لم تكن كل الاحتفالات بالذكرى الأكتوبرية الرابعة والخمسين لهذا العام 2017 وطنية جامعة، بل كان بعضها موجه نحو خدمة أجندات بعيدة عن مفاهيم الوطنية ومبادئ الثورة التي حررت الأرض والشعب من الأستعمار، ومهدت لتحقيق الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو.
ثلاثة احتفالات أُقيمت في العاصمة المؤقتة عدن، الأول للشرعية التي تُحي المناسبة الوطنية كتقليد سنوي، وقد أقيم احتفال الشرعية في الكلية العسكرية بصلاح الدين في مديرية البريقة.
من جهتها أيضاً أحتفت قوى الحراك الجنوبي، والتي كفلت لهم الحكومة حرية أحتفائهم بهذا المناسبة، من خلال تصريح واضح لدولة رئيس الوزراء، الدكتور احمد بن دغر، في خطابه الذي ألقاه في أبين، حيث قال "لكم الحق ولنا الحق ذاته".
أما ثالث من أحتفى بالمناسبة فقد كان "المجلس الإنتقالي" والذي لم يهدف لإحياء قيم أو مبادئ الثورة الأكتوبرية لا من قريب ولا من بعيد، بل ركب على اسطوانته المستحدثة "القضية الجنوبية" ليستعرض عضلاته ضد شركاء القضية ذاتها، وضد الشرعية وضد الوطن واستقراره ووحدة شعبه.
لقد كان "المجلس الانتقالي" صاحب المحاولة الأكبر لتنظيم حشد مهيب يستقوي به ليس على خصوم بذات مستواه، وانما على الدولة بهيبتها، لكن الرد جاء من أرض الواقع، من الناس، ففي ساحة المعلا حيث كان الموعد، ورغم البربوجندا والإمكانات المادية الضخمة، كان الحضور مخيباً لأمال المجلس.
في هذا السياق يؤكد مصدر موثوق لـ "الحكمة نت" أن حضرموت وحدها تسلمت مبلغ 14 مليون ريال لنقل مواطنين حضارم، لاعتبارات تستهدف دولة رئيس الوزراء الحضرمي، الدكتور أحمد بن دغر، وفق رؤية منطلقة من مفهوم مناطقي ضيق.
من جهة أخرى تناقلت الوسائط العامة صوراً تبين أنه تم توزيع مبالغ مالية لحضور فعالية المجلس، في استغلال واضح لحاجات المواطنين ومعاناتهم جراء ظروف الحرب وتبعاتها الاقتصادية، فمهما بذلت الحكومة من جهود لاستمرار صرف المرتبات وتطبيع الحياة إلا أن الحرب تفرض معاناتها على الجميع، خصوصاً في بلد يعاني من أزمات كثيرة في الظروف الطبيعية ناهيك عن ظرف استثنائي كالحرب، الأمر الذي يستغله القائمون على المجلس الإنتقالي، ضاربين عرض الحائط بكل القيم الوطنية والإنسانية.
ومع ذلك كله، عبرت وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، عن تفاجئها بعد متابعة الحدث، فالحشود جاءت أقل بكثير من الحشود التي خرجت يوم الإعلان عن المجلس في مايو الماضي، ما يعكس تراجع شعبويته في أقل من عام.
ونقلت وسائل إعلام عن الناشط في الحراك، محمد دنبع، أنّ المجلس لم يقدّم لأنصاره أي جديد منذ تأسيسه، وظلت قياداته في الخارج بعيداً عن الجماهير ماتسبب في تراجع شعبيته.
ويتوقع دنبع أنه "في الفعاليات القادمة قد ينتهي الحال به إلى تنظيم فعاليات في قاعات مغلقة".
من جهة أخرى، انتقد البعض خطاب الانتقالي معتبرين أنه "ثورياً وحماسياً وبعيداً عن الواقع".
فيما اتهم المجلس أخرون بـ"المغالطة"، تعليقاً على ما جاء في كلمة الزبيدي من أن "لقاءات غير رسمية جمعت أعضاء المجلس بسفراء أكدوا دعمهم للمجلس"، حيث أن الموقف الدولي والإقليمي لا يؤيد قيام دولة جنوبية مستقلة، بل كيان سياسي تحت مظلة الدولة الاتحادية ونظام الاقاليم.
كما أظهرت كتابات لناشطين تابعين للمجلس الإنتقالي، انتقادات لخطاب المجلس، معتبرين أن الشرعية تحقق انتصارات في صراعها مع المجلس، حيث كتب الصحافي عدنان الأعجم، رئيس تحرير صحيفة "الأمناء نت" على صفحته في فيسبوك، أن "الشرعية اليوم انتصرت بعدن"، وأضاف "لم أعد أشعر بأي طعم لفعالية المعلا".
من جهته قال الناشط نصر الشاذلي، عبر صفحته "كنت في انتظار قرارات عيدروس التاريخية، ولكن بعد العرض العسكري اليوم بحضور بن دغر، لم أعد مهتماً، وقلبت القناة اتفرج فيلم لعادل إمام".