في ظل حكم الانقلاب .. كارثة تعصف بالعاصمة صنعاء وأكثر من 864 مصاب خلال يوم واحد فقط وأحد الضحايا طبيب معالج
الأحد 31 مارس 2019 الساعة 19:23
الحكمة نت
أفادت مصادر طبية في صنعاء، بوفاة أحد الأطباء العاملين في مركز علاج الإسهال والكوليرا في مستشفى السبعين في أمانة العاصمة، من جراء إصابته بالمرض نفسه.
وقال مصدر في المستشفى لـ"العربي الجديد"، إن أخصائي الأطفال الدكتور محمد عبد الواحد عبد المغني (60 عاماً)، وهو أحد الأطباء العاملين في مركز علاج الإسهال والكوليرا في مستشفى السبعين بصنعاء، توفي يوم 28 مارس/ آذار الماضي، من جراء مضاعفات مرض الكوليرا.
وأوضح المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، أن أعراض المرض ظهرت على الطبيب يوم 24 مارس/ آذار الماضي، وعلى أثرها تم إخضاعه للعلاج في المركز الذي يعمل فيه، بعد التأكد من إصابته بالكوليرا، لكن حالته الصحية تدهورت وتوفي بعدها بخمسة أيام.
وأشار المصدر، إلى أن الطبيب المتوفى كان يعمل في مركز علاج الكوليرا بالمستشفى منذ بداية تفشي الوباء في البلاد، إذ كان يقوم بإسعاف المرضى ويقدم الخدمات الطبية والعلاجية للمئات منهم.
وبحسب تقرير صادر عن إدارة الترصد الوبائي ان إجمالي عدد حالات الإصابة والاشتباه بالكوليرا، خلال يوم الخميس الماضي فقط، بلغ 864 شخصاً، توفي منهم 3 حالات.
ووفقاً للتقرير، الذي اطلع عليه "العربي الجديد"، إن مديرية بني الحارث تتصدر حالات الإصابة بـ180 حالة، تليها مديرية معين بـ156 حالة، ثم مديرية السبعين بـ128 حالة توفيت منها حالتان، وجاءت مديرية شعوب في المركز الرابع بـ112 حالة، تليها مديرية الصافية بـ75 حالة، ثم مديرية الثورة بـ52 حالة، فمديرية آزال بـ43 حالة، تليها مديرية صنعاء القديمة بـ28 حالة توفيت منها حالة واحدة، ثم مديرية التحرير بـ28 حالة.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة، إن إجمالي عدد حالات الإصابة والاشتباه بالكوليرا والإسهال المائي الحاد في اليمن، منذ مطلع العام وحتى منتصف مارس/ آذار الجاري، بلغ 109 آلاف شخص، كما توفي 190 شخصاً خلال الفترة نفسها.
ووفقاً للمنظمة، إن إجمالي عدد الإصابات والحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا خلال العام الماضي بلغ 295 ألف حالة، توفي منها 400، ثلثها لأطفال ما دون الخامسة، مؤكدة أن معدل حالات الإصابة انخفض خلال 2018، بنسبة 75 في المائة، مقارنة بعام 2017.
وفي هذا السياق اتهم وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية عزي شريم الجماعة الحوثية في صنعاء بإيقاف شبكات الصرف الصحي في العاصمة صنعاء، وقال إن المحطة الرئيسية متوقفة منذ أكثر من 10 أيام، بحسب المعلومات المتوفرة لديه. واستغرب الوزير شريم من إقدام الجماعة الحوثية الموالية لإيران على مثل هذه الخطوة الخطيرة التي من شأنها المساهمة الكبيرة في تفشي وباء الكوليرا، إضافة إلى تساهل الجماعة في عملية الإشراف على آبار مياه الشرب ومحطات التعبئة وتعمدها تدمير شبكات الصرف الصحي في أحياء العاصمة.
وأوضح شريم أن كل ما يخص المساعدات الدولية المقدمة لقطاع المياه والبيئة في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية واضح ويخضع لعمليات الرصد والتتبع والمراقبة، بخلاف ما هو عليه الوضع في مناطق سيطرة الميليشيات سواء في صنعاء أو في غيرها من المناطق. ولأن المنظمات الدولية، وبخاصة التابعة للأمم المتحدة، تنفذ مشاريعها الداعمة للإصحاح البيئي ومياه الشرب في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين بالتنسيق المباشر مع قادة الميليشيات الحوثية دون إطلاع الحكومة الشرعية على تفاصيل هذه المشاريع لإقرارها، لم يستبعد الوزير اليمني ذهاب أغلب هذا الدعم إلى جيوب مشرفي الميليشيات الحوثية، مثله مثل بقية جوانب المساعدات الإنسانية الأخرى التي يلتهمها فساد الحوثيين. بحسب قوله.
وعلى الرغم من الضغوط الكبيرة التي يمارسها قادة الجماعة الحوثية على المنظمات الدولية بسبب وجود المكاتب الرئيسية لهذه المنظمات في صنعاء، فإن ذلك بحسب الوزير شريم لا يعفي المنظمات من تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن وبخاصة ضرورة التنسيق مع الحكومة الشرعية ووزارة المياه والبيئة عند إعداد خطط المشاريع المقترح تنفيذها والاتفاق على آليات مناسبة من أجل الرقابة عليها.
وأكد الوزير اليمني أنه جرى كثير من اللقاءات والنقاشات مع المجتمع الدولي بشأن هذه التفاصيل، أملا في أن تتحسن الأمور في الفترة المقبلة، بما يضمن تحقيق المشاريع لأهدافها التي تخدم السكان بعيدا عن عبث الجماعة الحوثية وسعيها إلى الاستثمار في الحالة الإنسانية لاستدرار عطف المنظمات الدولية وتسخير المنح المقدمة لتمويل المجهود الحربي. وكانت تقارير أممية تحدثت قبل أيام عن عودة قوية لوباء الكوليرا في صنعاء، مشيرة إلى تسجيل نحو 110 آلاف حالة إصابة منذ بداية السنة بالإسهالات المائية في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مع تأكيد وفاة 100 شخص على الأقل بالوباء خلال الفترة نفسها.
واستنفرت المنظمات الدولية العام الماضي جهودها للحد من تفشي الوباء، وقامت بتنفيذ كثير من الحملات المتنوعة على صعيد تنقية مياه الشرب وتعقيمها وتوزيع مواد التعقيم والنظافة على السكان في صنعاء، إلى جانب إعادة تشغيل محطات الصرف الصحي وترميم الشبكات التي خرجت عن الخدمة.
ويتهم موظفون تحت سلطات الانقلاب في صنعاء الجماعة الحوثية بأنها مسؤولة كليا عن عودة المرض لجهة ممارسة عناصرها في أحياء العاصمة، التي أدت إلى تدمير جزئي لشبكات الصرف الصحي.
وبحسب مصادر محلية، تقوم الجماعة الحوثية في صنعاء وبقية المدن الواقعة تحت سيطرتها بشن حملات على السكان لإرغامهم على تسديد فواتير استخدام شبكات الصرف الصحي، مع أن مشاريع المياه الرئيسية متوقفة منذ الانقلاب، حيث يعتمد السكان على صهاريج المياه المنقولة إلى منازلهم عبر شاحنات نقل الماء (الوايتات). وحين يرفض سكان الأحياء دفع هذه الفواتير التعسفية، يقوم الموظفون الحوثيون في صنعاء بإغلاق شبكات المجاري عن المنازل والأحياء التي يرفض سكانها الدفع وهو ما يؤدي لاحقا إلى طفح المجاري في الأحياء والمنازل وتحويل كثير من المربعات السكنية إلى مستنقعات مشبعة بكل أنواع الميكروبات.
واتهم السكان في مدن حجة وصنعاء وصعدة وذمار الجماعة الحوثية باستغلال معاناة السكان وإرغامهم على دفع فواتير المياه التي مولتها وأنشأتها المنظمات الدولية مثل اليونسيف في أكثر من مكان عبر استخدام تقنية الطاقة الشمسية في ضخ المياه، غير أن الجماعة تحرص على استثمار هذه المشاريع لتشكل لها عائدا ماديا تستخدمه في المجهود الحربي ولإثراء قادتها المحليين.
وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن تزداد الأحوال سوءا في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية مع حلول موسم الأمطار، وهو ما يعني توفير بيئة مناسبة لتلوث مياه الشرب وارتفاع نسبة الإصابة بوباء الكوليرا.
وكانت إحصاءات المنظمة الدولية أشارت العام الماضي إلى إصابة أكثر من مليون شخص في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية بالإسهالات المائية، قبل أن يؤدي التدخل الإنساني إلى انحسار الأوبئة. ويتهم مواطنون في صنعاء الجماعة الحوثية بأنها تغض الطرف عن عملية سقي الخضار والفواكه ونبتة القات شائعة الانتشار بالمياه الملوثة الناجمة عن شبكات الصرف الصحي والتي تصب في شمال العاصمة صنعاء، وهو ما يعني إصرار الجماعة على زيادة تفشي المرض. واستدل مراقبون بخلو المناطق الخاضعة للشرعية من الأوبئة المختلفة التي تظهر في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، وخاصة وبائي الكوليرا والسل، وهو ما يعني - بحسب المراقبين - وجود أياد حوثية صريحة تقف وراء تفشي الأوبئة لاستثمار ذلك في أروقة المجتمع الدولي وتحميل الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها المسؤولية عن ذلك.
متعلقات