«عُتمَهْ» بضم العين والتاء وفتح الميم وسكون الهاء بلدة طيبة خصبة من أطيب وأخصب مديريات محافظة ذمار وهي إحدى مديرياتها نقية الهواء كثيرة المياه باسقة الشجر كثيرة العزل والقرى.
ومن حيث موقعها يقول القاضي والمؤرخ العلامة اليمني إسماعيل ابن علي الأكوع رحمه الله صـ 199 هامش : من كتابه مجموع بلدان اليمن وقبائلها: عتمه ناحية تقع ما بين مغرب عنس شرقاً ووصاب غربا وهي في زماننا الحاضر من أعمال ذمار «المحافظة» .. وكانت في الماضي من أعمال وصاب ، وفي معجم البلدان للحموي : عتمة مضموم العين والتاء حصن في جبال وصاب من أعمال زبيد وعتم بضم العين وسكون التاء وضم الميم حصن في جبل وضرة وأما عتمان فهي من عزل المنار من مديرية أنس.
وعتمة من الأسماء تذكر وتؤنث وعتم من الأسماء كذلك يقول المؤرخون ومنهم الحجري وهو يتحدث عن ذي رعين من بلاد يريم : وذو رعين الأصغر هو شراحيل ذو رعين الأصغر ابن عمر ابن شمر ابن شراحيل ابن معد يكرب ذي عتم ابن الغوث .. ومن أعمال ذمار بنو النجحي وبنو العتمي.
وعتمه قرية في بعدان من محافظة إب حاليا وهي من محافظة المحويت وقرية من عزلة بني سارع ومن بنو سارع كما يقول: بنو الأحمر وبنو زياد وعتمه . وفي محافظة صعدة : بنو الشريفي من صعدة ومنهم قبائل عتمه ومشائخها.
وجاء في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب لأبي الفوز البغدادي الشهير بالسويدي قوله : العتم بضم العين المهملة وسكون المثناه الفوقانية وضمها وبنوه حي من سعد هذيم قال أبو عبيد : وهم في بني عذره والعتم في أصل اللغة إسم لشجر الزيتون البري ثم نقل وسمي به الرجل وهذا ما قاله الجوهري.
وعتمه الكبرى أطلقت عليها هذه التسمية لأنها كما اسلفت لا يوجد عديل لها سوى قرى وحصون في بعض محافظات الجمهورية وهي بلدة زراعية كثيرة الشجر وأفرة المياه دائمة الخضرة تعيش على أرضها الأرانب والقرود والفهود وأنواع الطيور فخضرتها وأشجارها الباسقة المتنوعة ذات الغصون المتشابكة وجبالها العالية كل هذه الصفات مجتمعة أهلتها لأن تكون أولى محمية في الجمهورية اليمنية وأعلنت محمية طبيعية بقرار مجلس الوزراء رقم (731) من عام 1999م.
عتمه وجهة رئيسيه لعشاق جمال الطبيعة خصوصا في فصل الصيف والربيع التنوع البيئي والحيوي اكسبها طبيعة خلابه ومعلم سياحي فريد يأسر القلوب .. وهذا الكلام يثلج صدورنا وترتاح إليه نفوسنا وعلى النقيض من ذلك أيقظ ضمائرنا وألم قلوبنا الاعتداء على المحمية ومبانيها من قبل بعض أبنائها دون مبرر .. وهنا أهمس في أذن كل شريف ووطني من أبناء عتمة بالحفاظ على سمعة المحمية واشجارها ومبانيها والتعاون في حماية زائريها لتبقى عتمه محميتها الطبيعيه وجهة السائح وقبله الزائر الداخلي والخارجي.
التنوع الزراعي
الشجر والزرع متنوع في محمية عتمه : وهي في الأصل زراعية لكل أنواع الحبوب والبقول والحمضيات والبن والأشجار الكثيفة والمتنوعة والمعمرة منها .
ومن مميزاتها أن خضرتها وأشجارها تكسو وديانها وسهولها وجبالها وفي فصل الصيف تتحول المديرية بأكملها بعزلها وقراها وسهولها وجبالها إلى محميه كبيرة وإلى مناظر خلابه جميلة وساحره طيبة النسيم وأشجارها المعمرة تبدو للناظر والسائح والمتنزه بين خمائلها وكأنها أبراج شاهقة ومع ذلك تظلل المساحات الواسعة من أراضيها تجذب الناظر وتسر الخاطر وتأخذ بلب وفكر السائح والزائر وتهب عليها الرياح الطيبة التي تحمل معها النسيم الجميل ومعه عبق البن وروائح الزهور وأنواع الورود تحت أديم السماء الزرقاء في وديانها وجبالها الساحره.
خضرة فريدة
والأشجار عموما بأنواعها وخضرتها جمال فريد ولها فوائد لا تحصى منها الدواء ومنها الغذاء وأخشاب البناء تلطف الأجواء ويستظل الجميع بظلالها وهي مصدر الأكسجين النقي وتمتص ثاني أكسيد الكربون والشجر من النعم ذكر في القران في أكثر من موضع قال تعالى(وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع والزيتون مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره وآتوا حقه يوم حصاده) والسنة وفي الحكم والشعر . أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين عند تفرق وأصحابه أثناء المعركة مع الكفار قائلا للعباس أن ينادي أهل الشجرة.
وهي الشجرة التي بايعوا رسول الله تحتها فعادوا جميعا وجاهدوا وجالدوا بالسيوف حتى تم لهم النصر .. وفي خلافة أبا بكر الصديق احد العشرة المبشرون بالجنة كان يودع جيوش المسلمين ويوصيهم بقوله : لا تعقروا نخلا ولا تقطعوا شجرة مثمرة .. وحظيت شجيرات تهامة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند توزيعه للغنائم على المجاهدين قائلا : فو الله لو كان لي بعدد شجرتهامه نعما لقسمته عليكم .. وكان سخياً كريما حتى أنه أعطى مائة من الإبل لشخص واحد هو عيينه ابن حذيفة الفزاري.
عتمه عبر التاريخ
مديرية عتمة الكبرى : تاريخية وعزلها وقراها وحصونها كذلك ولعزلها أشباه في بعض محافظات الجمهورية منها عزلة: «عزلة بني عبد الصمد - بني بعيث - بني بحر ـ و بني أسد ـ وربيعه ـ بني الزكريء» .. كبيرة بني بحر من عزلها ذات الكثافة السكانية والقرى الكثيرة يقول الحجري والأكوع بني بحر وفيها عزلة أبزار ينسب إليها حمير ابن أبزار وأما مسجد الأبزر فمن مساجد صنعاء وبناؤه يعود للأمير اسكندر ابن حسام الدين الكردي .. وأما بنو الزكري فعزلة أيضا من مديرية عتمة متصلة بجبل بني بحر وبنو الزكري من بلاد يريم وإليهم ينسب رباط الزكري .. ويقول القضاعي في خططه صـ 279 : وبنو بحر من الأزد وقيل بنو بحر من لخم بضم اللام وفتح الخاء وسكون الميم وقيل من غسان نزلوا مصر واختطوا بها.
طبيعة ساحرة
وكبيرة من عزلة عتمه من حمير الوسط قيل فيها شعرا في خلاف نشب بين ابن معوضه ونفوذ النقيب أحمد شريان والشعر ينسب للقاضي العلامة عبد الرحمن الأنسي وفيها يقول : يا صاحب الشرم اتزن الميزان وأحسن كبيره في العيون صغيره والحقيقة التي نقولها أن عتمة كبيرة وجميلة وساحره بطبيعتها وكرم أهلها وهي وجهة السائح وقبلة الزائر.
اشهر القلاع والحصون
أشهر قلاع وحصون وأودية مديرية عتمه : قلعة الحقيبه وتسمى قلعة بني أسد وبداخلها وحولها من المدافن وبرك المياه ثلاثمائة وستون وأما قلاعها فأشهرها قلعة سماه وقلعة أبزار وقلعة المقنزعه وأهم أوديتها وادي ذران ووادي النار ووادي وجيس ورماع المشترك بينها وبين محافظة ريمه ومديريتي وصابين ومياهه تتجمع وتصب في البحر الأحمر وأما حصون مديرية عتمة فكثيرة أهمها حصن المنظوف في سماه وحصن حيد في بني سويد وحصن الذاهبي وحصن بني معوضه وحصن الحوادث والقَبَل.
اولى المحميات الطبيعية
هذه هي عتمه ومحميتها الأولى في يمن الإيمان والحكمة ومن أراد أن يعرف تاريخها وأثارها وجغرافيتها وموقعها بتوسع أكثر فعليه العودة إلى كتابنا «محافظة ريمة الكبرى الناشئة البلدة الطيبة السياحية نقية الهواء معتدلة المناخ جيدة التربة» .
وفيه أفردت لعتمه ومحميتها الطبيعيه مبحث خاص وتحدثت عنها بإسهاب وبتفصيل ومع ذلك لم أعطيها ما تستحقه كاملا لأنها ما تزال بكر وأثارها لم تنقب بعد.
قالوا عنها:
وعتمة ومحميتها زارها الشاعر السوري سليمان العيسى وحل ضيفاً على أهلها المتصفون بالكرم والخلق وجادة قريحة الشاعر الزائر والسائح بالشعر الجميل نقتطف منه الأبيات التالية لتكن خاتمة هذا الحديث عن عتمه ومحميتها الطبيعية . يقول الشاعر: «يطيب الشعر في عتمه وأنت تصافح القمه .. وتنشر نسمة عذراء لتملأ صدرك النسمه .. منازلها وكور النسر تهوى فوقها القمه .. ونلثمها لنتركها على أوتارنا نغمه ..نعود إليك يا وطن الجمال البكر يا عتمه».