رئيس الوزراء يؤكد عزم حكومته على اتخاذ معالجات للتدهور الاقتصادي والحفاظ على سعر العملة الوطنية
الخميس 8 يوليو 2021 الساعة 23:56
يشهد الريال اليمني تراجعاً مخيفاً مقابل العملات الأجنبية، وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وزيادة حادة في أسعار السلع الغذائية، ما يفاقم معاناة المواطنين، الذين تتصاعد أصواتهم لمطالبة الحكومة التدخل العاجل لإنقاذ الريال من الانهيار.
هذه الدعوات المرتفعة، تعكس ارتباط المواطن بالدولة، ووثوقه بها، وهو ناتج عن الوعي الوطني بأهميتها، ولما يلمسه من تجاوبها في أحلك الظروف.
وهنا يمكن القول: إن استقرار العملة مرهون باستقرار سياسي واقتصادي، وهو ما ليس ماثلا اليوم، إذ يشهد اليمن حربا مع مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من ايران منذ أكثر من 6 سنوات، ما تسبب في أسوأ كارثة إنسانية لليمن في العالم خلال 2021 بحسب تقارير أممية. هذا بالإضافة الى الحرب الاقتصادية التي تشنها المليشيا على اليمنيين، بهدف افشال الحكومة الشرعية، من خلال الانقسام النقدي الذي أحدثته بقصر التعامل بالعملة القديمة في مناطق سيطرتها، ما تسبب في احداث فجوة في فارق الصرف وارتفاع عمولات الحوالات النقدية، علاوة على امتناعها توريد الإيرادات الى البنك المركزي في عدن، أو دفع مرتبات الموظفين العاملين في مناطق سيطرتها، أضف الى ذلك الى التلاعب بالمعونات الإنسانية واستخدامها ورقة لتجييش الناس في معاركها الخاسرة، أو بيعها في السوق السوداء...
هذا بالإضافة الى الوضع السياسي الذي يشهد انقساما في البيت الداخلي، والذي تعمل المملكة العربية السعودية على ترتيبه وإعادة لملمته، حتى تستطيع الحكومة القيام بواجباتها بأكمل وجه، من خلال الإصلاح المؤسسي والإداري، كمدخل مهم للاستقرار الاقتصادي، ومن ثم التوجه نحو الهدف الكبير بالقضاء على الانقلاب الحوثي، واستعادة كامل التراب اليمني.
هذه العوامل لا زالت مُعيقة في حقيقية الأمر للأداء الحكومي بالشكل الأمثل، لكنه لا يعفيها من القيام بمسؤوليتها الأخلاقية والوطنية، وتعزيز ثقة المواطن بها.
رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك كشف، أمس الأربعاء، خلال ترؤسه ونائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج، جلسة مباحثات رسمية رفيعة المستوى بين الحكومة والبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، عن إجراءات تقوم بها الحكومة إزاء هذا التدهور للعملة الوطنية.
المباحثات التي شارك فيها نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمؤسسة التمويل الدولية، سيرجيو بيمنتا، وبحضور المدير التنفيذي وعميد مجلس إدارة البنك الدكتور ميرزا حسن، سبقها اجتماعات مع البنك الدولي، سعيا من الحكومة للبحث عن فرص للتنمية المستدامة كمدخل حقيقي للسلام.
وفي كل اجتماعاته مع مسؤولي البنك الدولي لا يُخفي رئيس الوزراء العوائق التي تعترض حكومته، والآمال التي تعكس تطلعات ورغبات الشعب، فنجده يضعهم على حقيقة " الوضع الاقتصادي، والتحديات التي تواجه الحكومة في ظل شحة الموارد والضغط من اجل توفير الخدمات مع استمرار الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي الانقلابية، ورفض المليشيا لكل مبادرات السلام، وتداعيات ذلك على استقرار الاقتصادي الوطني وسعر العملة وبالتالي على حياة المواطنين في اليمن وتفاقهم الازمة الإنسانية".
وهو ما أكد عليه في المباحثات الأخيرة التي شكر فيها البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية على دعمهم لليمن وانهم شركاء أساسيين في الجوانب الإنسانية والاقتصادية والتنموية وبناء المؤسسات، منوهاً بما تم إنجازه من عمل مشترك خلال الفترة الماضية وضرورة استمرار هذا التعاون بما يؤدي الى تخفيف حدة الازمة الاقتصادية التي تمر بها اليمن وأبرزها تضخم أسعار السلع والخدمات وتراجع قيمة العملة الوطنية، والتي فاقمتها الإجراءات التي اتخذتها مليشيا الحوثي فيما يخص السياسات النقدية.
رئيس الوزراء يكشف عن معالجات لإنقاذ العملة
وفي الاجتماع أكد رئيس الوزراء على أهمية دعم الاقتصاد الوطني، والذي يحتاج الى تحديد مكامن الخلل في الإنفاق الحكومي، وإيجاد بيئة ملائمة ومناسبة للدفع بهذه الإصلاحات من ذلك اصلاح وتفعيل مؤسسات الدولة.
حيث أحاط رئيس الوزراء البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، بالقرارات التي تعتزم الحكومة اتخاذها لمعالجة التدهور الاقتصادي والحفاظ على سعر العملة الوطنية ووقف تراجعها، والدعم الدولي المطلوب في هذا الجانب، بما في ذلك معالجة الاستنزاف الذي يشكله قطاع الكهرباء لمالية الدولة .. مشيرا الى اعتزام الحكومة وبتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية اجراء تغييرات أساسية في عدد من المؤسسات بغرض إصلاحها وتفعيلها.
تعزيز الشراكة مع البنك الدولي
وهذا الأمر في غاية الأهمية، إذ تسعى الحكومة من خلاله إلى تعزيز دور المؤسسات الوطنية في تنفيذ المشاريع وبناء قدراتها، والاستفادة من خبرات البنك في الإصلاح المؤسسي.
كما تهدف الحكومة من خلال هذه الشراكة ـ بحسب مراقبين ـ الى ضبط التدخلات الخارجية بما يحقق التنمية المستدامة، وفق الأولويات المُلحة، التي تساهم في الاستقرار الاقتصادي، وأن يستفيد الجميع من هذه التدخلات، بعد العبث الكبير الذي كشفته تقارير في المنظمات التي نفذت مشاريع سابقة، فإضافة إلى ما شابها من قصور واختلالات، لم تك ذات بُعد استراتيجي بل كانت آنية ومحدودة جداً.
وهو ما أكد عليه الدكتور معين عبد الملك، في الاجتماع، إذ " شدد على أهمية التفكير في الجانب الاقتصادي كمدخل أساس لمعالجة الازمة الإنسانية الكارثية في اليمن.. مشيرا الى ان كل التدخلات السابقة في اليمن من المانحين والأمم المتحدة كانت آنية ومحدودة، ولم يتم إعطاء الملف الاقتصادي أولوية على الرغم من أهميته.. وقال " علينا ان ندرك ان استدامة التدخلات هو عبر مؤسسات الدولة ونحن منفتحين على الشراكة مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية، في التخطيط وتحديد جوانب العمل ذات الأولوية، نريد ان نستفيد ونستند الى خبرات البنك الدولي الفنية والقانونية في بناء وإصلاح مؤسسات الدولة والقطاعات الحيوية، كما نريد ان يستفيد من هذه التدخلات كل أبناء اليمن دون استثناء".
هذا الحرص من رئيس الوزراء في الإصلاح المؤسسي وتعزيز الشراكة، يؤكد جديته وعمله الدؤوب في اصلاح وتفعيل مؤسسات الدولة، وأنه رجل دولة، يسير بخطى ثابته وواضحة، فهو حين يضع التحديات يضع بجوارها الحلول ويقترح المقترحات.
وهنا نجده يضع بعض المقترحات إلى جانب المقترحات السابقة حيث قال في الاجتماع: " نحتاج شراكة مع البنك الدولي والاستفادة من خبرات البنك في تصميم محفظة مشاريع خدمية وحيوية، وسنحتاج لدعم البنك الدولي في الجانب الاجرائي والقانوني وتنفيذ المشاريع وبآلية سريعة، وبالتأكيد لابد ان يرافق هذا الامر سياسة اصلاح، ومن المهم ان نتوافق حولها حتى تكون عملية وقابلة للتنفيذ وتراعي ظروف اليمن الحالية، وبما يشجع المجتمع الدولي على تقديم دعم أكثر فاعلية لليمن".
أهمية ونتائج المباحثات في الجانب الاقتصادي
ويمكن القول إن المباحثات ناقشت جوانب عملية وفنية، للإصلاح الاقتصادي، وتطرقت الى بعض التفاصيل المهمة والعاجلة التي تساهم في تخفيف الوضع الإنساني في اليمن.
فقد استعرضت مجالات التعاون القائمة بين الحكومة والبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، والخطط المستقبلية في تنفيذ المشاريع على ضوء الأولويات الراهنة، وبما يساعد الحكومة على القيام بواجباتها والتزاماتها في تخفيف الازمة الإنسانية.
كما ركزت على اليات وخطط انشاء الصندوق الائتماني متعدد المانحين، والدور المعول في دعم الاستقرار في اليمن، بتمويل مشاريع أساسية في قطاعات النقل والكهرباء وغيرها من القطاعات الحيوية، إضافة الى تقديم الدعم اللازم للحكومة في سياسات الإصلاحات وتفعيل عمل المؤسسات وفي مقدمتها البنك المركزي اليمني ومصافي عدن وغيرها.
وناقشت ما يمكن أن تقوم به مؤسسة التمويل الدولية في تقديم حزمة تسهيلات تجارية ما يسهم في توفير العملة الصعبة لاستيراد المواد الغذائية والأساسية، وتخفيض قيمة التامين للشحن الى الموانئ اليمنية، والمساعدة في توفير البيئة المناسبة لنمو القطاع الخاص في عدد من القطاعات الحيوية منها الاتصالات والاسماك وغيرها.
بدوره أكد البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، استعدادهم لتقديم الدعم الفني وحشد التمويلات الدولية لدعم الحكومة والحرص على العمل مع المؤسسات اليمنية باعتبارها تجربة مستدامة وناجحة كما اثبتت الفترة الماضية وسيعملون على تعزيزها.. مشيرين الى هناك نقاشات جادة مع المانحين بشأن الصندوق الائتماني متعدد المانحين واهميته في تحقيق الاستقرار والسلام في اليمن.
ونخلص الى أنه رغم التحديات التي تقف عائقاً أمام الحكومة للقيام بمسؤولياتها أمام مواطنيها بالشكل المطلوب، إلا أنها تُشاطر مواطنيها المعاناة وتبحث عن كل السُبل الكفيلة لرفعها، ومن ذلك هذه المباحثات التي تأتي في سياق البحث عن حشد تمويلات دولية لدعمها في القيام بواجباتها والتزاماتها بتخفيف الأزمة الإنسانية.
إضافة الى ما كشف عنه دولة رئيس الوزراء من أن ثمة قرارات تعتزم الحكومة اتخاذها لمعالجة التدهور الاقتصادي والحفاظ على سعر العملة الوطنية ووقف تراجعها، واعتزامها أيضا وبتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية اجراء تغييرات أساسية في عدد من المؤسسات بغرض إصلاحها وتفعيلها
متعلقات