سبأنت : كتب المحرر السياسي
في ظل تعاظم التحديات التي تواجه أعظم منجز في تاريخ النظال اليمني تحل علينا الذكرى الـ 31 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الـ22 مايو، خاصة مع التصعيد العسكري لميليشيا الحوثي الإنقلابية التي جندت نفسها لتحقيق أجندات خارجية إستعمارية وتوسعية هدفها تمزيق الوطن كما كان سابقاً وتمزيق النسيج الإجتماعي والفريد للشعب اليمني والسيطرة على مقدراته واستهداف هويته وانتمائة لأمته العربية.
إن الوحدة اليمنية التي كانت حلماً يراود كل يمني لم تكن منجزاً وليد اللحظة أو جاء بمحض الصدفة، بل كانت نتاج نظالات كبيرة وتضحياتٍ جسام بدأت محطاتها الاولى مع الحركة الوطنية الثورية في شمال البلاد في نظالها ضد النظام الإمامي الكهنوتي التي اعتمد سياسة العزلة والتجهيل والتحقير للمجتمع وفي الجنوب بنظالها ضد الإستعمار الذي اعتمد سياسة التفرقة والتمزيق واثارة الانقسامات والعداوات بين ابناء الوطن الواحد، ومرت بصعوبات ومخاضات عسيرة، لكن إرادة الشعب الكبيرة في شطري اليمن، وتضحياتهم الكبيرة جعلت تلك الجهود تتجاوز كل العراقيل وصولاً إلى الإعلان عن تحقيقها في الـ 22 من مايو عام 1990م وسط فرحة شعبية واسعة ومباركة عربية وإقليمية ودولية.
وجسد الإعلان عن الوحدة حقيقة راسخة في التاريخ تشير إلى شعب واحد منذ الأزل ثقافة وهوية ولغة وتاريخا وجغرافيا، فلقد عاش شعبنا اليمني كشعب واحد طوال فترات التاريخ حتى في فترات التشظي والانقسامات والصراعات بقي هذا الشعب واحدا وعظيما وسيبقى دائما وأبداً في ظل دولته الإتحادية العادلة.
لقد مثل تحقيق الوحدة اليمنية انطلاقة كبرى لإحداث تغييرات إيجابية هائلة في حياة شعبنا، كما أنها كانت الحدث الأبرز والمنجز العظيم على المستوى الوطني والعربي، وكانت نقطة مضيئة في السماء العربية الملبدة بالوهن والضعف والانقسام، وأعادت الأمل إلى طريق تحقيق الوحدة العربية الشاملة.
وكان يمكن أن تتضاعف عطاءاتها وإنجازاتها لولا العديد من التحديات والمتغيرات والإخفاقات الكثيرة والاخطاء السياسية التي لا تتحملها الوحدة باعتبارها ملك للشعب وهي انجاز حققه بإرادته الصلبة وانما يتحمل تلك الاخطاء من قاموا بها وحاولوا الاستئثار بها وسعوا نحو مصالحهم الشخصية والضيقة.
ولقد تنبهت القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، وعملت مع الأحزاب والقوى الوطنية على إيجاد معالجات لها، فخرجت بصيغة جديدة تحفظ بقاءها وتحقق تطلعات ابناء شعبنا في الحرية والعدالة والمشاركة السياسية والاجتماعية تجلت في إقرار الدولة الاتحادية من خلال وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شارك فيه ممثلون عن كافة أطياف الشعب السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والفنية والمرأه والشباب.
وكان اليمنييون على موعد مع ميلاد دولة جديدة من خلال البدء بخطوات اعداد دستورها الجديد الذي تم صياغة مسودته وفقاً لوثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل لكن ميليشيا الحوثي الإنقلابية انقلبت على تلك الجهود بإنقلابها على السلطة الشرعية والسيطرة على مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية في سبتمبر 2014 وتعطيل مسيرة بناء الدولة الاتحادية التي يتطلع إليها اليمنيون، بدعم وإملاء خارجي هدفه إيجاد قواعد لقوى معادية بهدف تحقيق طموحاتها التوسعية وتهديد أمن وإستقرار المنطقة والأقليم وممر الملاحة، وتحويل اليمن الى منصة لانطلاق هجماتها التوسعية والتخريبية واعادة بممارساتها إلى عصر الإمامة الكهنوتية البائدة الذي تخلص منها اليمنيون قبل 59 عاماً إلى غير رجعة .
كاد حلم اليمنيون الأعظم أن يتبدد لولا تدخل الأشقاء بالتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإنهاء هذا الإنقلاب وإعادة السلطة الشرعية إلى البلاد، والقضاء على المشروع السلالي الطائفي الذي تتبناه تلك الميليشيات المدعومة من إيران وأشعلت بسببه حرباً داخلية قوضت السلم الإجتماعي وأجهز على مؤسسات الدولة، فانطلقت عاصفة الحزم وتلتها عملية اعادة الأمل لتعيدان الروح إلى مشروع الدولة الإتحادية القائمة على مبدأ المساواة والعدالة في الفرص وتوزيع الثروات.
ولم يقف أبناء الشعب اليمني مكتوفي الأيدي بل انخرط الألاف من الشباب في صفوف قوات الجيش الوطني ومقاومته الشعبية للمشاركة في الدفاع عن دولتهم ضد المشروع السلالي الطائفي وإيماناً منهم بضرورة الحفاظ على الوحدة التي يرون أنها تعزز صلابة المجتمع وقدرة الدولة على تحقيق الرفاه والخير والسعادة للجميع بصورة متساوية.
فالميليشيات الحوثية الإنقلابية كانت ولازالت ترى في الوحدة الوطنية خطراً حقيقياً على مشروعهم السلالي، لذلك ظهرت تلك الميليشيات بمظهر اللا مبالي لمستقبل الوحدة، بل أنها كرست كل تحركاتها في الآونة الأخيرة لتعيد إحياء عصر الإمامة، وصعدت عسكرياً شمالاً وجنوباً على طريق تحقيق هذا المشروع، متناسية عن عمد أو غير عمد أن الشعب اليمني بثقافته وتاريخه وحضارته لن يسمح لأي كان بالمساس بوطنه أو جر البلاد نحو مشاريع التقسيم والتجزئة والفوضى والعنف والإرهاب سواء كانت هذه الدعوات والمحاولات داخلية أو خارجية.
إن التحديات التي تواجه الوحدة اليمنية وهي تحتفل بعيدها الـ 31 تستدعي من أبناء الشعب اليمني أن يقفوا صفاً واحداً خلف قيادتهم السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، للقضاء على مشروع ميليشيا الحوثي الإنقلابية السلالي الطائفي أولاً، وكافة مشاريع التقسيم، وصولاً إلى إقامة الدولة الإتحادية التي أجمع عليها اليمنيون بمختلف فئاتهم ومكوناتهم في صورة عكست حكمتهم وحضارتهم التي تعانق السماء وتضرب في أعماق التاريخ.