يأتي العيد الوطني الـ ٦٠ لثورة الـ ٢٦ من سبتمبر ١٩٦٢م الخالدة، ضد نظام الإمامة الكهنوتي، ليؤكد حاجة اليمنيين للحفاظ على النظام الجمهوري، ومواصلة مسيرة النضال الوطني ضد الإماميين الجدد ممثلين بمليشيا الحوثي الانقلابية الإرهابية، حتى القضاء على انقلابهم على السلطة الشرعية، أواخر شهر سبتمبر عام 2014م.
لقد مثلت هذه المناسبة الوطنية علامة فارقة ومنجزاً تاريخياً، وتحولاً هاماً شهدته اليمن في العصر الحديث، انتقل معها الوطن من عهد الظلام الإمامي الكهنوتي إلى عهد النظام الجمهوري والدولة التي تتسع لجميع أبنائها، تؤكد أيضاً إيمان اليمنيون بأهمية الخلاص من الانقلاب الحوثي وإنهاء الحرب، والشروع بإعادة بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على أسس الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة والتوزيع العادل للسلطة والثروة بين كافة أبناء الوطن بدون استثناء، مع مراعاة معالجة الأخطاء والمظالم التي حدثت في الماضي، والانطلاق بخطوات ثابتة صوب المستقبل وتجسيد وتعميق ثقافة السلام والتنمية في كافة ربوع الوطن وتعزيز روح الإنتماء الوطني.
إن الاحتفاء بهذه المناسبة يتزامن مع متغيرات سياسية وميدانية على الصعيد الوطني، عنوانها الأبرز "تعزيز وحدة الصف الوطني للانتصار لليمن واليمنيين"، وتجسد ذلك جلياً من خلال الاصطفاف الواسع لجميع القوى الوطنية، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي برئاسة فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، على قاعدة التوافق والشراكة ، لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية والعمل على إنهاء الحرب وإحلال السلام، وقوبل ذلك التحول الهام بمواقف تأييد ومباركة ودعم وإسناد واسعة النطاق على مختلف المستويات محلياً وإقليمياً وعربياً ودوليا.
وبرهن اليمنيون تشبتهم بثورة 26 سبتمبر الخالدة، من خلال التفافهم خلف القيادة السياسية الجديدة ممثلة بالمجلس الرئاسي، وتجسيدهم على أرض الواقع تعزيز الصف الوطني، ونبذ التعصب والكراهية والتباينات، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، وتجسيد الهوية العربية الخالصة، والتأكيد على رفضهم لإستنساخ التجربة الإيرانية وتطبيقها عليهم واستحالة إعادة عجلة الزمن إلى الوراء مهما كلف الأمر من ثمن، واستعدادهم بكل إصرار وعزيمة وبأس وشدة لاستكمال خوض معركة التصدي لمحاولة إعادة إنتاج نظام الإمامة البائد بنسخته الأكثر بشاعة التي يمثلها الحوثيون، الذين انقلبوا على الدولة والتوافق الوطني واشعلوا الحرب وارتكبوا المجازر والجرائم الدموية والوحشية بحق المدنيين الأبرياء بينهم نساء وأطفال ، ودمروا الإقتصاد الوطني وصادروا الحقوق وعطلوا المؤسسات.
واليمنيون لن ينسوا المواقف المشرفة للأشقاء في تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والأصدقاء في دول العالم، والتي جسدتها حقيقة مواقفهم الثابتة والدائمة إلى جانب اليمن واليمنيين في هذه المرحلة الراهنة المعقدة والخطيرة، وقوبلت كافة مواقف الأشقاء والأصدقاء المساندة والداعمة للقيادة السياسية ممثلة بالمجلس الرئاسي والحكومة وأبناء الشعب اليمني، بتقدير واسع من جانب اليمن قيادة وحكومة وشعبا.
حيث جددت مواقف الأشقاء والأصدقاء، التأكيد على مواصلة المساندة والدعم للشرعية والحكومة والشعب اليمني في شتى مجالات وقطاعات الحياة، لتعزيز فرص تحقيق السلام الشامل والدائم المبني على المرجعيات المتوافق عليها محلياً والمؤيدة إقليمياً ودولياً، وتحسين الأوضاع المعيشية وتعافي القطاعين الخدمي والاقتصادي، والمساهمة في إنهاء مغامرة الانقلاب والحرب الحوثية المدعومة إيرانياً، والتي أدت لإدخال الوطن في أتون حربٍ كارثية، وتسببت بعواقب وخيمة و ألحقت بالغ الأثر بحياة المواطن اليمني على مختلف الأصعدة.
ولطالما جددت القيادة السياسية ممثلة بالمجلس الرئاسي والحكومة، تأكيدها مراراً وتكراراً انها تستمد قوتها من الشعب اليمني الثائر، ويساندها بذلك تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات، وسعت وتسعى على الدوام إلى إنهاء معاناة اليمن واليمنيين وحرب وانقلاب الحوثيين، عبر كافة المسارات، مجسدة نواياها وتوجهاتها على أرض الواقع من خلال التعامل بجدية وإيجابية مع مبادرات وجهود السلام على المستويات الإقليمية والدولية والأممية، والالتزام التام ببنود الهدنة الأممية وفعل كل ما يجب فعله لتحقيق السلام الشامل والدائم، والحفاظ على سيادة الوطن ومكتسباته على الرغم من تعنت المليشيات الحوثية وتعمدها مواصلة خروقاتها للهدنة الأممية التي بلغت بالآلاف، وابتزازها العالم باستخدام ملف ناقلة النفط الخام(صافر) العائمة كورقة سياسية، وكذا تعمدها تلغيم طريق السلام بدلاً عن تعبيده.
وهنا في حقيقة الأمر، يستوجب على المجتمع الدولي والجانب الأممي، تعزيز موقف الشرعية في تعاطيها المسؤول والجدي لإنجاح عملية السلام في اليمن، وإعلان موقف دولي وأممي صريح وبشفافية مطلقة إزاء تمادي الحوثيين أمام مرأى ومسمع العالم من خلال الاستمراء في عرقلة عملية السلام، وكذا اتخاذ إجراءات دولية وأممية صارمة ورادعة لإنهاء مسلسل الحوثيين بإهدار فرص السلام، بعيداً عن التواري الدولي والأممي خلف المواقف الدبلوماسية والضبابية تجاه الواقع، والتي عادة ما يكون ضحيتها والخاسر الوحيد من ورائها هو الشعب اليمني الصابر والصامد.
إن استمرار التعاطي الدولي مع المواقف السلبية للحوثيين تجاه البلاد بهذه الاليات الهشة لا ينسجم مع حجم التحدي الذي يواجه السلام في اليمن بل على العكس من ذلك أن النتائج قد تؤدي إلى إستمرار الحالة التي نتجت عن إنقلاب الحوثيين بدعم إيراني واضح كحالة تهديد للأمن والسلم الدوليين.