على مدى الاربعة الأشهر المنصرمة كرست الحكومة الشرعية جهودها وانشطتها وبشكل حثيث ودؤوب في سبيل معالجة واصلاح اختلالات الجانب الاقتصادي الذي يشهد أزمات عاصفة ومتلاحقة، وكذا تفادي ما يواجهه من تحديات كبيرة وخطيرة القت بآثارها وتبعاتها على مختلف مجالات الحياة في اليمن وتحديدا المعيشية منها، وذلك نتيجة للحرب المدمرة التي تشنها مليشيا الانقلاب الحوثية على الشعب اليمني منذ اربع سنوات، الى جانب ما تمارسه من هدر وهبر لموارد الدولة وممتلكاتها ومقدراتها في شتى المناطق والمحافظات التي لا تزال خاضعة لسيطرتها.
وفي هذا الاطار سعت الحكومة خلال الفترة الماضية الى اتخاذ جملة من القرارات والاجراءات والتدابير الهامة حسب متابعة «الحكمة نت» الرامية جميعها الى الحد من تداعيات الازمة الاقتصادية، ووقف عملية التدهور المتسارع الذي شهدته العملة المحلية، وتعافي الاقتصاد الوطني بشكل عام .. وهو الامر الذي افصح عنه رئيس الحكومة دولة الدكتور معين عبدالملك في نوفمبر المنصرم بقوله: «إن تركيز الحكومة في المرحلة الحالية ينصب على الجانب الاقتصادي والخدمي، كون المواطن لا يريد الاستماع للسياسة ووضعه مضطرب، ولا يستطيع أن يجد قوت يومه».
انقاذ القطاع المصرفي
واكد رئيس الوزراء في تصريح تصريحة حينها الذي رصده «الحكمة نت»: ان موضوع السياسة الاقتصادية والنقدية أعاد الثقة نوعا ما، مشيرا الى ان النظام البنكي كان على وشك الانهيار وتحديدا قطاع البنوك التجارية، لكن الحكومة عملت على تحسينه وعززت من دور البنك المركزي وهو الامر الذي انعكس بصورة سريعة على المواطن .. لافتاً الى ان الحكومة صارت تتحكم بموضوع طباعة العملة بشكل كبير، وتمويل الموازنة من مصادر غير تضخمية، لافتاً إلى وجود مؤشرات جيدة تساعد على الاستقرار، في القطاع البنكي والمصرفي.
انجاز كبير
وقامت الحكومة الشرعية ولا زالت تقوم بالعديد من الإجراءات للحد من انهيار الوضع الاقتصادي، منها تعديلها أسعار الصرف لتغطية الاعتمادات البنكية للسلع الأساسية .. الى جانب وأصدارها سندات مالية بقيمة 100 مليار ريال لتغطية عجز الموازنة من مصادر غير تضخمية، بنسبة فائدة مرتفعة، وصلت إلى 17% .. وهو الامر الذي اعتبره خبراء اقتصاديون انجازا كبير سيما في ظل تأثر البلاد بالتجاذبات السياسية والعسكرية وملفات الفساد ومراكز القوى .. مؤكدين أن مساعي الحكومة تلك ستساهم في حصولها على ثقة دول التحالف والدول المانحة، الامر الذي سيدعم خطوات المعالجات التي تقوم بها الحكومة واللجنة الاقتصادية والبنك المركزي اليمني بعدن.
ترشيد النفقات
والى ذلك نجحت الحكومة الشرعية في تحقيق العديد من النجاحات فيما يتعلق نتحسين الموارد حيث حققت جملة من الأسس والافتراضات الخاصة بالموارد التقديرية وتوظيفها في مواجهة الالتزامات والمتطلبات الحكومية والنفقات العامة .. كما عملت على ترشيد وتخفيض النفقات العامة من خلال اعتمادها سياسة نقدية تقشفية وتقليص الإنفاق بهدف تخفيض العجز في الموازنة، ومراعاة للمتغيرات وعملية النقص في الموارد الناتجة عن انقلاب مليشيا الحوثي والحرب القائمة .. بالاضافة الى نجاحها في تحسين الأداء وتعزيز الرقابة تحسين أداء الجهاز الإداري والمالي للدولة، وتعزيز الرقابة على السلع، واعتماد آليات كفيلة بتجاوز مختلف العقبات، وكل ذلك بهدف ضمان تعافي الاقتصاد واستقرار سعر صرف العملة المحلية وكذا أسعار السلع الاساسية الخاصة بمعيشة المواطن.
أسباب التدهور
وأكد العديد من خبراء الاقتصاد لـ«الحكمة نت»: أن أحد أسباب التدهور الاقتصادي، وانهيار الريال أمام الدولار منذ البداية، هو قيام مليشيا الحوثي الانقلابية في مناطق سيطرتها، بتعطيل القطاع البنكي التجاري، ومنع صرف أي أرصدة للعملاء فيه، كخطوة لإيقاف دورة السيولة النقدية .. مشيرين الى ان ذلك ادى الى خلق بيئة مناسبة لوجود قطاع مصرفي موازي غير منضبط ولا يخضع لأي رقابة .. الى جانب اصدار تلك المليشيا قرار بتعويم سعر المشتقات النفطية، ما يعني رفع الرقابة عن تجارها .. الأمر الذي أدى إلى استنزاف العملة خارج إطار القطاع البنكي والرقابة عليه، ومكن مليشيا الحوثي من دعم وتوسيع نشاط شركات ومؤسسات الصرافة غير المنضبطة، وبذلك تفاقمت الازمات الاقتصادية وانهارت العملة.
ضبط سعر العملة
ومن أبرز الإجراءات والمعالجات التي اتخذتها الحكومة توجيهها للبنك المركزي بتحديد سعر بيع جديد للدولار بمبلغ «585 ريال»، الى جانب قيام البنك المركزي بضخ جزء من المنحة السعودية، تمثلت بـ«200» مليون دولار للبنوك والسوق .. بالإضافة الى تمكن الحكومة من إعادة تصدير النفط، ووصول فعلي لمنحة المشتقات النفطية السعودية المخصصة للكهرباء، وتخفيف طلب بمقدار 60 مليون دولار، خاصة وأنه يمثل طلب حكومي عادة، كان يستحوذ 100 مليون دولار لطلب قدره 60، وكذا الشراء الحكومي الحاصل للدولار بسعر مبالغ فيه سابقاً.
تنظيم الاستيراد
كما ان قيام الحكومة بتطبيق جملة المعالجات التي أقرتها اللجنة الاقتصادية ومجلس الوزراء سابقا، ساهم الى حد كبير في حدث انفراجة في الجانب الاقتصادي .. خصوصاً ما يتعلق بالاستيراد، بما في ذلك وقف استيراد سلع معينة وتنظيم استيراد سلع أخرى غير مغطاة، بالإضافة إلى توقع توقف حالة المضاربة السياسية التي سادت في أسواق المحافظات الجنوبية خلال شهري أغسطس وسبتمبر، وجميعها من شأنها أن تخفف الطلب على الدولار، أو توفر عرض مقابل منه، الامر الذي أدى في النهاية إلى انخفاض سعره.
تطوير الاداء الحكومي
وركزت الحكومة خلال الفترة الماضية على موضوع تحسين أو تطوير الأداء الحكومي في مختلف الوزارات والمؤسسات والاجهزة الحكومية، حيث شددت على ضرورة تعزيز مبدأ الشفافية والرقابة الداخلية، وفعلت نشاط جهاز الرقابة والمحاسبة، وهو الامر الذي سيسهم بدوره في الحد من عمليات الفساد والعبث الذي تشهده بعض المؤسسات .. ناهيك عن تركيزها وحرصها على الجانب التنموي المتمثل في الاهتمام بتنفيذ المشاريع الخدمية المرتبطة بحياة المواطن المعيشية، وذلك بهدف الاسهام بشكل فعلي في تحقيق التنمية الشاملة في المحافظات المحررة.
تأييد ومباركة شعبية
وقوبلت تلك الاجراءات والمعالجات الناجعة التي اتخذتها الحكومة الشرعية بتأييد ومباركة شعبية واسعة في اوساط اليمنيين بمختلف شرائحهم .. والذين ما فتئوا يثنون عليها ويشيدون بنشاطها واجراءاتها الحاسمة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وفق ما رصده «الحكمة نت»، وفي شتى المحافل والملتقيات والاماكن العامة .. حيث يصفون ما قامت به بأنه بمثابة المعجزة التي انقذت اليمن واليمنيين من كارثة كانت وشيكة محتمة .. مطالبينها بمواصلة مشوارها في عملية الاصلاحات والمعالجات تلك بما يضمن القضاء على مكامن الفساد وصون وحماية ممتلكات ومقدرات وموارد الدولة من العبث.
اعداد الموازنة العامة
وتعكف الحكومة الشرعية الوقت الحالي على اعداد الموازنة العامة للدولة للعام ٢٠١٩م، حيث شدد دلة رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك خلال اجتماعه امس باللجنة العليا لإعداد الموازنة .. على ضرورة اعدادها بالشكل المناسب وبما يتوافق مع حجم الايرادات، والتركيز على الإيرادات الضريبة والجمركية والنفطية للمساهمة في رفد خزينة الدولة وتعزيز الاقتصاد الوطني، والحرص على عدم تأثر الاقتصاد وسعر صرف العملة وأسعار السلع، ومراعاة بعض المتغيرات وخصوصيات مختلف المحافظات من حيث الجانب الجغرافي والمساحة وعدد السكان وغيرها من العوامل والمتغيرات.
وتجري الحكومة الشرعية مصفوفة الاجراءات والمعالجات والاصلاحات الاقتصادية هذه في ظل استمرار سيطرة مليشيا الانقلاب الحوثية على أجزاء من البلاد خاصة العاصمة صنعاء وبعض المحافظات واستيلائها على موارد تلك المحافظات وتسخيرها للمجهود الحربي وحرمان موظفي الدولة في تلك المحافظات من الحصول على مرتباتهم .. وأدى الانقلاب إلى تفاقم الآثار السلبية للعديد من المتغيرات المحلية القائمة وأهمها انخفاض إنتاج النفط وتوقف تصديره، وهو ما أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من العائدات النفطية وتحصيل الموارد المحلية غير النفطية، وغير ذلك من التأثيرات التي تنعكس سلباً على التوازن المالي والنقدي لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.