حظي إعلان الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، نقل صلاحياته إلى المجلس الرئاسي لاستكمال المرحلة الانتقالية، تفاعلاً كبيراً من قبل وسائل الإعلام الإقليمية والدولية.
الحدث تصدر عناوين نشرات الأخبار والبرامج في القنوات التليفزيونية والمواقع الإخبارية الإقليمية والدولية، وما يزال التفاعل مستمّراً مع تحركات أعضاء المجلس الرئاسي في أولى بدايات أعمالهم.
وكان الرئيس السابق قد أعلن فجر الخميس الماضي (7 أبريل) عن تشكيل مجلس قيادة رئاسي لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وفوضه بكامل صلاحياته ونقل إليه صلاحيات نائب الرئيس الفريق الركن علي محسن صالح الذي تم إعفاؤه من منصبه.
ويقود مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، وبعضوية كلًا من اللواء سلطان العرادة، والعميد طارق صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعثمان مجلي، وعيدروس الزبيدي، وفرج البحسني، وعبد الله العليمي.
"الثورة نت" في هذا التقرير يرصد جانباً من التغطية الإخبارية لأبرز القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإخبارية الدولية التي جرت خلال الأيام الخمسة الماضية منذ الإعلان.
حقبة يمنية جديدة
أفردت القنوات الإخبارية العربية وعلى رأسها الإخبارية والحدث وقناة الشرق وسكاي نيوز والجزيرة والعربي مساحات واسعة في نشراتها وبرامجها لتغطية أحداث تشكيل المجلس الرئاسي طوال الأيام الماضية. يليها بقيّة القنوات الدولية ومنها قناة بي بي سي والحرة وقناة CGTN الصينية، وقناة RT الروسية وTRT التركية وغيرها.
وخصصت قناة بي بي سي برنامج "نقطة حوار" لمحاولة الإجابة على سؤال "هل ينهي تشكيل مجلس رئاسي الصراع القائم في اليمن؟".
وناقشت القناة خلال أكثر من 50 دقيقة، إمكانية نجاح المجلس الرئاسي في إنهاء الصراع في اليمن واستعادة الدولة، مستعينة بسياسيين ونشطاء يمنيون استضافتهم من عدّة دول حول العالم.
وأكدت العديد من المشاركات على أن ما جرى يؤسس لحقبة يمنية جديدة بتوازنات شاملة ودقيقة وآمال مشرعة، معتبرة ذلك خطوة إيجابية لتلبية مصلحة الوطن وحاجة الشعب الماسة.
وأشار ضيوف البرنامج إلى أن تشكيل المجلس القيادي قد يساعد في إنهاء معاناة اليمنيين جراء سياسة التجويع التي تمارسها ضدّهم المليشيا الحوثية منذ نحو 8 سنوات.
كما خصصت القناة إحدى حلقات برنامج تريندينع، استعرضت خلالها تعليقات اليمنيين وتساؤلاتهم حول ماذا بعد تفويض الرئيس هادي صلاحياته لمجلس قيادة رئاسي.
تجربة غير مسبوقة
وكذلك خصصت قناة الحرة، مساحة لمناقشة إمكانية حلحلة الأزمة اليمنية بعد نقل الرئيس هادي سلطاته لمجلس رئاسي. وضمت الحلقة تقريرًا في بدايتها ضمت آراء مواطنين يمنيين، كما ناقشت من خلال مداخلات نشطاء من مختلف الأطراف اليمنية طبيعة وأسباب تشكيل المجلس وما مدى قدرته على تغيير الواقع اليمني.
وفي السياق ذاته، ناقشت قناة فرانس 24 الأهداف السياسية من وراء تسليم الرئيس هادي صلاحياته إلى مجلس قيادة، من خلال استضافت الكاتب الصحفي بدر خان من لندن.
ووفقاً للكاتب خان، فإن مثل هذا التغيير كان مطروحاً منذ صيف 2016 منذ فشل المفاوضات بين الحوثيين والحكومة الشرعية، ولم تختمر هذه الأفكار سوى الآن.
وقال إن المجلس كان فيه نسبة من التمثيل ولا يمكن القول إن أعضائه هامشيون أو ما إلى ذلك.
واعتبر خان، ما حدث "تجربة غير مسبوقة ولابد من مراقبتها وعدم المماطلة في تفعيلها".
وحول موقف الحوثيين، قال خان، إنهم "يريدون استمرار الحرب لأنها تكرّس سلطتهم".
اليمن في الواجهة
وتنوّعت التغطية في بقيّة القنوات بين التقارير الإخبارية والفقرات التحليلية سواء من خلال مداخلات سياسيين أو مسؤولين ونشطاء يمنيين لتسليط الضوء على مجريات المشاورات وعملية الإنتقال وردود الفعل السياسية اليمنية والدولية حول ذلك.
كما تناولت بالأخبار والتقارير ما تلى ذلك من مواقف الدول المرحبة بخطوة تشكيل المجلس الرئاسي والإعلان السعودي بدعم الاقتصاد اليمني بمنحة مالية عاجلة قدرها 3 مليار ريال.
وخصصت قناة الشرق برنامجها "الرابط" لمناقشة الإجابة على سؤال "هل القيادة الجماعية قادة على الانتقال باليمن نحو استقرار دائم؟".
وتطرقت الحلقة التي استمرّت لمدّة 50 دقيقة إلى خطوات نقل الرئيس هادي صلاحياته إلى المجلس الرئاسي، والترحيب العربي بهذا الإجراء. وناقشت مع مختصين وسياسيين خطوة توافق الأطراف اليمنية على خارطة طريق لمرحلة انتقالية، والشروط السياسية والمالية لليمن من أجل العبور نحو السلام. وكذا الخطوات الفنية لمتابعة سير العملية الانتقالية لاستعادة الدولة اليمنية. وتخلل البرنامج نبذة تعريفية حول رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي.
واعتبر المحلل السياسي والإقتصادي جهاد العبيد، في مداخلة مع "الشرق" قرار إنشاء مجلس القيادة الرئاسي في اليمن "قرارًا تاريخيًا حيث لم يسبق في تاريخ اليمن أن صدر قرار بهذا الحجم ويوحد اليمنيين بهذه الطريقة". وقال إنه "قرار جرئ من الرئيس منصور هادي يجمع جميع أطياف اليمن ولديه صلاحيات واسعة هي صلاحية الرئيس ونائب الرئيس وبتأثير متساو لكل أطياف اليمن في هذا المجلس".
فلاشات
وضمن تغطيتها للحدث، أنتجت العديد من القنوات التليفزيونية والمنصات الإعلامية الشهيرة "فلاشات" حول خطوة تشكيل المجلس والتعريف بأعضائه واختصاصاته ومهامه المستقبلية.
ومن ضمنها منصّة "إي جي بلس" التي تضم مليون متابع، أنتجت فلاشاً سلطت فيه الضوء على قرار تشكيل المجلس واستعرضت فيه الترحيب الدولي والدعم السعودي الذي تلى الخطوة.
كما أنتج بي بي سي نيوز، فلاشاً مماثلاً عن المجلس ومكوناته ومميزاته وأهميته وإمكانية أن يغيّر الواقع في البلاد.. متسائلاً عن إمكانية إنها الحرب في اليمن بعد نقل الرئيس هادي صلاحياته.
اهتمام مكثف
ومن جانبها، الصحف والوكالات والمواقع الإخبارية العربية والدولية، أولت اهتماماً خاصاً ومكثّفاً بتفاصيل الحدث وأطرافه وتداعياته على الواقع السياسي والأمني والإنساني في اليمن.
ونشرت وكالة "رويترز" تقريرًا بعنوان "نظرة فاحصة: السعودية تعيد تنظيم تحالف اليمن في مسعى للخروج من المستنقع". وحاول التقرير الإجابة على الأسئلة "لماذا هذا التحرك مهم؟" و"لماذا الآن؟" وما هي توقعات السلام؟" و"من هم أعضاء المجلس؟".
فيما تطرّقت وكالة شينخوا الصينية، إلى تعهّد رئيس المجلس الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي في أول خطاب له منذ تعيينه في المنصب وجهه إلى اليمنيين يوم الجمعة (8 أبريل) بالعمل على إنهاء الحرب وإحلال السلام في البلاد.
وقال العليمي في الخطاب: "إن هذا اليوم من أيام تاريخ شعبنا اليمني، تم فيه اجتماع الكلمة ورص الصفوف وتوافقت فيه كافة القوى السياسية في بلادنا سعياً منها لإنها الحرب وبناء السلام وذلك بإعلان مجلس القيادة الرئاسي والذي يمثل كافة الكيانات بمختلف أطيافهم وهو تعبير عن الهدف والمصير المشترك".
وأضاف "نتطلع إلى أن يكون هذا المجلس نقطة تحول في مسيرة استعادة الدولة ومؤسساتها وتحقيق تطلعات شعبنا في الأمن والاستقرار والتنمية".
وتعهد العليمي في خطابه للشعب اليمني "بالعمل على إنهاء الحرب وإحلال السلام".. مؤكدا أن "المجلس هو مجلس سلام، إلا أنه أيضاً مجلس دفاع وقوة ووحدة صف مهمته الذود عن سيادة الوطن وحماية المواطنين". كما أكد العليمي على أن "المجلس سيقف سداً منيعاً لمواجهة الإرهاب بكافة أشكاله كما سيعمل على مكافحة النزاعات الطائفية الدخيلة".
إحراج الحوثيين
وخصصت صحيفة البيان الإماراتية افتتاحيتها لتسليط الضوء على تشكيل المجلس القيادي في اليمن. وجاءت الإفتتاحية تحت عنوان: "اليمن.. المجلس الرئاسي يعبّد طريق السلام".
وقالت افتتاحية البيان إنّ "المجلس الجديد، أحرج الحوثيين، عبر خطابه الملتزم بالسلام، ووضعهم أمام استحقاقات للخروج بالبلاد من النفق المظلم الذي تعيش فيه منذ 2014.
وأشارت إلى أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، أشاع "أجواء من التفاؤل في كل أنحاء البلاد، وعزّز الآمال بقرب حلول السلام، وطي صفحة الحرب". مشيرة إلى أن "أصداء هذا التغيير واضحة في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث ينظر السكان إلى المجلس الرئاسي، على أنّه نافذة أمل لاستعادة السلام وإنهاء معاناة الملايين".
وفي السياق ذاته، نشر موقع بي بي سي نيوز، تقريراً بعنوان "هل يكتب تشكيل مجلس قيادة رئاسي نهاية الصراع اليمني؟" تطرق فيه إلى الإعلان والمهام والاختصاصات والترحيب والرفض الحوثي للخطوة. وكذا توقيت الإعلان برعاية مجلس التعاون الخليجي.
وتحت عنوان صفحة جديدة، أورد التقرير رأي المحلل في مجموعة الأزمات الدولية بيتر سالزبري، الذي اعتبر أن هذا "التحول هو الأكثر تأثيرا في الإجراءات الداخلية في التكتل المعادي للحوثيين منذ بداية الحرب". لكنه أشار إلى أن تطبيق بنود هذا الاتفاق سيكون "معقدا".
لقاءات أخويّة
وبرز موقع وصحيفة "الشرق الأوسط" كأنشط وسائل الإعلام الدولية في تغطية خطوات تشكيل المجلس الرئاسي أوّلاً بأول من خلال الأخبار والتقارير والحوارات ومقالات لأهم الكتاب العرب.
ووصفت صحيفة الشرق الأوسط قرار الرئيس هادي بتشكيل مجلس رئاسي بصلاحيات كاملة لاستكمال المرحلة الانتقالية في اليمن، بأنه "تحول جذري وتاريخي للأزمة اليمنية".
وتطرق التقرير الذي نشرته يوم الجمعة إلى قيادات المجلس واختصاصاته وصلاحياته وأسباب هذا القرار، ومهامه المستقبلية في اليمن.
وفي تقرير آخر نشر الأثنين (11 أبريل) تناولت اللقاءات اليمنيةـ اليمنية التي تجري في الرياض عقب تشكيل المجلي، وقال إنها تأتي "لتعزيز وحدة الصف والتمهيد لبدء حقبة جديدة" في اليمن. موضحاً أن سلسلة اللقاءات حرص خلالها ممثلو المكونات السياسية والقبلية على لقاء عدد من قيادات مجلس القيادة الرئاسي، للتأكيد على وحدة الصف ومواجهة التحديات المشتركة.
وأورد آراء سياسيين يمنيين حولها، أكدت في مجملها أن "هذه اللقاءات ضرورية لتعزيز مفهوم مجلس السلام والقوة الذي تحدث عنه رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي في بيانه الأول، الذي لا يتجسد بغير تلاقي المختلفين آيديولوجياً وسياسياً".
ساعة عودة اليمن
ونشر موقع الشرق الأوسط مقالًا للكاتب والباحث الليبي الدكتور جبريل العبيدي بعنوان "عودة اليمن السعيد"، أشار فيه إلى أنه "بتشكيل مجلس رئاسي جديد في اليمن ستكون هناك انفراجة في حل الأزمة السياسية اليمنية، خصوصاً بين صفوف المعسكر المعادي للمتمردين الحوثيين". متسائلاً "هل حانت ساعة عودة اليمن السعيد، بعد زمن الحروب الأهلية والقتال الشرس؟".
وقال إن "اليمن سيعود سعيداً قريباً، بعد جهود عربية وبعد مفاوضات ماراثونية يمنية - يمنية جرت برعاية كريمة من المملكة العربية السعودية، التي كانت ولا تزال حريصة على عودة الاستقرار في اليمن المنقسم داخله بين شمالي وجنوبي، وحوثي وغير حوثي، لسنوات طويلة خاض فيها اليمنيون حروباً أهلية كانت بعضها حروباً بالوكالة، كتلك التي خاضتها جماعة الحوثي".
واعتبر العبيدي، تشكيل المجلس الرئاسي "خطوة البداية لعهد سياسي جديد في اليمن، يمكنها تهيئة الظروف لوضع حد للاقتتال في اليمن، ودعم المفاوضات بين جميع الأطراف، خصوصاً بعد أن سلم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الخميس، صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي".
وقال: "بتشكيل مجلس رئاسي في اليمن أصبح الحوثي أمام خيارين؛ فإما الدخول في مفاوضات والتخلي عن السلاح وفك الارتباط بالأجنبي، خصوصاً النظام الإيراني، والدخول في شراكة سياسية كباقي الأطراف اليمنية، أو مواجهة عسكرية خاسرة مع جميع اليمنيين."
كما نشر الموقع مقالاً آخر مقالاً بعنوان "الحكم اليمني الجديد" للكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد". اعتبر فيه الخطوة "تطور مهم" أولاً، لأنها ليست شكلية، ولا واحدة من مخرجات الحوار الكلامية، فالرئيس سلّم، عملياً، كل صلاحياته، وصار الحكم يضم معظم الفرقاء اليمنيين. ولعلها روح التطورات الأخيرة، المعارك التي تشارك فيها مقاتلون من أطراف يمنية مختلفة، وحققوا انتصارات فاجأت الحوثي الذي ظن أنه على وشك تسديد الضربة القاضية والاستيلاء على المناطق الحيوية. والتغيير أيضاً، يعكس التأقلم مع الأوضاع داخل المعسكر.
وقال إن "غاية اليمنيين ليست فقط الحؤول دون قيام «الدولة اليمنية الحوثية»، بل التخلص من الوكيل الإيراني، واستعادة الدولة.
وأضاف أن السنين السبع "الدامية تعلمنا أنه لن يحرر اليمن سوى اليمنيين، وهم مجتمعون، قادرون على هزيمة الميليشيا المسنودة من إيران.
معتبراً "هذا التوافق بين اليمنيين في الرياض، والتنازلات الكبيرة من الرئيس هادي، يعطيان رسالة واضحة في وجه المتغيرات الإقليمية، حتى لو تم الاتفاق الإيراني مع الغرب، بأن اليمن لن يكون إلا لكل اليمنيين وليس للفريق الإيراني".
وقال إن "التطور الذي وُلد في حوار الرياض بين اليمنيين ومخرجاته، والصياغة الجديدة لرئاسة اليمن الجماعية، تعني رفض المعارضة لـ«الواقع الحوثي»، واستكمال مهمة تحرير اليمن".
تأسيس لمرحلة مهمة
وتناول الشرق الأوسط تصريحاً للأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، قال فيه عبر حسابه الشخصي بـ«تويتر» إن "الخطوة الشجاعة والتاريخية التي اتخذها الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، في نقل السلطة لمجلس القيادة الرئاسي .. تؤسس لمرحلة مهمة وحاسمة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار لليمن والمنطقة".
مشيراً إلى أن "الصفحة الجديدة التي اختارها اليمنيون تتطلب استشعاراً للمسؤولية الوطنية من كافة شرائح المجتمع اليمني لبناء يمن سعيد يسمو بالعزة والشموخ، وينعم بالأمن والأمان ضمن منظومته الخليجية العربية، وينتقل من الفرقة والاختلاف والحرب إلى السلام والأمن والتنمية والازدهار".
وأكد على "استمرار تحالف دعم الشرعية في اليمن بدعم المجلس على كافة الأصعدة بما في ذلك الدعم العسكري، لحين الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة، فالشعب اليمني يستحق العيش بكرامة وسلام وأمن واستقرار".
*المصدر: الثورة نت