تزداد المخاوف يومًا بعد آخر، وتكثر ظلال الخوف على امتداد الشريط الساحلي للبحر الأحمر قبال سواحل الحديدة، يخاف الصياد اليمني من معلوم يربض في وسطه- سافيز- ، يواجه كل الصعاب التي تلاحقه بسبب المليشيات الحوثية وجرمها البائد، إنها حالة من الخوف تعتري الكثير من ابناء الساحل، إنهم يرقبون لحظة موتهم منذ تحركهم للصيد وحتى عودتهم للساحل، لا شفيع لهم لا في البر ولا في البحر، المليشيات الحوثية على الساحل وخصوصًا محافظة الحديدة، والسفينة الإيرانية "سافيز" وسط البحر، إنها تمخر خباب البحر وتمد المليشيات الحوثية بكم هائل من السلاح والعتاد، ناهيك عن الدعم اللوجستي وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

 ومعها تزداد حياة الصيادين بمحافظة الحديدة بؤساً مع استمرار سيطرة جماعة الحوثي على هذه المدينة الساحلية، حيث تشارك المليشيات الحوثية المسلحة الصيادين في خُمس المحصول، إضافة إلى رسوم تحت مسميات أخرى، وما بقي من إيرادات الصيادين تستهلكه المشتقات النفطية التي يزودون بها قواربهم، والتي يحصلون عليها بأسعار مضاعفة من السوق السوداء التي يسيطر عليها الحوثيين، ناهيك عن الخوف الذي يعتري الصيادين بسبب السفينة الإيرانية الرابضة قبالة سواحل الحديدة.

نار السفينة تكوي الصيادين

تتفاقم معاناة الصيادين في هذه المحافظة الساحلية يومًا بعد آخر، نتيجة أعمال العنف المتصاعدة في البلاد منذ نحو عام، وتوقف الكثير من قوارب صيد الأسماك التي تعدّ مصدر رزق للعديد من الأسر على امتداد الشريط الساحلي الغربي، ويسيطر الحوثيون على الحديدة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014م، وتعد واحدة من المحافظات اليمنية المهمة، خاصة في مجال الثروة السمكية كونها تطل على البحر الأحمر، وفيها يقع أهم مراكز الإنزال السمكي وتصديره.

حيث تقدمت الحكومة والتحالف أكثر من مرة لمجلس الأمن بشكوى ضد ممارسات النظام الإيراني بالمنطقة، ودعمها لميليشيا الحوثي، سواء بالأسلحة أو بالصواريخ أو بالخبراء، وأيضاً بتواجد سفن حربية بغطاء مدني منها سفينة "سافيز".

ويعيش الصيادون حالة خوف بسبب المؤشرات السيئة التي قد تفقدهم مهنتهم، ومن أبرزها انعدام المشتقات النفطية، وفرض رسوم جبائية من قبل الحوثيين يذهب بعضها إلى ما يعدّونه "دعمًا للمجهود الحربي".

الصياد محمد الخضر يقول إنهم يتعرضون لعمليات ابتزاز من قبل الحوثيين الذين يأخذون عنوة ما يفرضونه من رسوم، وأكد أن الكثير من زملائه الصيادين أوقفوا قواربهم وأصبحوا غير قادرين على مزاولة المهنة نتيجة ارتفاع سعر المشتقات النفطية والرسوم الكبيرة وقلة الإنتاج الذي لا يفي بمتطلبات أسرهم اليومية.

السفينة وموقعها

ترسو سفينة " سافيز" الإيرانية على أرخبيل "دهلك" بالبحر الأحمر، أو كما يطلق عليها السفينة "الأم" منذ 3 أعوام، والتي تبعد عن السواحل اليمنية مسافة 87 ميلًا بحريًا، إنها ترفع العلم الإيراني، ورغم مزاعم إيران أنها سفينة شحن تجارية، إلا أن أهدافها الخفية بدأت تتضح جليا في الآونة الأخيرة، ولم تترك إيران المياه اليمنية منذ بداية الأحداث، وهذا ما يجب علينا الوقوف تجاهه بعين الإنسانية والمنطق.

ولعل أكثر ما يقلق المجتمع الدولي هي التصريحات الإيرانية التي تأتي من كبار قادتها، ففي عام 2017م صرح قائد القوات البحرية الإيرانية "حبيب الله سياري" قال :إن سفينة لوجستية وأخرى للعمليات والمعلومات قد تحركتا باتجاه مضيق باب المندب والبحر الأحمر بهدف حماية السفن التجارية الإيرانية ومصالح إيران القومية، على حد وصفه".

ونقلت صحيفة "واشنطن بيكون"، عن مسؤولين أمريكيين، أن السفينة الإيرانية "سافيز" تحاول التعتيم على دورها العسكري في مساعدة المتمردين الحوثيين في البحر الأحمر، حيث تزعم إيران أن السفينة تستخدمها لنقل البضائع وعمليات الشحن، وذكر الموقع نقلًا عن أحد المسؤولين الأمريكيين  قوله: "إذا كنت تنقل بضائع فإنك لا ترسو في نفس المكان لأسابيع في كل مرة، ناهيك عن الرسو في منطقة حرب، حيث تشن المليشيات الحوثية هجمات صاروخية مستمرة ضد سفن أخرى".، مضيفًا، إن السفينة الإيرانية "سافيز"، تزود الحوثيين ببيانات استهداف في شن هجمات إرهابية ضد السفن، والتي ازدادت في المرحلة الأخيرة، بما في ذلك الهجوم في أواخر يوليو ضد ناقلة نفط سعودية، من قبل المتمردين الحوثيين.

ونقلت صحيفة "واشنطن بيكون" عن مسؤولين أمريكيين وخبراء عسكريين مطلعين، أن إدارة "الرئيس ترامب"، ستقوم باتخاذ إجراءات عقابية ضد السفينة "سافيز" المرابطة في نقطة الاختناق الرئيسية في البحر الأحمر.

من جانب آخر قال مدير خفر السواحل في مديرية الخوخة، بمحافظة الحديدة "فتحي المعلم"، "إن السفينة الايرانية سافيز قتلت وجرحت  100 صياد في الساحل الغربي خلال أربعة أشهر، وأن "ضحايا السفينة الإيرانية سافيز بلغ 40 شهيداً و60 جريحاً في صفوف الصيادين من الساحل الغربي، منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي". مشيرًا إلى أن هناك أضراراً متفاوتة في عدد من القوارب والزوارق البحرية، بسبب اعتداءات السفينة الإيرانية".

السفينة ونمط اعتدائها

لقد عمدت السفينة على استهداف الكثير من القوارب المدنية حسب الشهادات الموثقة منهم للاتحاد، إلا أن الضربات التي استهدفت السفن الحربية الأمريكية والسعودية والإماراتية في الفترة 2016م-2017م، تشكل حادثة "أرسان" واحدة من عدة تهديدات وهجمات شنها الحوثيون ضد سفن الشحن المدنية بالقرب من باب المندب والشريط الساحلي لمحافظة الحديدة، وقد تم الهجوم بواسطة مركب موجه عن بعد على ميناء نفط، 16 حزيران/يونيو 2017.
 
تمّ استخدام الزورق الموجه عن بعد المحمل بالمتفجرات والذاتي التوجيه من نوع "شارك - 33" الذي يمكن برمجته لتحديد هدف باستخدام أنظمة تلفزيون إلكترونية - بصرية، وفي هجوم غير ناجح على منشأة تحميل بحرية سعودية في جازان.

وكذلك عملية الاستهداف للسفينة السعودية المزدوجة الهيكل "البقيق" قبالة ساحل الحديدة، إما باستخدام القنابل الصاروخية أو الصواريخ التكتيكية، تم بالتنسيق والرصد مع سفينة " سافيز"،  ومع التهديد الحاصل كذلك أطلق الحوثيون ألغاماً منجرفة في باب المندب، طافت لمسافة وصلت إلى 90 كيلومتراً جنوب غرب عدن بعد عبورها عبر المضيق. 
ووفقاً لتقارير سنوية أعده فريق خبراء الأمم المتحدة حول اليمن، صدر في  كانون الثاني/يناير 2018، تم العثور على 44 لغماً بحرياً في البحر الأحمر وخليج عدن في عام 2017، من بينها أربعة تم تفجيرها باستهداف سفناً تجارية.

تُفيد بعض التقارير بأن الحوثيين ينتهكون باستمرار قانون النزاع المسلح من خلال إرغام متعهدي النقل البحري التجاري في المراسي في الحديدة والصليف على السماح لهم باستخدام الرادارات البحرية على متن السفن لمراقبة البحر الأحمر وإصدار بيانات مستهدفة.
وقال الخبراء إن الجيش الإيراني يستخدم السفينة "سافيز" على الأرجح لتزويد الحوثيين ببيانات استهداف من أجل شن هجمات ضد سفن الشحن، وقد تكون مراقبة السفينة عن كثب والتهديد بكشف دورها الاستخباراتي المشبوه كافيين لجعلها تغادر المنطقة.

 وفي المقابل، إذا تمكنت السلطات من إثبات تورطها في الأنشطة العسكرية، فقد يكون لديها الحجة للصعود على السفينة والاستيلاء عليها، الأمر الذي قد يوفر المزيد من الأدلة على انتهاك إيران لنظام عقوبات الأمم المتحدة ودعمها الهجمات ضد سفن مدنية.

الموت مصير كل الصيادين

يرى الكثير من الممارسين لمهنة الصيد أنهم يواجهون خطر الموت نتيجة لأي خطأ في المياه اليمنية، ويتحدث أحدهم نخاف حين ننطلق وحين نصل البحر، وحين نعود، وخلال وقفة احتجاجية نظمها صيادون وجمعيات سمكية في الخوخة جنوب الحديدة، للمطالبة بوقف تهديدات السفينة سافيز، أن "السفينة تشكل خطراً على حياة الصيادين وأمن واستقرار البلاد".

ناشد صيادو الخوخة في بيان "الحكومة والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بتحمل مسؤولياتهم والعمل على إبعاد السفينة الإيرانية عن المياه الإقليمية اليمنية ومياه البحر الأحمر، ووقف ممارساتها الاستفزازية بحق الصيادين، وتهديدها الأمني الصارخ والسافر للنشاط السمكي".

ويتحدث الكثير من الصيادين في اليمن على امتداد الساحل التابع للبحر الأحمر، عن مقتل 40 صيادًا وإصابة 60 آخرين، وقد أكد المعلومة مدير خفر السواحل في مديرية الخوخة، ويعتبر العدد الوارد في التقرير عددًا قابل للارتفاع نظرً للكثير من الحالات التي غيبت ولا يعرف عن مصيرهم شيء، لقد مارست السفينة الإيرانية دورًا بارزًا في اختطاف واخفاء الكثير من الصيادين، ويطلق عليها الكثير من الصيادين "الثقب الأسود" في إدارتها وعملها، فهي تقوم بدور الراصد والمنفذ والمنقذ، في وقت واحد؛ ترصد الصيادين وتنفذ عمليات للحوثين وتنقذهم في كثير من الأحيان.

سافيز الإيرانية، سفينة عسكرية إيرانية تحت غطاء تجاري، مسجلة في المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، ترسو في البحر الأحمر منذ 3 سنوات، وتبعد عن السواحل اليمنية مسافة 87 ميلًا، مجهزة بأربعة رشاشات عيار 50، وتحمل زورقين عسكريين و16 جهازًا للتنصت والاتصالات العسكرية، والزوارق العسكرية تتحرك باتجاه سفن إيرانية أخرى لحمل شحنات إلى السفينة الراسية.

مع كل هذه التفاصيل الواردة في التقرير يمكن أن الجزم بأن السفينة تمارس دورها المشبوه في تغذية الحوثيين في اليمن، وتمارس جرمها وبشاعتها في تهديد الصياد اليمني، وسجنه وإخفاءه بلا عودة.

المصدر: الوطن نيوز