والثورة في مراقدهم الأخيرة، أظنهم يرثون لحالنا، لقد دخلوا السجون الإمامية والاستعمارية من أجلنا، وعذبوا وقتلوا وعزِّر بهم، ولم يتراجعوا عن قيمهم ومبادئهم قيد أنملة، بل قاتل بعضهم حتى قضى نحبه، وسلموا لنا وطن خالي من الإمامة العنصرية، ومن الاستعمار البريطاني ، وطن ترفرف عليه أعلام الحرية والعدالة والمساواة والإخوة الحميمية، وها نحن نكاد نفارق قيمهم ومبادئهم، ونتخلى عن تضحياتهم.
وتسأل بن دغر عن ماذا سنقول اليوم للزبيري والنعمان والإرياني والسلال والعمري والحمدي، ماذا سنقول غداً لمكاوي ولقحطان وفيصل وسالمين وعبدالفتاح وعنتر ومصلح وشائع وسعيد صالح والسيلي ومطيع والخامري وعشيش، الذين قاتلوا لنصرة الثورة اليمنية ودافعوا عنها.
موقف ثابت من الوحدة
وفيما يخص مصير الوحدة الوطنية ، اكد بن دغر اليوم في كلمته ، انها من الثوابت الوطنية ، و أن علينا بذات الوقت أن نبحث في الأسباب التي أدت إلى نمو شعور قوي معادي للوحدة في المحافظات الجنوبية.
معلل الأسباب التي ادت إلى ظهور الحراك الجنوبي ، انها ردت فعل طبيعية نتيجة للمظالم الحقيقية التي أصابت الناس في المحافظات الجنوبية، وعملت على تراجع قيم ومبادئ وأهداف ثورة الرابع عشر من أكتوبر الوحدوية ، التي انتجت هذا التشوش في منظومة القيم الثورية الذي حدث بين الوحدة كهدف سامي ونبيل، وبين سلوك ومساوئ وأخطاء النظام السياسي الذي أدار نظام الوحدة بعد حرب صيف 1994.
محذرا وبشدة من الخلط في أذهان الكثير من أبناء وطننا بين مفهومي الوحدة والنظام السياسي ، الذي ترعاه قوى كثيرة ومختلفة ، وجعلت منه ثقافة وقيم ليتسنى لها ترويج مفهوم التقسيم والتقزيم والتجزئة.
واكد دولته أن التحول الكبير في حياتنا حدث مع انتصار الثورة اليمنية وأن أعظم انجازات قد تحققت بعد ذلك، بقيام الوحدة التي يمكن تشبيهها بجوهرة وقعت بالصدفة التاريخية مع فحام ، لم يكن يدرك قيمتها، فأساء للوحدة التي ضحى خيرة رجال اليمن وأنبلهم وأكثرهم إخلاصاً لها.
جهود حكومية لبناء الجيش والأمن
ولم يتغافل بن دغر في خطابه التاريخي اليوم قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المرابطة في جبهات العزة والكرامة بمحافظة تعز ، حيث قال ان الحكومة ستعزز جهودهما في محافظة تعز لتحريرها، ، مؤكدا أن تعو بوابة النصر والطريق إلى العاصمة التاريخية صنعاء ،، مشيرا إلى ان الحكومة رصدت ما يكفي من الأموال ، في خطتها للعام الجاري، لتحريك عجلة التنمية في الحالمة تعز .
وأكد ان الحكومة ستواصل دعمها لقوات الجيش الوطني في مأرب والجوف والبيضاء والحديدة ، كما أنها ستواصل جهودها في بناء المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية، وستقنع الشركاء في جعل هذه المؤسسات موحدة تحت سلطة واحدة هي سلطة الشرعية ، برئاسة المشير "عبدربه منصور هادي" دون غيره.
وقال ، ينبغي أن يكون واضحاً لنا جميعاً في الأراضي المحررة وغير المحررة أنه لا تنمية ولا تطور ولا مستقبل في ضل الفوضى وامتشاق السلاح، وأن الانقلاب على الشرعية والخروج على القانون، هو أحد أكثر مظاهر الفوضى تدميراً لإمكانيات الدولة وقدرات المجتمع ، وهو وضع لايمكن القبول به.
مضيفا في خطابه ، ان الحكومة ستعمل على منع الإعتداء على أراضي الدولة والمواطنين والمستثمرين وستفعّل من جديد أجهزة الأمن و الشرطة وأجهزة التحري التي تضررت من أحداث ينايرالأخيرة تحت راية الشرعية .
تشخيص العدو الحقيقي
يدرك بن دغر خطورة المرحلة الراهنة وأهمية تكثيف الجهود لمواجهة العدو الحقيقي للوطن ، الذي اعتبره اليوم في خطابه بالعدو الوحيد الذي يتوجب علينا أن نوجه بنادقنا نحوه ممثلا بالانقلاب الحوثي وخلايا القاعدة وداعش ، حتى إنهاء تواجده واعادة الشرعية وبناء الدولة وفقا للمرجعيات الثلاث ، كما حذر من تصاعد الخلافات التي تخدم الانقلابيين في صنعاء، وتضعف الجبهة الداخلية لقوى الشرعية، وتطيل أمد الحرب والمأساة وتؤخر تحقيق أهداف عاصفة الحزم.
مؤكدا في ذات الوقت ان حكومته ستبقى متمسكة بكل الوسائل السلمية وفقا للمرجعيات الثلاث ، وفي جوهرها دولة إتحادية ويمن جديد مختلف بأعتبارها إرادة الشعب أو على الأقل الغالبية الساحقة من أبناء الوطن ، معربا عن امله أن يتوقف السجال العقيم ، ويتوقف الشحن الإعلامي الذي لا يخدم سوى الأعداء .
وقال ان حكومته ستتعاون مع من يرغبون في العمل المشترك ، وعلى مختلف المستويات حتى مع أولئك الذين واجهوا الدولة بالسلاح يوماً ما ، أفراداً كانوا أوجماعات ، مشيرا الى ان المجتمع يمتلك بكل فئاتة ومناطقه وتياراته ومذاهبه فرصة لبناء يمن اتحادي جديد متسامح مع نفسه ومتصالح مع جواره، يمن يتطلع للمستقبل ويرغب في النهوض وتحقيق النمو والاستقرار.
تعزيز إيرادات الدولة
ولان إيرادات الدولة هي الضامن الأبرز في تحقيق الأمن والإستقرار ، قال بن دغر ان الحكومة ستعزز إيرادات الدولة وستطلب دعم من أشقائنا في المملكة و الإمارات ودول التحالف العربي ، لتوجيه جزء من المساعدات الانسانية التي تأتي عبر المنظمات الدولية لدعم قطاعات التنمية والخدمات (الكهرباء والماء والطرقات والمدارس والمستشفيات).
وقال ان أزمة المرتبات واختفاء السيولة اصبح أمر من الماضي ، مؤكدا ان الحكومة تبحث عن حلول عاجلة لحل مشكلة الإيرادات و الخروج من حالة الحرب وحالة العداء، وبناء الدولة والسلطة و توزيع الثروة بشكل عادل على جميع المحافظات.
واكد ان الحكومة ما تزال تطالب من الأشقاء والبنك الدولي بإرسال خبرائهم لوزارة المالية والبنك المركزي للمساعدة والاطلاع على حقائق الأمور، واستطرد بن دغر قائلا "فوجودهم معنا في هذه الأجهزة كفيل بتعزيز الثقة بها محلياً ودولياً، كما أن وجودهم سيغلق الباب أمام الادعاءات الكاذبة بالفساد الذي يستخدمه البعض ككلمة حق يراد بها باطل، وتهم استخدمت وتسخدم للإنقضاض على الشرعية ومشروعها الحضاري في بناء يمن اتحادي جديد لا يروق للبعض".
مسؤلية البحث عن حلول
حمل "بن دغر" الجميع مسؤلية البحث عن حلول للازمة اليمنية ،مخاطبا الحاضرين من وزراء وقيادات ودارسين واكاديمين وطلاب وخريجين ، قائلا"من المهم أن تبحثوا جيداً وبكامل الحرية في واقعنا الثقافي والعلمي وارتباطه بواقع حياتنا الاجتماعية والاقتصادية، ففي الجامعات وعلى إيديكم يكبر جيل التحول نحو مستقبل أفضل ينبغي علينا أن نبحث في الأسباب التي أدت إلى سقوط الجمهورية في صنعاء، وتراجع قيم ومبادئ ثورة سبتمبر في المناطق الشمالية وفي اليمن عموماً، والتي كان من نتائجها ظهور حركة التمرد المسلح الحوثية العنصرية السلالية.
وقال ان علينا أن نتحلى بقيم التسامح والصفح والمحبة إنها روح الإسلام وجوهره، وأن نقبل ببعضنا البعض، فالكراهية والبغضاء لا تحصد سوى مزيد من الفوضى، لا ينبغي تشويه وعينا الإجتماعي وثقافتنا بقيم لا صلة لنا بها.
مشيرا الى ان اليمن بلد التعدد والتنوع، وأهلها أرق قلوباً ، وألين أفئدة، وعدن عاصمتنا مدينة متسامحة منفتحة مقبلة على الحياة كغيرها من المدن المحيطة بنا ، وهي مركز انطلاقنا نحو غدٍ أفضل
موكدا ان مخرجات الحوار الوطني كانت وستبقى انتاجاً فكرياً متوازنا ومتزناً مراعياً للمصالح المشتركة، واختراقاً ديموقراطياً وفكرياً في حياتنا السياسية فلا إقصاء ولا إلغاء ولا تفريط ولا إفراط، لهذا تجد هذه المنظومة من الفكر السياسي القبول من الغالبية المطلقة من أبناء اليمن. ومن المهم أن يبقى الخلاف حولها في الإطار السلمي.
تعهد وبناء واسباب العودة الى العاصمة عدن
تعهد بن دغر بإعادة خدمات الكهرباء والماء والصحة والنظافة ـ التي كانت في حال أفضل قبل شهرين ـ الى مستوى يليق بالعاصمة المؤقتة عدن وأهلها ، وقال ايضا "بل إننا سنضع حجر الأساس لمشاريع جديدة في عدن وفي لحج وأبين والضالع وسنفتتح مشاريع هامة في مأرب وشبوة وحضرموت والمهرة كنا قد وضعنا حجر أساسها ".
وفي ذات السياق يؤكد "بن دغر" في كلمته ان عودة الحكومة الى عدن عودا محمودا، لوقف تدهور الأوضاع التي تفاقمت للحفاظ على ماحققته حكومته من نجاحات خلال العامين الماضيين، وقال ان عودة الحكومة الى عدن تاتي لمنع المزيد من الضرر بمصالح الناس وحياتهم وأمنهم. مضيفا بالقول عدنا وكلنا أمل في تعاون الجميع معنا مواطنين وشركاء ونحن وانتم في المقدمة منهم.
وذكر "بن دغر" بما (قاله) سابقاً "لا قتال ولا دماء في عدن مجدداً بسبب وجود الحكومة، هذا أمر لن نمنحه لمن يريده لكننا سنبذل جهدنا لوقف التدهور المريع للأمن، وسنسعى جاهدين لوقف عمليات الاغتيال التي طالت العشرات من الدعاة وأئمة المساجد ورجال الجيش الوطني والأمن وقادة الأحزاب، فما حدث في الأشهر الماضية من جرائم في عدن ومحافظات أخرى يعد جرماً فضيعاً لن يفلت مرتكبية من العقاب. سنواسي عائلات شهداء العقيدة والكلمة والمبدأ، فلأسرهم وأبناؤهم حق علينا" .
- المقالات
- حوارات
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً