إيهاب الشرفي - خاص - الحكمة نت
شهدت اليمن في الأيام القليلة الماضية موجة إرتفاع حاد بأسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني ، وصل فيها الدولار الواحد سعر تاريخي غير مسبوق بواقع 830 ريال لكل دولار واحد ، فيما وصل سعر الريال السعودي لأكثر من 220 ريال ، وصلت ذروتها يوم الإثنين الماضي ، قبل ان تجري الحكومة الشرعية جملة من الإجراءات الوقائية ، التي أدت صبيحة اليوم التالي إلى عودة أسعار الصرف الى ما كانت عليه الأسبوع المنصرم .
في الوقت الذي كشف فيه صيرفين في العاصمة صنعاء وعدن ، عن معلومات و حقائق خطيرة ، حول قيام قيادات و أعضاء في جماعة الحوثي بصنعاء و المحافظات الخاضعة لها ، بشراء ملاين الدولارت من محلات الصرافة ، وعمليات ممنهجة لتفريغ السوق المحلية من النقد الأجنبي ، كذالك فعل قيادات و أعضاء ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن و المحافظات الجنوبية الاخرى .
صاحب هذه الموجة الكثير من التكهنات و التفسيرات حول أسباب الإنهيار المتسارع للريال اليمني في ظرف أقل من 4 أيام ، وعجز الحكومة عن إيجاد الحلول المناسبة للمشكلة ، في ظل الحرب المستمرة لأكثر من ثلاثة أعوام ، تسببت بالكثير من الكوارث الإنسانية في بلد يعد من أفقر بلدان العالم .
وفي هذا الصدد التقينا بالأستاذ الدكتور "محمد قحطان" أستاذ علم الإقتصاد بجامعة تعز ، الذي قال في تصريحاته ل"الحكمة نت" "لاشك بأن إنهيار سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأخرى (الدولار الأمريكي والريال السعودي) يؤدي إلى إرتفاع متسارع في أسعار السلع والخدمات وبالتالي ضعف القوة الشرائية للأسرة اليمنية والمزيد من سوء المعيشة ومضاعفة معاناة الناس بسبب استمرار الحرب .
وعن أسباب إنهيار الريال المتسارع يؤكد "قحطان" بأن هناك أسباب كثيرة ومتنوعة ، يمكن أيجاز أهمها في النقاط التالية :
1 - توقف عملية الإستثمار وانفلات مؤسسات الدولة المختلفة واهمها الأوعية الايرادية للدولة .. 2 - انهيار قطاع الصادرات وبالذات صادرات النفط والغاز .. 3 - عودة أعداد كبيرة من المغتربين اليمنيين من السعودية بصورة قهرية .. 4 - استمرار سفر اعداد كبيرة من المواطنين لأسباب عديدة أهما التداوي والمنح الدراسية وغيرها من الأسباب .. 5 - عجز الحكومة في تسديد رواتب الموظفين والعمل بأسلوب التمويل التضخمي لمواجهة هذا المطلب .
وأضاف قحطان قائلا ان من الأسباب الرئيسية لإنهيار الريال اليمني ، تعطل مصافى عدن وشركة النفط اليمنية وتضائل التدفقات النقدية بالعملات الأجنبية من الخارج للداخل وبالمقابل زيادة الطلب عليها ، وانهيار الجهاز المصرفي ، و كذا قيام أطراف محلية و خارجية بتفريغ السوق المحلية من النقد الأجنبي لأغراض سياسية ، وغيرها من الأسباب ، التي أدت مع مرور الزمن إلى التدهور ثم الإنهيار للوضع الاقتصادي ، ومن مظاهره الانهيار الكبير والمتسارع في سعر العملة الوطنية.
ويرى "قحطان" أن معالجة هذا الوضع الإقتصادي الذي يهرول نحو الإنهيار ، ينبغي على الحكومة أن تواجه هذه الأسباب وبنفس الوقت معالجة الوضع السياسي و الأمني المتدهور والتسريع بتفعيل وزارات ومؤسسات الدولة والعمل بأسلوب التخطيط أثناء الحرب والتسريع بوضع نهاية للحرب القائمة ..
مضيفا ، بإعتقادي لن يتم ذلك إلا أن يتم معالجة لعلاقة بين التحالف العربي الداعم للشرعية مع السلطة الشرعية والعمل بإرادة واحدة من أجل مواجهة الإنقلاب وإثارة وإستعادة الدولة واعادة بنائها طبقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمرجعيات الإقليمية والدولية المتفق عليها منذ مابعد ثورة فبرير 2011م.
من جانبه المهندس "يسري الأثوري" في تصريحاته ل"الحكمة نت" قال "يتضح جلياً من خلال الإنهيار المفاجئ والسريع في سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار بأنها عملية مفتعلة ، فرغم الإنهيار الكبير الذي تعرض له الريال اليمني منذ بدء الحرب الإ إن انهيار الاخير كان كبيراً وبشكل يؤكد انها أزمة مفتعلة من قبل جهات تضارب بالعملة ولها مصلحة في انهياره ، مشيرا إلى أن هناك مخاوف من إستمرار إنهيار الريال ، كون البلد تعيش حالة حرب وفوضى وتوقف شبه كامل لتصدير النفط والغاز الذي يعد المورد الأساسي للعملة الصعبة.
واستطرد "الأثوري" قائلا "على الحكومة والبنك المركزي ومختلف الوزارات الجهات المختصة العمل بشكل حثيث على تطبيق توصيات اللجنة الاقتصادية، كما يجب إصدار قائمة بالمنتجات التي يمنع استيرادها مثل السيارات وادوات التجميل والمشروبات الغازية وبعض الاجهزة الالكترونية والرفاهيات والمنتجات الزراعية التي تتوفر لها بدائل محلية".
مشيرا الى أن الحكومة الشرعية عليها مسؤولية كبيرة ويجب أن تقوم بدورها بتحصيل الايرادات بالشكل الصحيح وتجميعها الى البنك المركزي بعدن، والبدء بإيجاد المعالجات والموارد لتحسين وضع الريال اليمني لأن تأثيرات إنهيار العملة كارثية على المواطن ، والإسراع بإعادة تصدير الغاز وايجاد حلول لتصدير نفط مأرب".
أما الشيخ القبلي "عارف بن علي جابر" يرى في حديثة ل"الحكمة نت" ، أن الحرب هي السبب الأول و الأساسي في إنهيار الوضع الإقتصادي و الإنهيار المتسارع للريال اليمني و القيود المفروضة من الاخرين ، ترتب عليها تدني الصادرات وبالتالي العائدات من العملة الصعبه ومنها تصدير الغاز والنفط.
وقال عارف ، أضف إلى ذلك ماتعرض له المغترب اليمني في الجارة الشقيقة من تهجير قسري وفرض ضرائب أثقلت كاهل من تمسك بالبقاء وبالتالي قل حجم الحوالات المالية إلى حد كبير ، مشيرا إلى أن الحكومة ليس بمقدورها إنتشال الريال مالم تتدخل دول التحالف العربي وبرغبة اكيدة في تعزيز الوضع الإقتصادي في اليمن .
المحامي و الناشط السياسي "علي الصراري" وفي تصريحاته ل"الحكمة نت" ، أكد أن اليمن مرت بمرحلة مخاض متعسرة ، ما إن تخرج من أزمة إلا و أنصدمت بأخرى ، فمليشيا الحوثي الانقلابية لم تترك انتهاكا الا وقامت بارتكابه ، مشيرا إلى أن اليمن تجاوزت أصعب المراحل للخروج من هكذا وضع تسببت به المليشيا الانقلابية ، لكن الامر الجلل والذي وصل إلى أزمة إقتصادية خانقة تهدد بالمجاعة .
وعن أسباب إنهيار الريال يرى "الصراري" أن الحكومة عملت على وضع حلول عاجلة بناء على تكليفها من رئيس الجمهورية "عبده ربه منصور هادي" و استخدمت شتى الوسائل بقصد إنقاذ تدهور الريال ، لكن ثمة أمور أخرى تقف حجر عثرة أمام جميع المعالجات ، أبرزها بحسب "الصراري" ،السوق السوداء في البيع والشراء والذي تنتهجه مليشيا الانقلاب باليمن ، توقف تصدير النفط والغاز ، وعدم السماح بذلك من قبل دول التحالف التي تفرض حصار بري وجوي وبحري ، وكذا بروز مليشيات مسلحة مدعومة من دول أجنبية مناهضة للحكومة في المناطق المحررة ، و عدم الانصياع من قبل المليشيا لخطط الحكومة الشرعية في الجوانب المالية .
مشيرا إلى أن كل ذلك وغيره من الأسباب مساعد قوي في إنهيار العملة الوطنية ، وعليه فإننا نطالب دول التحالف بأن تكون شريكة لنا في بناء الإقتصاد اليمني وليس في تدميره وبالتالي فإن معالجة تدهور الريال معناه إستقرار اليمن ، و إستقرار اليمن يعني إستقرار المنطقة برمتها.
الشيخ "محمد قناف قحيط" ، يرى في حديثه ل"الحكمة نت" أن أسباب الانهيار المتسارع للريال اليمني يعود الى إطالة أمد الحرب ، و فرض قيود على الصادرات اليمنية من الموارد السيادية ، و تضأل الواردات من النقد الأجنبي و طرد المغتربين اليمنين و إعادتهم لليمن ، بالإضافة إلى أن هناك اطراف دولية تسعى لتدمير الحكومة و تمكين مليشيات مسلحة من الحكم في اليمن ، لتسهيل السيطرة على السيادة الوطنية .
مشيرا إلى ان الحكومة الشرعية تبذل كل الجهود لمواجهة التحديات و الصعوبات التي فرضتها الحرب في اليمن ، من بينها الجانب الإقتصادي ، إلا أن الأمر برمته خارج نطاق سيطرتها و امكانيتها في ظل الوضع الراهن ، وأعتقد أن الجميع يدرك ذالك .
الصحفي والناشط الحقوقي "حكيم المحرابي" قال في حديثه ل"الحكمة نت" ، ليس هناك أدنى شك أن الحروب تُخلف ويلات وكوارث سياسية واقتصادية واجتماعية يتحمل المواطن العبئ الأكبر منها أهمها إنهيار الإقتصاد الوطني وعلى رأسه العملة المحلية ، مشيرا إلى أن هناك إنهيار متسارع ومخيف للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية شكل هاجس وقلق كبير لدى المواطن البسيط الذي يرى أن الحرب أهم أسباب هذا الانهيار .
ويرى "المحرابي" أن أسباب الإنهيار المتسارع للريال اليمني في الآونة الأخيرة ، توسع رقعة الحرب و إستمرارها لفترة طويلة دون عمل محددات وبدائل إقتصادية ، أدى إلى تفاقم المشكلة بفعل إستمرار الحرب وفرض الحصار على الصادرات ، و تمكين الحوثيين من السيطرة على موارد عدة محافظات منها الحديدة و مينائها الإستراتيجي ، و كذا إغلاق منافذ اليمن الجوية البرية والبحرية تحت رعاية الأمم المتحدة .
و اضاف "المحرابي" أن هناك اطراف تعزز إنهيار الريال اليمني لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ومادية لتوسيع رقعة وجودها على حساب الشعب اليمني ، و إضعاف الحكومة الشرعية وتقليص خيارتها تجاه إيجاد أي حلول من شأنها تعزيز الإقتصاد الوطني ، بالإضافة إلى الإيعاز لأطراف محلية سحب العملات الصعبة من السوق المحلية لخلق ازمة إنهيار أسعار الصرف ، رغم محاولات الحكومة كبح جماح تلك العصابات التي تفتعل الازمة مؤكدا انها عاجزة أمام كل تلك التحديات والمشاكل الاقتصادية.
ويرى "المحرابي" ان حل هذه الأزمة لا يمكن إلا بفتح المنافذ الجوية والبرية والبحرية وتطبيع الحياة في المناطق المحررة عن طريق عودة الحكومة الشرعية كاملة إلى العاصمة المؤقتة عدن وعقد مجلس النواب جلسات مستمرة و تفعيل ميزانية الحكومة و فتح مجال التصدير ل(الغاز والنفط والموانئ الاستراتيجية و استغلال الثروة السمكية و الموارد الاخرى التي تزخر بها اليمن )
هذا وكان عضو اللجنة الاقتصادية أحمد غالب أحمد، قال في وقت سابق أن أسباب تدهور العملة وارتفاع الأسعار في المواد الأساسية إلى عدم سيطرة الدولة على مرافقها ومواردها السيادية واصفا إياها بأن: “يدها مغلولة من أي فعل” ، مؤكدا أن “الازمه أكبر من اللجنة الاقتصادية والحكومة بل والدولة بكامل أجهزتها، الازمه ليست اقتصاديه فحسب بل اقتصاديه وسياسيه وأمنيه”.
وأضاف في منشور على صفحته بالفيس بوك “في ظل انشطار المؤسسات السيادية وتعارض السياسات التي تتعامل مع اقتصاد واحد وعمله واحده تبقى اي إجراءات (غير التدخل المباشر الذي تفتقر اليه الدولة بسبب عجز الموارد) مهما كانت نجاعتها محاولات للإصلاح ليس الا ومن باب اذا لم تنفع لم تضر” ، مشيرا إلى أن تعطل أدوات السياسات المالية والنقدية أدى إلى “الفجوة الكبيرة ببن الموارد والالتزامات وبين العرض والطلب من النقد الأجنبي” ، مشيرا إلى إن الوضع في اليمن “يحتاج تدخل إسعافي عاجل من الاشقاء ومحبي اليمن كما رأيناه مع دول شقيقه أخرى أوضاعها أفضل منا ولا تعاني ما يعانيه اليمن من حرب ودمار”