شدد رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، على ضرورة تغيير المفاهيم الحاكمة لعمل المؤسسات الدولية، ونظرتها الى الدول التي تعيش صراعات داخلية، وان لا يظل المنطلق دائما هو الازمة الإنسانية، والاستجابة لها من خلال تدخلات إنسانية قصيرة المدى.
وأكد رئيس الوزراء، خلال مشاركته، اليوم الخميس، في جلسة حوارية بمؤتمر لندن السنوي الذي ينظمه معهد تشاتام هاوس، الحاجة الى التركيز على أعمدة الاستقرار في هذه الدول، والتي حافظت عليها من الانهيار الكامل والسقوط الى حالة اللادولة والفوضى الشاملة، والتي تتمثل في مؤسسات الدولة وصمود القطاع الخاص وتماسك المجتمع والاستقرار الاقتصادي.
ولفت في الجلسة الحوارية التي يسرتها رئيس تحرير الشؤون الدولية في بي بي سي، ليز دوسيت، الى أن هذه الاعمدة وان كانت هشة، وتضررت كثيرا بسبب الحرب الا انها فاعلة وحقيقية وحافظت على علاقة الدولة والمجتمع ومنعت سيطرة احتكار الحركات المتطرفة للمجال العام والخاص.
وأوضح ان على رأس هذه الاعمدة هو الحفاظ على الاقتصاد واستقراره، وضمان عدم استخدامه كإحدى أدوات الصراع، مشيرا الى ان المدخل الأساسي لتخفيف المعاناة الإنسانية هو الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومنع انهياره، وقال "للأسف فإن اليمن تشهد حربا اقتصادية خطيرة تنذر بانزلاق الوضع الإنساني الى مستويات خطيرة، وتعيق فرص الوصول الى حلول سياسية او مدخل للسلام، كما ان الاعتداءات التي تمارسها مليشيا الحوثي على القطاع الخاص خطيرة للغاية وتهدد سلاسل الامداد وانزلاق البلاد الى مسار المجاعة".
وتطرق الدكتور معين عبدالملك، الى الازمات الدولية كالحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا، وما شكلته من تحديات بالغة للدول التي تشهد صراعات اكثر من غيرها، لانها ضاعفت من التحديات التي تواجهها في الأساس، وقال "في حالة اليمن تمثل التحدي في ان اليمن تستورد تقريبا ٩٠٪ من احتياجاتها من المواد الأساسية، وقبل الحرب الروسية الأوكرانية كانت تستورد ٥٠٪ من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، والحرب خلقت ازمة حقيقية للبحث عن مصادر بديلة، في ظل تحديات كبيرة مثل عدم توفر مخزون استراتيجي للحبوب في اليمن، حيث ان المخزون الأقصى الذي يمكن الاحتفاظ به هو استهلاك ثلاثة اشهر".
كما أشار أيضا الى تعقيدات التمويل والقيود الصارمة على البنوك والتي زادت من حدة التحديات، وضعف وبطء استجابة المؤسسات الدولية لهذا الواقع، حيث ظلت المبادرات الدولية تحمل اشتراطات معقدة يصعب ان تستجيب لها الدول التي تشهد صراعات.
وأكد رئيس الوزراء، أن مؤسسات الدولة هي من حافظت على تماسك المجتمع وضمان حصوله على الحد من الخدمات الأساسية، وذكر بأنه خلال ازمة كورونا انكفأت الدول على نفسها وتراجع الدعم الدولي الى حده الأدنى، وكانت الاستجابة الأساسية هو ما قامت به الدولة من مواردها الشحيحة، واستطاعت تجاوز الازمة بشكل معقول، وإعادة العالقين حول العالم والذين يصل عددهم الى ١٧ الف، وزادت من الانفاق على القطاع الصحي وغيرها من التدخلات وان كانت غير كافية.
وجدد التأكيد على اولوية التدخلات المنقذة للحياة، واهمية الموازنة بين العمل الاغاثي والتدخلات التنموية، واستعادة حركة التنمية والاستثمارات والبنى التحتية الأساسية.. لافتا الى انه لا يمكن الانتظار حتي تحقيق السلام حتى يتم النظر لهذه الجوانب، وينبغي العمل عليها كاحد الأدوات الأساسية لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن.
واوضح رئيس الوزراء بأن النظام المتعدد والمؤسسات الدولية تفتقد للرؤية فيما يتعلق بأهمية تعزيز أعمدة الاستقرار في الدول التي تشهد الصراع كمدخل للسلام وأيضا لمعالجة الازمة الإنسانية، وان موقفها كان دائما في حالة رد الفعل والتدخل المتأخر، وهناك مسؤولية تقع على عاتق هذه المؤسسات لتطوير نماذج تدخلاتها وعملها.